كحال قوى الاحتلال لا يمكن لكورونا أن يترك حملته دون ترك بصمات واضحة، على قدرته الفائقة وغير المسبوقة وتفوقه بشدة الهجمات والفتك وعمق التغلغل والإكتساح واكتساب عملاء يعتاشون على فضلاته من ضعاف النفوس..
بالإضافة لاستخدامه كل الأساليب الدنيئة للتعذيب وإزهاق الأنفس وإيقاف عجلة الحياة وشل الاقتصاد العالمي بشكل كبير، أحدثت جائحة كورنا تغييرات في سلوك البشر وفرضت قانونها المجحف في بسط نمط حياة جديد لم نعتد عليها قبل غزوه.
أقرت الدولة وكنوع من الوقاية حضرا للتجوال، وتقييد لحركة الناس ومنع التجمعات والتزاور ومنع المناسبات الدينية والاجتماعية، وأوقفت العمل بالدوائر الحكومية والمدارس والجامعات، وطبقت حضرا أمنيا بحتا من خلال قطع الطرق والجسور وفرضت غرامات مالية على المخالفين.. لكن كل هذه الإجراءات كانت إعلامية فقط!
عند تجوالك في شوارع وأسواق بغداد والمحافظات، تجدها مكتظة بالمارة والسيارات ولن تجد للحضر تطبيقا سوى في الإعلام فقط، نشرات خلية الأزمة تعلن عن أرقام مخيفة للإصابات والوفيات، وكثيرا من المواطنين لازال مشككا بوجود المرض أصلا، بل والأدهى من ذلك يتحدثون عن تعاطي مبالغ مالية كبير من أجل تسجيل إصابات وأرقام وهمية بالمرض، فهل لازالت الوقاية خيرا من العلاج في ظل الظروف الحرجة التي تعيشها البلاد؟!
التمرد على الأنظمة والقوانين التي أعتادها الناس نتيجة ما بعد الاحتلال، وعدم وجود رادع وحماية للقوات للأمنية في حالة أصرت على تنفيذ مقررات خلية الأزمة، وضعف المنظومة الصحية مع تبجيل وشكرا لما يقوم بيه الجيش الأبيض من جهود نعجز عن شكرها، ناهيك عن قلة الوعي المجتمعي وتهاون الأعلام في إيصال حقيقي هذا الوباء بشكل سريع ومبسط للناس، بالإضافة إلى عدم قدرة الحكومة على معالجة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد والضغط على الطبقات الدنيا من خلال الرسوم والضرائب والاستقطاعات من الرواتب، وعدم إيجاد حلول للطبقات الكادحة والعاملة بالأجر اليومي، فكان إلزاما على الحكومة إيجاد العلاج بدل الوقاية كونه أفضل طريقة للإخلاص من هذا الوباء، لتعود الحياة لسابق عدها دون أضرار أو ضرر.
أما إذا أصرت الحكومة على تطبيق مبدأ الوقاية خير من العلاج ، فعليها التزامات يجب تطبيقا، والتحرك وبشكل سريع لإيجاد حلول أولها اقتصادية وعدم استفزاز الطبقات الفقيرة والضغط عليها ، وتطبيق حضرا وقائيا وليس أمنيا من خلال النزول إلى المناطق السكنية وأجراء فحوصات ميدانية ، ودعم القوات الأمنية وحماية منتسبيها من خلال فرض عقوبات صارمة للمعتدين على المنظومة الأمنية، إيصال مساعدات سريعة للعوائل عديمة الدخل لطمأنتها على قوتها اليومي، إيصال رسائل إعلامية متزنة وواعية لنشر ثقافة انتشار العدوى بين الناس، وبذلك نتجنب الانهيار الصحي لأسامح الله ونعيد تطبيق الحكمة الوقاية خير من العلاج عمليا.