3 نوفمبر، 2024 12:24 ص
Search
Close this search box.

مسلسل موجة حارة ..كسر للمحرم ( التابو ) العربي

مسلسل موجة حارة ..كسر للمحرم ( التابو ) العربي

واحد من اقوى وافضل المسلسلات التي عرضت على الشاشة العربية ،وتحديدا في شهر رمضان .. مسلسل متكامل ورائع من ناحية الشكل والمضمون ، وقمة في طرح موضوعات تعد من المحرمات ( التابو ) الاجتماعية ، هذه الرائعة هي  للمخرج محمد ياسين عن رواية اسامة انور عكاشة( منخفض الهند الموسمي )، وما ادراك ما عكاشة, انه مدرسة بحد ذاته في كتابة الدراما العربية ، لا نحتاج الى ذكر رواياته التي مثلت واخرجت على يد كبار المخرجين واشهر الممثلين وتركت اثرا كبيرا على مستوى الدراما  ، فالرجل نقلها  من الرومانسية الى الواقعية ، الى قساوة حقيقة الواقع العربي.
يبدأ المسلسل بمقولة : نعيش يوميا واقعا يفوق الخيال بقسوته .. لسنا نحن صناع تلك القسوة ، لكنها الحياة. وهو مدخل اريد به النفاذ الى الواقع الانساني بصورة عامة والعربي بخاصة, هو واقع قاسِ تسود فيه قيم الغاب ، القوي يأكل الضعيف والثري ينهش لحم الفقير,  والحاكم (السلطة)  تنهش لحوم المحكوم ( الشعب) ، وهكذا هي الحياة ، فيها الغالب وفيها المغلوب ،وعادة الغالب فيها السلطة  والثري ، والمغلوب هو الشعب  ،لا سيما الفقراء منه .
المسلسل يناقش القيم الاخلاقية في المجتمع العربي بكل جرأة ،من خلال سلوك المرأة وارتباطه بمفهوم الشرف. يشي لنا ، على وفق االميثولوجيا الدينية ،بأن امنا حواء هي ومنذ الخليقة كانت رمزا للفجيعة والدمار، هي تفاحة الخطيئة ، لكنها امنا ، وهي يبنوع الخيانة و مصدرمن مصادر البلاء اذا ارادت ان تسيء, وهي الأمان والطمأنينة ، بيدها تحطيم المجتمع و تدميره اذا هي قررت ذلك وهي افضل من يصونه ويبنيه ،  واذا فكرت  في الخيانة لا يتفوق احد على المرأة في تفننها  بذلك الا ابليس وقد يقول الاخير (فاقتني), وهي اخلص شريك وأجلدهم واكثرهم تحملا اذا كانت شريك العمر،  لكن في ذات الوقت ، هي الام رمز الحنان والطيبة والتضحية ، إلا ان هذا ليس له علاقة بسلوكها الاخلاقي،  قد تكون هي هكذا وهكذا، فالزوجات الخائنات عادة يكنّ امهات ويحببن ابنائهن ولكنهن يخن ازواجهن بكل جرأة وخسة،  يفترض ، والحال هكذا ، ان لا تعطى صك البراءة.
من هنا ينطلق الكاتب المبدع عكاشة ، في ابراز ظواهر اجتماعية تعبر عن الانحراف  والرذيلة والانحطاط الاخلاقي ، لكن هذه المرة بطريقة مختلفة عن الطرح التقليدي لنقد هذه الظواهر وسمته خنق صوت الآخر ، الرذيلة ، التي نراها نحن رذيلة ، لكن من يمارسها  قد لا ينظر لها بهذا المنظار. عادة في المجتمعات العربية يتم دفن الرذيلة الاخلاقية اجتماعيا في مقبرة الصمت ، لتصبح المسكوت عنه ، لكنها حقيقة واقعة يتم الهروب منها ، تحت عنوان مجتمع عربي واسلامي طاهر وفاضل  ( يوتوبيا )، لا توجد فيها اية مظاهر سلوكية منحرفة حادة وخطيرة ، فنحن في مجتمع محافظ اجتماعيا ودينيا.
بينما في موجة حارة يتم فضح هذا المجتمع ، واظهار حقيقة ما يجري من انحرافات خطيرة ، لكنها ، في النهاية ، هي سلوك انساني ، والبشر ليس ملائكة ، لاسيما ، المرأة . والبعض منهم يغوص في مستنقع من الخطايا، لكن ينبغي علينا ان نسمع صوت هذه الخطايا ، وليس خنقها اجتماعيا ، لنعرف لماذا تخون المرأة زوجها وهي ام حنون لاطفالها ؟ ولماذا تصبح عاهر او مومس  ولماذا يصبح الرجل قوادا ؟   وكيف يشتري الرجل الشرقي الثري لحم المرأة ، شرفها ، ويتلذذ في طهيه  ومن ثم مضغه ولكنه لا يبتلع ، هذا اللحم ، بل يبصقه في الارض ويسحقه بجزمته . وحتى الرجل الفقير ايضا يحاول ان يأكل هذا اللحم ، انها المرأة ، انها… الجسد  . هنا تكمن خطيئتها والتي تجر معها كل الخطايا . هناك مقولة تفيد ان الأسد خلق الغزال ، خلقها ليأكلها!!
تدور احداث المسلسل من خلال بطلها ” اياد نصار ”  الذي  أبدع في اداء دور  ” سيد العجاتي ” ضابط مباحث الآداب الذي يرى ما لا يراه الكثيرون.  فبحكم عمله يرى المجتمع من نافذة  قد تختلف عن نوافذ البشر العاديين. فعنده ، ان هناك ، في مجتمعاتنا ، تدفق  للرذيلة اكثر من الفضيلة ومنبعه المرأة  ، اذ سنشاهد كيف ان الرذيلة تزحف الى  اسرة صديق العمر والمهنة انه كمال ، ضابط مباحث الآداب ، وايضا يصل هذا الزحف الى  ام  شاهنده زوجة سيد العجاتي ، التي يظهر القواد الكبير حمادة غزلان في احدى حفلاتها العائلية كضيف يحاول ان يتاجر بلحم ابنتها شاهنده مع رجل كبير في السن لكنه ثري من مال الحرام  ، والأم كانت تحاول دفعها دفعا للارتباط بهذا الثري ،وحتى افكار وسلوك اختها الصغرى يبدو وكانها مهيأة للانحراف بسب طريقة تفكير الأم . كل هذه التعقيدات تنعكس  على علاقة سيد العجاتي  بزوجته شاهنده ، والتي مثلت هذا الدور ببراعة الممثلة رانيا يوسف ، ناهيك عن  الفوارق الاجتماعية بين عائلة الزوجين  التي تطفو الى السطح . شاهنده ، من عائلة ثرية  ومنفتحة حد الفلتان ، بينما ،هو ، من حي شعبي ومن عائلة متوسطة  الدخل ولكنها تحمل اسم عائلة معروفة وعريقة تلقب بالعجاتي  .
الصراع بين ، هي ، وهو ، صراع المرأة والرجل ، بين الافعى والاسد ، بين الحمل والذئب،  بين الطهارة و الرذيلة ، بين الوفاء والاخلاص وبين الغدر والخيانة ، بين الواقع والمثال ، بين الرغبات المادية والشهوات الغريزية  وبين التعفف وتهذيب النفس ولجمها  ، بين لذة الحرام لانه يمارس بشح وندرة وبين ملل الحلال بسبب التخمة والتكرار .  يعطينا المؤلف عدد من اشكال هذا الصراع ، اما بالاستسلام وهزيمة النفس البشرية في صراعها مع الشهوات والغرائز والبهرج الكاذب لمغريات الحياة المادية  والرغبات المبالغ بها  مثلما حدث مع  رغبات ليلى ، زوجة ضابط المباحث كمال وهي صديقة شاهنده ايضا ، وكيف ستوصلها تلك الرغبات والمغريات المادية الى نهايتها المأساوية ، الانتحار ، بعدما انهزمت شر هزيمة في هذا  الصراع ، سنتكلم عن هذا  الصراع لاحقا ،  او مثل  صمود شاهنده ، مع نفس صراع المغريات المادية ، ولكنها على عكس من صديقتها ليلى ،تنتصر على هذه المغريات ، لتصبح رمزا للمراة التي تقاوم كافة الضغوطات الاجتماعية  والمادية والمعنوية  ، فزوجها سيد العجاتي ، يعاني من العقم ، وهي تحاول ان تظهر امام المجتمع ، لا سيما  امام ام سيد  زوجها، بانها هي السبب في عدم الانجاب ، وايضا حينما يحاول حماد غزلان ، القواد ، جسد دور هذه الشخصية بابداع الممثل سيد رجب ، اغوائها  انتقاما من زوجها ، فشاهنده كانت قد تعرفت  على حماد غزلان،  قبل زواجها من سيد العجاتي ، في احد الحفلات التي تقيمها والدتها في منزل العائلة ،  لذا  وبعد زواجها  حاول حماد غزلان  ان يشعل نار الشك في قلب سيد العجاتي حينما  شاهد شاهنده بالصدفة في احد المطاعم مع زوجها  وصديقه كمال وزوجته ليلى ، فيتعمد  حمادة الغزلان السلام على شاهنده، ويرمي بعض عبارات المدح لسيد العجاتي قائلا لها انك تزوجت من ” اكدعها ضابط مباحث فيك يا مصر” على حد قوله ، فيتفاجئ سيد من هذه المعرفة ؟ فهو يكن له الكره والبغضاء باعتباره قواد خسيس يتاجر بلحوم النساء الفقيرات ويغويهن  ،وفي ذات الوقت ، كان سيد مسؤولا عن ملفه في مباحث الاداب ،و المفارقة أن الرجلين كانا من حارة واحدة و ايضا كانا يسكنان ، سابقا ،في نفس العمارة . ويحاول غزلان اغواء شاهنده لمرات عدة ولكنها  تصده بكل عنف وقوة ، بالرغم من ذلك تبقى نار الشك تحرق قلب سيد العجاتي، فمن اين لها ان تعرف هذا القواد. وتظهر شاهنده، في المسلسل ، مدى اخلاصها لزوجها من خلال تنازلها عن الكثير من احتياجاتها المادية من ملابس على الموضة و مستلزمات التجميل وغيره ، لا سيما انها كانت من عائلة ثرية ، فهي تعلم جيدا  انها لا تستطيع تحقيق  واشباع رغباتها بسبب  وضع زوجها المادي, فهو يعيش على راتبه فقط,  وهي تقدر ذلك جيدا وراضية بوضعه لانها تحب زوجها بصدق، وهنا نقطة جد مهمة  ، ينبغي التوقف عندها ، فكيف تعاني زوجات وعوائل ضباط الاداب من العوزة والحاجة, وكيف يتم تحقيق جميع الضروريات وتلبيتها والراتب محدود لايكفي لسد مصاريف نصف الشهر من متطلبات الأسرة من احتياجات بسيطة  ؟ هذا ما يطرحه الملسلسل من تناقضات وصراعات ، ليلى زوجة  كمال ضابط مباحث ، سقف رغاباتها ومطالبها المادية عالِ وكبير ومبالغ فيه كثيرا ، فهي ترغب ان ترتدي الملابس الانيقة وان تعيش في سكن لائق وتذهب الى المطاعم وتمتلك سيارة حديثة وغيرها ، تخون زوجها مع رجل ثري يشتري جسدها في اول مرة ينام معها بألف دولار، كيف يستطيع من يحارب الرذيلة ، وهي دائما ما تنبع من الفقر والعوز ،وهو زوج لا يستطيع ان يؤمن احتياجات افراد اسرته ؟ وهم بشر لديهم بعض الاحتياجات يفترض ان تلبى,  وبعض الرغبات ينبغي اشباعها ؟ فهم  في النهاية  غير معصومين او ملائكة ، واسوة بالبعض الاخر الذي قد يقع بالغواية المادية بسب الحرمان . سؤال يطرح على من يهمه الامر  .
واخطر و اقسى صراع  يطرح في المسلسل يكون في الحلقة الثامنة عشرة والحلقة التاسعة عشرة ، حينما يسلط الضوء على رذيلة اجتماعية يسكت عنها المجتمع ولا يتحدث او يشير اليها بأية صورة لانها من التابوات الكبيرة ، سلوك كنا نعتقد بانه يمارس في مجتمعات الغرب فقط ، واتضح انه يمارس في مجتمعاتنا، وان كان ضمن اطار محدود جدا ولكنه موجود ، وانما مسكوت
عنه ،  الا وهو تبادل الازواج ، وهو شكل من اشكال الصراع النفسي  نحو السقوط في هاوية العدم ، صراع لذة الحرام  ، لانه يمارس بشح وندرة ، وملل الحلال، بسب التخمة والتكرار. في هذا المسلسل يقوم الضابط سيد وزميله كمال بنصب كمين للايقاع بالزوجين الشاذين وهما يغويان زوجين اخرين لممارسة رذيلة تبادل الازواج عبر النت ، وبالفعل يتم  القبض عليهم والتحقيق معهم ، هنا القضية قد تصدم المشاهد العربي من خلال طرح هكذا موضوع على الشاشة، لكن  مفاجأة الابداع تكمن من ان المؤلف سمح لنا للمرة الاولى ان نسمع صوت الرذيلة وهي تتكلم وتدافع عن سلوكياتها ، فقد سمح للحوار ان يدور بين الزوج والزوجة مع المحقق سيد العجاتي ، لاسيما حينما يدور النقاش عن الاسباب والدوافع التي حدت بالزوجين لممارسة هكذا سلوك ، وتبدأ الزوجة بتبرير فعلتها هي وزجها ، و لاول مرة يسمح،  للاخر ، الذي نرفضه ونستهجنه بقوة ،ان يتكلم وان يبرر ، ان نخرج من المثالية الجوفاء ونطل بتروي على واقعية الحياة وسلوك الانسان وشذوذه النفسي ، الزوجة تدافع عن نفسها تقول نحن لم نسبب أي أذى لأحد بسلوكنا هذا، يجيب الضابط بأنكم اذيتم انفسكم  والاخرين ، تجيب بانهم احرار بما يفعلونه بانفسهم واما الاخرين فهم يوافقون بمحض ارادتهم، ومن دون ضغوط ، وما هم بقاصرين ، هنا يدور الحوار حول الحرية الشخصية ومفهومها الاخلاقي والاجتماعي . تكمن اهمية هذا الصراع النفسي في انه سيكون مقارن بصراع  اخر يتعلق بالخيانة الزوجية ، حينما يكتشف سيد ان ليلى زوجة صديقه ضابط المباحث كمال تخونه مع رجل اخر ، ويتألق الكاتب المبدع حينما يحاول ان يكشف حقيقة  ضعف الانسان ، فليس كل البشر ينظرون للقيم الاجتماعية بعين واحدة  ، وان الواقع المادي في بعض الاحيان وقساوة الحياة تجعل من السلوك الخاطئ سلوكا يتم غض البصر عنه ، اذ يتعمد سيد  التلميح لصديقه كمال حينما يقول له ان بنت صديق له تشتري ملابس باهضة الثمن وتصرف الكثير من المال بينما والدها موظف محدود الدخل فمن اين لها كل هذا المال ؟ وهنا اشارة الى ليلى زوجة كمال التي تعمل في الخطوط الجوية وراتبها محدود وراتب زوجها كمال محدود ايضا ، لكنها تمتلك سيارة حديثة وترتدي الملابس الفاخرة ، وفي مفاجاة للمشاهد يعترف كمال لصديقه سيد بانه ايضا يشك بسلوك  زوجته ! فهي تصرف وبسخاء على البيت ؟ ويطلب من  سيد ان تقوم شاهنده باعتبارها صديقة زوجته ان تعرف منها الحقيقة . لكن سيد العجاتي سيقوم هو بهذا العمل  .
كما ، سمح لنا عكاشة ان نسمع صوت الرذيلة ، الاخر ، سنسمع صوت ليلى الزوجة التي تخون زوجها ضابط مباحث الآداب ، يدور الحوار،  ولا اروع منه حوار اخر ، اذا يترك لنا المؤلف والمخرج ان نتعمق في اغوار المشاعر الانسانية وخلجاتها وعذاباتها وخطاياها ، يسألها سيد لماذا خنت زوجك ؟  في البداية تنكر ، لكنها في النهاية تعترف وتجيب بانها لم تخنه ، بل هي  تحبه حبا جما ولا يوجد احد غيره في قلبها ،ولكنها فعلت ذلك نتيجة العوز والحاجة ،وهنا تشير الى الراتب الشحيح لزوجها  الذي لايكفي اسبوعا واحدا ، وهي حينما فعلت ذلك ، لم تشعر بالخيانة، بل كانت تشعر انها تخفف من الضغوطات المادية عن زوجها، وكذلك توفر حياة  ومستقبل جيد لابنتها من خلال ارسالها الى روضة ذات مستوى وكفاءة مهنية عالية. تقسم بأغلظ الايمان بانها تحب زوجها ولم تخنه ، يجيبها سيد العجاتي : نعم انك لم تخونيه بقلبك ومشاعرك ، لكنك شاركتي الاخرين معه بجسدك، ويكمل العجاتي : الان عرفت لماذا لاتقبل المومس وتحرم جميع من يمارس الجنس معها ان يقبلها من شفتيها لانها فقط لعشيقها ، هكذا يختزل الحب لدى بعض النساء !! هنا يطرح سؤال هل بالامكان ان يفصل الانسان مابين مشاعره ، حبه واخلاصه للحبيب ، وبين التفريط بالجسد ؟ كيف يتم ذلك ؟  لقد نجح المخرج والمؤلف في اظهار ليلى  ” والذي تؤدي هذا الدور الفنانة التونسية الجملية درة ” الزوجة الخائنة انسانة رقيقة وجملية تكسب لب المشاهد وتعاطفه من خلال ملامح البراءة المرسومة على وجهها ، فهي تريد ان تثبت لنا انها تحب زوجها بصدق من خلال منع زوجها من ارتكاب جريمة قتلها  وذلك حينما شهر مسدسه في وجهها ، ولتفادي الموقف  ، طلبت منه ان يسمح لها ان تتطهر وتغتسل كي تقابل ربها وهي طاهرة ، يوافق ،  تدخل  وتقبل ابنتها  الوحيدة، ومن ثم تدخل الى الحمام وتشرب كمية من كبيرة من حبوب الدواء وتنتحر في مياه البانيو  ، لانها ايقنت بانها تحب كمال ولا يمكن لها ان تدمر حياته اكثر من ذلك بسبب فعلتها، واذا قتلها فمعنى ذلك ان مصيره السجن لذا تقوم هي بقتل نفسها. وهنا اشارة الى صدق مشاعرها وصدق كلامها نحو كمال . الملفت للنظر ان حوارا مهما يدور بين كمال وسيد بخصوص الخيانة الزوجية التي تجري من طرف من دون علم الطرف الاخر ، ويعتبرها رذيلة وخيانة،  بينما يعلق على رذيلة تبادل الازواج فيعتبرها رذيلة فقط  ، باعتبار ان لا الزوجة ولا الزوج يخدع او يخون الاخر بالخفاء، فالرذيلة يمارسونها معا وجه لوجه ،هكذا عبر الزوج المخدوع؟
الغريب ان زوجة سيد من عائلة ثرية  وظروف زوجها لاتختلف عن ظروف زوجة كمال ، ولكنها تمتلك قناعة وتقاوم مغريات مادية كثيرة ، حينما يصل شاهنده عقد ثمين جدا من الرجل الثري الذي اراد الارتباط بها قبل زواجها من سيد ترفضه ، وضغوطات امها التي كانت تحاول قبل زواجها ان تدفعها الى طريق الانحراف. مقارنة ذكية بين امرأتين اوضاعهما المادية والأسرية متشابهة واحدة تسقط في الرذيلة وتصرخ وتقول انها حطمت اسرتها ونفسها بيديها ، وتقول لصديقتها شاهنده بانك قاومت ولم تبيعي جسدك من اجل المال والرذيلة ، بينما انا بعت لذا خسرت كل شيء.
بالرغم من ذلك فالمسلسل يسلط الضوء على ان اساس الخطيئة هي المرأة لماذا ، لانها الام والمربية، اذا صلحت صلح معها المجتمع واذا فسدت فسد معها المجتمع ، وهناك اشارة الى ام شاهنده كيف كانت تدفعها للغواية وايضا اختها الصغيرة  التي تطرح عليها فكرة ان يكون لديها ، صديق ، من اجل الصداقة ، فتجيبها شاهنده بحزم بانها متزوجة ومن المستحيل ان تفكر بهكذا  موضوع, و تعلق على كلام اختها ساخرة بأنها وبعد الصداقة ستكون مع هذا الصديق على الفراش ؟ لا نستغرب من طلب اختها الصغرى لانها تربت على يد ام سيئة ، وهنا مربط الفرس كما يقال ، اذا فسدت فستفسد الاسرة باكملها وبالذات بناتها .
في رواية مدام بوفاري رائعة  الكاتب الفرنسي الكبير فلوبير ، يصور لنا ان الخطيئة تكمن في المرأة وبالذات في جسدها ، فبطلة الرواية مدام بوفاري تخون زوجها وحينما يكتشف ذلك في نهاية الرواية ، يجلس الزوج على كرسي في حديقة المنزل ليموت من هول الصدمة والحزن.
كذلك فعل عكاشة ، في موجة حارة، سلط الضوء على انه اذا تلبست الرذيلة المرأة تكون اساس الخطيئة .
المسلسل ايضا يصور كيف ان سيد ينتهك عرض القواد حمادة غزلان ، بعد استفزاز الاخير له بتشكيكه بشرف زوجته  شاهنده ، عندما كانا يتحاوران في غرفة من غرف تحقيق مباحث الاداب، فيأمرسيد من معه بحشر عصا خشبية في فرج  القواد حماد الغزلان ، وهو يردد بان هذا الفعل  يمارس مع المعتقلين او المعارضين السياسيين، وليس ضد القوادين ،ولكنه سيفعل ذلك انتقاما منه ، في اشارة لقول غزلان ، الاستفزازي ، الذي وصف نفسه  بالسياسي الناجح  بحواره معه  بخصوص زوجته، لا بل هو امهر من سيد العجاتي الذي يحقق معه. وهنا اشارة مرعبة لما يجري مع المعارضين والمعتقلين والنشطاء  السياسيين والمدافعين عن الحقوق المدنية والحريات . لكن المسلسل يفضح هذا السلوك الشائن ، حينما يوبخ وبعنف من قبل اخوه وزوجته وامه ويستهجنون فعلته ايما استهجان وعندما يحاول تبرير فعلته بان غزلان قواد يتاجر بلحوم النساء الفقيرات ،  تكون اجابتهم ان لا تبرير للفعل البربري والهمجي الذي فعلته مهما كان المجرم او المعتقل  .
المسلسل نجح نجاحا باهرا من خلال مخرجه المبدع ومن خلال مؤلفه الكبير و من خلال اداء الادور من قبل الممثلين . كل شيء رائع في هذا المسلسل  الحوار، الموسيقى ، الانارة ، اماكن التصوير . موجة حرة ، قفزة  حقيقية في الدراما العربية نحو الابداع والواقعية . 

أحدث المقالات