19 ديسمبر، 2024 12:05 ص

الحوار العراقي الأمريكي.. فاقد الشيء لا يعطيه

الحوار العراقي الأمريكي.. فاقد الشيء لا يعطيه

فكرة الحوار الإستراتيجي بين بغداد وواشنطن ليست جديدة بل تعود إلى شهر حزيران من عام 2019 ، للوصول إلى كتابة اتفاقية جديدة مبنية على أساس تعاون مشترك في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية ، واخطر محور في هذا الحوار هو مصير التواجد العسكري الأمريكي في العراق ، إذ تصر القوى الولائية على إخراجها تنفيذا لمطلب أسيادها .لكن أي اتفاقية مع الولايات المتحدة يجب أن تحفظ توزان المصالح بين بغداد وواشنطن وعدم التعامل مع هذا الملف بعاطفة.

وقبل الخوض في النتائج المتوقعة لهذا الحوار علينا أن نتعرف على الوفد الأمريكي:-

1. ديڤد هَيْل ، نائب بومبيو

2. ديڤد شنكر ، مساعد وزير الخارجية

3. ديڤد كوپلي ، نائب مساعد وزير الخارجية

4. جوِي هود ، نائب مساعد وزير الخارجية

5. فرانسس فانون ، مساعد وزير الخارجية

6. ماثيو تولر ، السفير الأمريكي في العراق

أما الوفد العراقي:-

1. عبد الكريم هاشم ، وكيل وزارة الخارجية

2. لقمان الفيلي، رئيس دائرة أمريكا في الخارجية

3. الدكتور حارث محمد حسن، مستشار الكاظمي للشؤون السياسية

4. الدكتور حامد خلف أحمد، وكيل وزارة التعليم العالي

5. فريد ياسين، سفير العراق في أمريكا

6. وهناك لجان استشارية بما فيها قيادات عسكرية وأمنية

كما معلوم لمتابع الشأن العراقي ، إن زيارة وزير الطاقة الإيراني رضا أردكانيان يوم 3 من الشهر الجاري ، وتوقيعه لأول مرة على عقد استمرار تصدير الكهرباء للعراق لمدة سنتين !، في حين كانت كل العقود السابقة تبرم لمدة سنة واحدة فقط ، مع دفع 400 مليون دولار تحت عنوان ” تسديد نصف مستحقاتها من بيع الكهرباء للعراق”، في ظل الأزمة المالية الحادة التي تمر بها البلاد وصلت إلى مقترح استقطاع رواتب الموظفين والمتقاعدين . وسبق للخارجية الأمريكية أن طلبت من حكومة الكاظمي قبل أسبوعين بإيجاد بدائل لإستيراد الكهرباء والغاز من دول الخليج عدا إيران ، وفجأة اتفاقية جديدة مع إيران مع دفع المبلغ آنف الذكر . ولكن ما العلاقة بين زيارة أردكانيان إلى بغداد قبل الحوار المرتقب؟ ، هو لوجود اتفاق بين إيران وأمريكا على إطلاق سراح المواطن الأمريكي مايكل وايت من يوم 2 من الشهر الجاري والذي كان محتجزا لدى إيران منذ 3 سنوات. بمعنى أن الحوار الأمريكي العراقي هو أقرب للحوار مع إيران وتأكيد مصالحها ونفوذها في العراق مقابل غض النظر عن التواجد العسكري الأمريكي المحدود.

حكومة الكاظمي ستواجه صعوبة في الحوار بسبب القرار السابق للبرلمان بإخراج القوات الأجنبية. والمقصود هو القوات الأمريكية.

في حين أن القوى العراقية الوطنية المستقلة الغير منخرطة بالعملية السياسية تريد تحقيق مصالح البلاد بعيداً عن الصراع الأميركي–الإيراني، إلا أن إيران ووكلائها ستقف ضد ذلك .من خلال التأثير على المفاوض العراقي الضعيف مما ينتج صعوبة التوصل إلى تفاهمات مع الجانب الأمريكي . وأكيد الصراعات ستؤثر على طبيعة الحوار الذي يتوقع أن يشهد طرح ملفات عدة، يأتي في مقدمتها الوجود الأميركي في العراق، فضلاً عن محاولة الحصول على ضمانات بعدم التدخل بشؤون البلاد، او استهداف إيران ومصالحها في العراق مع رفض (فكرة) حل الحشد الشعبي الذراع الإيراني القوي.

طبيعة إمكانيات الوفد العراقي التي ستخوض المفاوضات هي التي ستحدد طبيعة الملفات التي سُتطرح في الحوار الإستراتيجي بين بغداد وواشنطن والذي سيستمر لمدة 24 ساعة ليست متواصلة.

المواطن العراقي يدرك جيدا أن بلاده ما زالت بحاجة للإسناد الجوي والدعم الاستخباراتي من الولايات المتحدة ، لمواصلة قتال تنظيم داعش الإرهابي وتقويض الدور الميليشياوي دون فتح قواعد جديدة لقواتها.

إيران ستكون حاضرة بقوة في الحوار من خلال قنواتها المؤثرة على الوفد العراقي ومصالح إيران ستكون هي الأسبقية الأولى مع الأسف.

أقول وبكل صراحة المفاوضات الجديدة بين الولايات المتحدة والعراق ستكون ذات نتائج محدودة لاتلبي طموح المواطن العراقي ، بسبب النفوذ الإيراني. كما يرتأى المواطن الحريص على بلده أن تكون المفاوضات مع الحكومة المنتخبة القادمة وليس مع حكومة الكاظمي التي جاءت عبر تحالفي سائرون والفتح بمباركة إيرانية.

حكومة الكاظمي ملزمة الأن بأخذ أحد الخيارين ، أما التصرف في الحوار كدولة ذات سيادة حقيقية. أو عكس ذلك وتتحمل كامل المسؤولية . نأمل ، السيادة العراقية هي التي ستكون حاضرة بقوة في الحوار لتحقيق مصالح البلاد العليا وليس لخلق مناخ يعزز من النفوذ الإيراني الذي دمر كل شيئا في بلادي.