في الحقيقة لم نناشد الرئاسات الثلاث حول إطلاق سراح الرمز الوطني الفريق الركن صابر الدوري، لأننا غسلنا أيدينا وأقدامنا منهم، فلا حامي الدستور قادر على حمايته، فعلا، ولا رئيس الحكومة قادر على التخلص من قيود نظام الملالي وتوجيهاتهم، ومن ثم التصرف بما يمليه عليه ضميره بحق شعبه، ولا القضاء العراقي قادر على التحرر من نفوذ السياسيين وزعماء الميليشيات المسعورة، التي تتحكم بقراراته.
اظن انه من الصعوبة ان تخاطب عميل وجاسوس إجل إطلاق سراح رمز وطني يشيد بوفائه واخلاصة الداني والقاصي، ويشيد به الشيعة قبل أهل السنة، فقد شغل منصب محافظ كربلاء، وكان عنوانا للوطنية والمهنية والنزاهة في مهمته. في الحياة العسكرية والحياة المدنية كان صابر الدوري نفس الرجل بنفس الصفات الطيبة، بنفس الوطنية، مما جعل أفضل محافظ شغل هذا المنصب في تأريخ مدينة كربلاء بإعتراف أهلها الغيارى. سبق أن كتب احد الفضلاء من مدينة كربلاء العديد من المقالات حول سيرة هذا البطل عندما شغل منصبه. مبينا فضائله على المدينة، ومطالبا بإطلاق سراحه، ولكن كما قال شاعرنا المتنبي لقد أسمعت لو ناديت حيا، ولكن لا حياة لمن تنادي.
لا أفهم كيف يقبل القضاة لعراقيون بقاء السجين في زنزانته بعد إنتهاء فترة محكوميته؟ وماذا سيقولوا لرب العالمين عندما يمثلوا بين يديه الكريمة، وهذا ما يقال عن حامي الدستور ورئيس الحكومة ووزير الداخلية؟ الا يكفيهم إنهم ظلموا هذا الرمز الوطني بمحاكمة بعيدة كل البعد عن العدالة، فيزيدوا الظلم اضعافا ببقائه في السجن بعد إنتهاء محكوميته؟
هل من المعقول والمنطق ان يكون صابر الدوري وبقية الأبطال سجناء ويكون هادي العامري وقيس الخزعلي وعمار الحكيم وجلال الصغير طلقاء، بل ويحكمون بلدا مهما مثل العراق؟
لكن في زمن العهر السياسي يمكن أن تنقلب كل المعادلات رأسا على عقب، فيصبح العميل وطنيا، والوطني عميلا، واللص تزيها، والنزيه لصا، والبريء مجرما، والمجرم بريئا، هذه هي الديمقراطية التي جاء بها الأمريكان للعراق.
يفترض ان تنتعش العدالة في أجواء الديمقراطية وليس أن تتسسم، وتفتك بحقوق الأبرياء، ويفترض ان يجزر الظلم جزرا، وتمتد العدالة مدا، لتكتسح كل رواسب الظلم القديمة والجديدة، لكن مع الأسف في العراق يحدث العكس، بلد تسير فيه القيم الوطنية ومفاهيم الشرع عكس الإتجاه
اليس صابر الدوري ومزا وطنيا؟
الرمز الوطني كما هو معروف هو القائد المدني او العسكري الذي الذى يفكر بعقل جمعي، ويتحدث بلسان شعبه ،ويعمل بكل جهد واخلاص وتفانى من اجل مصالح الوطن العليا، وهكذا كان صابر الدوري لسان حال الشعب العراقي بكل شرائحه وأطيافه.، ولم يدخر جهدا لخدمته.
الرمز الوطني يكون ولائه للوطن وحده، ولا يكون متعدد الولاءات، ولا يخدم جهات أجنبية تضر بمصلحة الوطن، وهكذ كان صابر الدوري، ولا أحد يمكن أن يشكك في ولائه للوطن واخلاصه سواء كان خارج السجن او داخله.
الرمز الوطني يناغم بين أفكاره الشخصية وأقواله وأعماله، فجميعها تتناغم وتعزف لحن الوفاء على قيثارة الوطن الواحد، وهكذا كان صابر الدوري وفيا مخلصا للعراق أرضا وشعبا.
الرمز الوطني يجاهد في كل المواقع ومن أجل كل الشعب، ويدافع عن المبادئ والثوابت الوطنية بحزم وثبات، ولا يتزحزح عنها قيد أنملة، مهما إشتدت الضغوط وطال الإنتظار، وكثرت التضحيات، ولا يساوم عليها مهما بلغ حجم الإغراءات، وهكذا كان صابر الدوري لا يساوم في الحق قيد شعرة.
الرمز الوطني لا يملٌ ولا يكلُ من الدفاع عن الوحدة الوطنية وحماياتها، لأنه على يقين تام بأنها المستهدفة دائما وأبدا من قبل الأعداء الذين يرومون تقسيم الوطن الى كانتونات هشة عرقية ومذهبية وعشائرية ليسهل إبتلاعها. وهكذا كان صابر الدوري مدافعا شرسا عن أرض العراق وحقوق شعبه، وقف كالنسر الشامخ على قمة العطاء والتضحية.
الرمز الوطني يتمسك بالثوابت الوطنية كالسيادة التامة والإستقلال السياسي والإقتصادي، علاوة على رفض التبعية الأجنبية والتدخل الخارجي في شؤون الوطن من أي طرف كان، و يعمل وفق المصلحة الوطنية العليا. وهكذا كان صابر الدوري عراقيا مخلصا، مصلحة العراق وشعبه عنده فوق كل شيء.
الرمز الوطني يكون عصريا منفتحا على العالم، ومتحررا من القوالب التقليدية الجامدة في التفكير والتدبير، فلا يعيش جسده في الالفية الثالثة وعقلة في بدايات الألفية الأولى. منفتح العقل ويتعامل مع جميع افراد الشعب بطريقة الأواني المستطرقة، لا يتخلى عن مبادئه بغض النظر عن المواقع التي يشغلها، وهكذا كان صابر الدوري في عمله كمدير للإستخبارات العسكرية او كمحافظ لكربلاء.
الرمز الوطني يتجاوز قوالب الحزب والعشيرة والدين والمذهب والقومية في تعامله مع شعبه او على أقل تقدير مع معيته، فهو رمز لكل شرائح المجتمع بلا تمييز أو تفضيل أو إستثناء هذا ما يقر به أهل كربلاء ومرجعيتها الدينية لصابر الدوري.
يتصف الرمز الوطني بالنزاهة والصدق والأمانة والحكمة والإرادة القوية والشخصية المؤثرة في المقابل. فأي خلل في هذا الصفات يجرده من الرمزية ويُنزله من المنبر العالي الى عتبة المواطن العادي. فهل هناك أي مؤشر سلبي سُجل ضد صابر الدوري؟ نجزم الجواب: كلا!
فالرجل نزيه بكل معنى الكلمة، وما يمتلكة من امكانات مادية لا تمثل 1% مما يمتلكه أصغر صعلوك في المنطقة الخضراء. وهذا ما يقال على جميع الرموز الوطنية في العراق منذ تأسيس الدولة العراقية ولغاية الإحتلال الغاشم، النزاهة عندهم مبدأ مقدس، حافظوا عليه بكل جدارة، والتأريخ شاهد حي، ولسانه لسان صدق.
كلمة أخيرة لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والمدعي العام ووزير الداخلية: إتقوا الله في هذا الرمز الوطني، أإن ياديكم ملطخة بدماء شعبكم، فطهروا ولو جزءا صغير منها، وقد جاءتكم الفرصة المناسبة في إطلاق سراح صابر الدوري.
ونهيب بالشعب العراقي ان يهتف بصوت واحد : الحرية لصابر الدوري وكافة الرموز الوطنية القابعة في سجون الظلم والقمع والإستبداد.
ونهيب بنقابة المحامين العراقيين ان تبين موقفها القانوني من عدم إطلاق سراح سجين على الرغم من إنتهاء محكوميته. فأن كانت ترى فيه ظلم فعليها ان تعلن ذلك بكل صراحة وتقف بقوة وثبات مع صابر الدوري، وان تجعل من الموضوع قضية رأي عام بالتعاون مع نقابة المحاميين العرب.
على العراقيين الشرفاء اي كان موقعه مخاطبة منظمة العفو الدولية ومراقب حقوق الإنسان للمطالبة بإطلاق سراح الرمز الوطني العراقي صابر الدوري على الفور، وتأمين خروجه من العراق بسلامة وأمان.
قال تعالى في سورة إبراهيم/42 (( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون)). فأتقوا الله في صابر الدوري وبقية الرموز الوطنية في سجونكم المعتمة يا رئاسات العراق الثلاث!