تعادل موازنة العراق موازنة مصر والاردن وسورية وفلسطين ولبنان، ونفوس هذه الدول اكثر من 100 مليون نسمة بينما نفوس العراق بحدود 38 مليون نسمة، غير ان مستوى المعيشة في هذه البلدان افضل من مستوى المعيشة في العراق، فما السبب في ذلك؟ انه الفساد الذي تحول الى ثقافة
ضمن مسلسل حلقة الفساد، تطرقت في الحلقة الماضية عن ثلاث أزمات كبرى تطارد العراق.. أبرزها شبح الإفلاس.
ان موازنة الدولة العراقية بشكل عام تنقسم الى قسمين
أ- التخطيطية
ب- التشغيلية
واليوم سوف اختار الجزء الاول من عملية الاحتيال على الموازنة التخطيطية.
ان سوء الادارة المالية واعداد الموازنة يخضع لتداعيات العملية السياسية ، ويعتمد بناء الموازنة العامة وبشكل رئيس على إيرادات الموارد النفطية ، التي تعاني تذبذب حجم الصادرات والأسعار، اما بالنسبة لارتفاع اسعار النفط ، فهي لا تعني تقليل العجز ، إذ أثبت الواقع أنه كلما زادت أسعار النفط زاد بالإنفاق العام. اضف الى ذالك سؤ التخطيط وعدم التعاون والتنسيق وتبادل المعلومات ما بين كل من وزارت التخطيط ووزارت المالية وديوان الرقابة المالية، وهناك عدة طرق لهدر المال العام منها:
١- سؤء ميزانيه التخطيط التي تسبب التضخم المالي للدولة.
خذ مثلا موازنة التخطيط لعام ٢٠٢٠ إجمالي الانفاق التشغيلي و الاستثماري المقدرة هذا العام هي ١٦٣ مليار دينار ولكن ثبت من خلال السنوات الماضية ان اجمالي الانفاق لا يمكن ان يجتاز اكثر من ١٠٠ مليار دينار .
وفي عام ٢٠١٩ ، إجمالي الانفاق التشغيلي و الاستثماري ٨٥ مليار ولكن التخطيط كان ١٣٣ مليار دينار، الفرق ٤٨ مليار دينار.
وفي عام ٢٠١٨، إجمالي الانفاق التشغيلي و الاستثماري هو ٨٢ مليار دينار ولكن التخطيط كان ١٢٠ مليار دينار، الفرق ٣٨ مليار دينار.
لنأخذ مثال ادق على رواتب الموظفين لعام ٢٠١٩، اجمالي رواتب الموظفين فقط دون المتقاعدين ٣٠ مليار دينار ، ولكن في التخطيطية مسجلة ٥٤ مليار دينار، الفرق ٢٤ مليار دينار.
برامج الحماية الاجتماعية، كل المستفيدين لبرامج الحماية الاجتماعية ١.٤ مليون اي الراتب السنوي الاجمالي للرعاية الاجتماعية ٤ مليار دينار، ولكن في التخطيطية مسجلة ١٣ مليار، الفرق ٩ مليار دينار.
وهكذا بقية السنوات المنصرمة، العجز يكون كبير جدا مما يسبب بان تستقطع الدولة من الموظفين بدل من المفسدين.
من هنا نستنتجد ان هناك سؤء ادارة وسؤء تخطيط بين وزارة التخطيط ووزارة المالية وكلاهما ليس عنده الشفافية لعرض الارقام الحقيقية لدى الشارع العراقي.مما يجعلنا نتسائل اين اختفت كل هذه الاموال؟
التخصيصات الاستثمارية بحدود 24 في المائة من اجمالي النفقات العامة، وهذه النسبة بعيدة عن البنى التحتية المدمرة والمتهالكة والغائبة. ولتوفير الخدمات الاساسية واطلاق النشاطات الانتاجية لمختلف القطاعات الاقتصادية وتحفيز النمو الاقتصادي من اجل خلق فرص عمل وتقليص معدلات البطالة والفقر المرتفعة.
واحدة من الأشكاليات الكبيرة التي تعاني منها الموازنة التخطيطية هي ضمان تمويل المشاريع الكبيرة، ومن هذه العوائق:
١- مصادقة مجلس النواب على الميزانية السنوية : من المفترظ الموازنة تصدق من مجلس النواب في آخر شهر من كل سنة ميلادية، ولكن الذي يحصل انها تؤخر الى حوالي الشهر الرابع ثم تطلق الاموال في الشهر السادس هذا التأخير يؤدي الى ايقاف العمل بالمشاريع لمدة طويلة مما يؤدي الى عقوبات مالية من قبل الشركات، اضف الى ذالك اكثر المشاريع المفروض انهائها خلال سنتين تأخذ حدود ست سنوات. والغريب ان لا احد يأخذ المبادرة ويصلح هذا الخطأ الجسيم لا عند الجهة التنفيذية او التشريعية مما يؤدي الى استمرار هدر المال العام والذي يصل الى ضياع المليارات في كل سنة.
لنأخذ مثال على مصفى كربلاء الذي كان من المقرر كلفته الاجمالية قبل خمسة سنوات ٦.٤ مليار دولار ولكن نظر لتأخر الموازنة وسؤ التخطيط المالي والاداري وشحة الاموال يضطر العراق ان يدفع رسوم جزائية تسببة خسارة العراق ٥.٥ مليار دولار. اي التكلفة الحقيقية ٦٠٤ مليار دولار، واليوم وصلت تكلف هذا المشروع ١١.٤ مليار دولار.
٢- اختفاء الفائظ السنوي من ميزانية الدولة.
مع نهاية كل سنة نجد ان فائض الميزانية قد اختفى وحسب تعليلات المسؤلين انها سلف الى المحافظات. يذكر الفائظ الاجمالي من ٢٠٠٥ الى ٢٠١٨ وصل بحدود ١٦٧ مليار دينار وبعد طرح السلف المقدمة الى المحافظات والتي تقدر ١١٢ مليار دينار، نجد الفائظ ٦٧ مليار دينار. كذالك عام ٢٠١٨ عندما سلم العبادي الى عبد المهدي خزينة الدولة، كان من المفروض ١٨ مليار دولار ولكنها أختفت.
٣- قيمة العقد الفعلي: تصل بعض العقود الى ضعف السعر العالمي مما تسبب الى هدر المال العام.
٤- المشاريع الوهمية او المجمدة:
كشفت إحصائيات برلمانية حديثة عن وجود أكثر من 6 آلاف مشروع وهمي منذ عام 2003 كلفت العراق ماقيمته 178 مليار دولار.
وأكثر الفترات التي شهدت مشاريع وهمية كانت في عهد حكومتي نوري المالكي الأولى والثانية، بينها مجمعات سكنية وسياحية وأخرى خدمية قام هو بنفسه بوضع حجر الأساس لها لكنها انتهت إلى المجهول ولم تر النور، رغم أن مبالغها تم صرفها من الموازنة العامة. والدولة لا تقبل ان تسلمها لمستثمر ولا عندها السيولة الكافية لغرض اتمامها.
٤- ليس كل الايرادات تدخل ضمن الموازنة العامة وهذا خلل وتعارض مع الدستور.
أ- جبايات البنك المركزي العراقي، تقدر استيرادات العراق السنوية من السلعة الاستهلاكية بحدود ٥٠ مليار دولار. ضريبة مع كمرك حوالي ٦ مليار دولار.
ب- الاتصالات عنده ٣٦ مليون مشترك، الضريبة تقدر بحدود ٧ مليار دولار.
ت- استهلاك النفط داخل العراق. ٢٠٠ مليون برميل نفط يباع ودخله السنوي ١٦ مليار دولار.
ث- المنافذ الحكومية تقدر ٩ مليار دولار
وهناك الكثير الكثير من ابواب الدخل القومي التي تختفي اموال عائداته بحجج واهية.
الحلول:
ان عملية القرض من الخارج او الداخل غير مرجحة لما على العراق من قروض وفؤاد قديمة مترتبة عليه. فعليه هنالك عدد من الاقتراحات التي سوف تساعد العراق من التخلص من عبور هذه المرحلة الصعبة.
١- تطوير عملية التنظيم والتخطيط والتنسيق للمشاريع التنموية بين الجهات المعنية.
٢- السيطرة الكاملة على الموارد الطبيعية من قبل الجهات المعنية في الحكومة المركزية حسب ما نص علية الدستور العراقي.
٣- إلغاء مزاد العملة
٤- استرداد الاموال المنهوبة والتي تقدر ٣٥٠ مليار دولار حسب تصريح المرحوم أحمد الجلبي رئيس اللجنة المالية في البرلمان العراقي.
٥- تأسيس لجنة الاعمار والاسكان بدل المكاتب الاقتصادية الحزبية، يديرها متخصصون في هذا المجال.
٦- استعمال مقص العدالة الاجتماعية وذالك التركيز على تخفيض رواتب الموظفين من ذو الدرجات الخاصة .
٧-اصدار قوانين جديدة في البرلمان تلغي رواتب المنتفعين من النظام البائد بالإضافة إلى الموظفين ذو الرواتب المزدوجة.
٨- استرجاع ١٢٨ مليار دولار من مبيعات النفط من الإقليم.
٩- مراجعة ملف الفضائيين وخصوصا عند وزارتي الدفاع والداخلية والاقليم.