17 نوفمبر، 2024 9:51 م
Search
Close this search box.

في مواجهة الأفكار العقائدية الضالة

في مواجهة الأفكار العقائدية الضالة

لم يكن الإسلام الحنيف يوماً ضد حرية الاعتقاد ، بل كان داعياً إلى حرية المرء في اختيار عقيدته ، ومن هنا تبرز سماحة الإسلام وعبقريته في آن واحد ، وجاء ذلك بوضوح شديد في النص القرآني ، حيث يقول الله تعالى  لا إكراه في الدين  ، والإسلام بذلك يقر حقيقة عظيمة للإنسانية وهي عدم إرغام المرء على ترك دينه ودخول دين جديد. ويؤكد النص القرآني ذلك مثل قوله تبارك وتعالى  فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر .

والدين الإسلامي كان الدين السماوي الحنيف الذي أقر بمبدأ التعددية الدينية ، بل واعترف بها أيضاً. ومن منطلق هذا اعترف الرسول باليهود ككيان واقعي بالمدينة المنورة ، وإعطاء الفاروق عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) الأمان والحرية الدينية للمسيحيين من سكان مدينة القدس العربية ، وما فعله عمرو بن العاص بالأقباط حينما فتح مصر . بخلاف ما فعله الأسبان بأهل الأندلس المسلمين من قتل وصلب وحرق وتدمير.

وتؤكد كافة الكتابات التاريخية الإسلامية أن الإسلام كفل حرية النقاش الديني معتمداً في ذلك على مبادئ أصيلة مثل الحوار الجيد الخصب ، واحترام الآخر ، وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى  ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن . وكم من مرة أشار القرآن الكريم إلى الدعوة الجادة للحوار بين أهل الأديان مثل قوله تعالى  قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون .

وبالرغم من هذه السماحة والدعة التي منحها الإسلام للمختلفين معه عقدياً ، تجرأ البعض من أهل الكتاب وغيرهم ممن تجردوا من نعمة العبودية لله بالهجوم على الإسلام والمسلمين ، والطعن في العقيدة الإسلامية وتشويه معالم الإسلام السمحة.
الحقد المتنامي ضد الإسلام:
يبدو للبعض أن موجات الحقد والكراهية ضد الإسلام والمسلمين ظهرت حديثاً ، أي منذ بداية القرن العشرين ، لكن الحقائق والمؤشرات التاريخية توضح أنه منذ فجر الإسلام وتلك الموجات تتنامى وتتصاعد ضده، وضد القرآن الكريم بصفة خاصة. ولك أن تدرك المحاولات المستميتة والمسماة بالإسرائيليات لتشويه وتخريب الدين القويم.

والمدهش أنه وسط غفلة المسلمين في العصر الحديث والمعاصر ، بدأت هذه الموجات التخريبية في وضع خطط منهجية منظمة للنيل من الإسلام وأهله ، وبدأ هؤلاء المتآمرون على الإسلام بالتعاون مع أشكال الاستعمار والحركات الصهيونية في الكيد للإسلام وتخريب عقول أبنائه عن طريق الغزو الثقافي ومسميات التيارات الفلسفية والفكرية ومبادئ الحداثة والحداثوية .

وتمثلت هذه التيارات في حركات منحرفة ضالة مثلت الوجه القبيح للإلحاد والغلو الفكري والعقائدي، ومن المؤسف انتشار بعضها بالبلدان العربية والإسلامية انتشار النار بالهشيم وسط حيرة مستدامة من الشباب العربي المسلم الذي ترك نفسه صيداً سهلاً لمفاسد الإنترنت والفيس بوك المتغيرات الوافدة من الغرب والشرق والشمال والجنوب . وأعني بتلك الحركات والتيارات المنحرفة البابية والبهائية والقاديانية.
*****************************
أولاً ـ الحركة البابية :
ظهرت البابية أول ما ظهرت في إيران ، تحديداً في القرن التاسع عشر ، وهي حركة إلحادية مبغضة للإسلام . وأخذ أصحاب هذه الحركة المشبوهة يبثون الفتنة ويشيعون الإلحاد والفتنة في صفوف الناس هناك من أجل تحقيق أهدافهم الخبيثة للنيل من الإسلام.

وعمل أولئك الموتورين في النيل والكيد للإسلام على وسائل متعددة منها الدعوة إلى الإباحة في النساء والأعراض والأموال ، تشبيهاً بالشيوعية الممقوتة، وبالدعوة إلى الحلول والاتحاد وهي أفكار تغلغلت في الفكر الإسلامي الصوفي عن طريق المسيحية، انتهاء بالقول بالتناسخ.

ويشير الدكتور محمد الجيوشي (1998) أن هذه الأفكار انتقلت من فرق وتيارات مثل السبئية والكسانية والراوندية والباطنية مروراً بالإسماعيلية والقرمطية والحزمية انتهاء بالحريدينية حتى أصبحت على مسماها الحالي بالبابية.

البابية وعوامل ظهورها :
تشير كلمة باب إلى الدلالة على الشيخ الذي يعلم الناس ، وتشير أيضاً إلى المدخل الذي يدخل منه المرء. وقد ظهرت البابية في إيران نتيجة عدة عوامل أججت في ظهورها من أهمها تأهب الغالبية العظمى من السكان في انتظار الإمام الغائب الذي نادت به الشيعة، بالإضافة إلى الدروس الدينية المستمرة على يد (أحمد الإحسائي ) الذي تشير الدلائل التاريخية إلى أنه قس غربي جاء من إندونيسيا حسب خطة استعمارية منظمة لإفساد عقيدة المسلمين، و ( كاظم الرشتي ) من ظهور إمام يرشد الرعية ويخلصهم من فسادهم وانحرافاتهم الدنيوية. وأخذا يدعوان إلى الحلول والاتحاد والخرافات الوثنية وتقديس الأئمة .

ولاشك أن الاستعمار السوفيتي وجد في ذلك فرصة سانحة لتسهيل مهمته التدميرية بتدعيم هذه الحركة ، فعمل الاستعمار الروسي على إفساد العقيدة الإسلامية بنشره للخرافات والحيل والأكاذيب كالصنيع الذي فعله اليهود بتراثنا الإسلامي كما أشرنا سابقاً.

الدور اليهودي في مساندة البابية:
من الطبيعي أن تظهر لفظة اليهود في كل مساحة يحاول الملاحدة فيها التشكيك في الإسلام والنيل والكيد له ، واليهودية العالمية عملت ولا تزال تعمل في تدمير العقيدة الإسلامية منذ بدايتها، وهذا ظهر جلياً في إعلان التأييد والتعاون للباب ، وليس من الدهشة والغرابة أن تجد أعداداً كبيرة من اليهود انضموا إلى الحركة البابية .

وإذا أردنا أن نفسر هذه الهرولة من العناصر اليهودية نحو الحركة البابية فإننا سندرك أن هدفهم هو توجيه هذه الحركة والقدرة على التحكم في مبادئها وآرائها ، وهذا يؤكده أن الباب ومن بعده البهاء استندا على ما جاء في التوراة، وأن الميرزا على الشيرازي كانت التوراة أنيسه في محبسه وسجنه.

العقائد البابية :
عبرت العقائد والأفكار البابية عن حالة الهوس والانحراف العقلي لدى أنصارها ، وهذا ما نجده واضحاً وجلياً في اعتبارهم بأن الله يعلو علواً كبيراً يحل في البشر ، وأن هذا الحلول يعتبر مظهراً إلهياً في هيكل بشري. وجاوزوا هذا العبث بإعلانهم بأن ظهور الله الواحد الأحد الفرد الصمد في هيكل تعدد بتعدد ظهور الأنبياء والرسل.

أما بالنسبة لأفكارهم ومعتقداتهم حول الآخرة فهي مختلفة تماماً مع ما جاء في القرآن الكريم، وهم في ذلك يفسرونها تفسيراً باطنياً. والباطنية باختصار شديد هم أهل دعوا إلى الحلول وأفرطوا في التأويل وحولوا كل عمل ظاهر إلى سر باطن ، وكما أشار الإمام محمد عبده في كتابه رسالة التوحيد أنهم فسروا الكتاب بما يبعد عن تناول الخطاب، وعرفوا بالباطنية أو الإسماعيلية ولهم أسماء تعرف في التاريخ فكانت مذاهبهم غائلة الدين ، وزلزال اليقين، وكانت لهم فتن معروفة وحوادث مشهورة.
والبابية من منطلق ما سبق لا يؤمنون بشئ مما ورد بشأن الآخرة في القرآن الكريم ، ولقد أشار إليهم القرآن وأمثالهم حين قال  وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر . والقيامة عندهم قيام الروح الإلهي في مظهر بشري جديد، ولقاء الله يوم القيامة هو لقاء الباب لأنه هو الله، والجنة في اعتقادهم هي الفرح الروحي الذي يشعر به المؤمن ، أما النار فهي الحرمان من معرفة الله في تجلياته في مظاهره البشرية.

العبادات عند البابية :
أ ـ الصلاة:
ألغى الباب الصلوات الخمس المفروضة بالإضافة إلى صلاة الجمعة ، وأبقاها فقط في صلاة الجنازة ، وهذا من غريب وفحش قولهم ، ويقول الباب في كتاب البيان الواحد السابع ـ كما أشار الدكتور محمد الجيوشي ـ مخاطباً أتباعه : ” رفع عنكم الصلاة كلهن إلا من زوال إلى زوال تسع عشرة ركعة واحداً واحداً بقيام وقنوت وقعود ، لعلكم يوم القيامة بين يدي تقومون ثم تسجدون ثم تقنتون وتقعدون” .

وفي موضع آخر في كتاب نقطة الكاف للكاشاني وهو أحد رجال البابية الموتورين نجده يقول عن الصلاة ما يلي : ” إن المقصود من الصلاة التكبير والتحميد والتعظيم قولاً وفعلاً لحضرة النقطة الشيرازي وهذا هو المفهوم لقول الأمير عليه السلام : “نحن الصلاة ، وإلى جانب ذلك تحدث الباب عن السجود فقال في البيان : فلا تسجدن إلا على البللور، فيها من ذرات طين الأول والآخر من ذكر الله في الكتاب لعلكم شئ غير محبوب لا تشهدون البيان الثامن من الواحد العاشر”.

وإذا أعملنا العقل الذي منحنا الله إياه وهو نعمة لا تعد ولا تحصى ، لتعجبنا أولاً من هذا الكلام الذي لا دلالة له، والمعاني الرخيصة التي تحملها النصوص السابقة، فكما أكدنا في تصديرنا للدراسة الحالية بأن التيارات والفلسفات الإلحادية المعاصرة قامت بتلفيق النصوص الوثنية القديمة وحشوها بعبارات دينية بقصد إيهام العامة ، نجد النصين السابقين يكودان هذا ، فمثلاً يشير الكاشاني إلى ضرورة السجود على البللور عند الصلاة التي هي في الأصل مغلوطة ومشوهة لديهم ، وهم في شرك وضلال حينما ينادون بالحلول والاتحاد في الباب .

علاوة على الألفاظ التي نجدها مرصوصة رصاً دون معنى أو قيمة ، بالإضافة إلى ابتكارهم غير المرغوب فيه في قواعد النحو كالإضافة مثلاً حينما يقولون البيان الواحد العاشر ، والبيان الواحد السابع ، ورحم الله علماءنا النحويين الذين يسروا لنا قواعد اللغة فرقت ولانت طبائعنا بها.
ومن عجائب بدعهم في الصلاة والطهارة أيضاً ما رخصوه لنسائهم، فلقد أعفا الباب النساء من الصلاة والصوم عند حيضهن ، ثم دعاهن إلى الوضوء ثم التسبيح خمساً وتسعين مرة من زوال إلى زوال ، ويقلن عند ذلك : ” سبحانك الله ذي الطلعة والجمال” .

ب ـ القبلة:
وكل المسلمين يعلمون أن قبلتهم هي المسجد الحرام لقول الله تعالى  فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث كنتم فولوا وجوهكم شطره، أما عند تلك الفرقة ـ أي البابيين ـ فقد جعل الباب الشيرازي قبلة الصلاة البيت الذي ولد فيه ، أو مكان سجنه ومحبسه بعد ذلك ، ثم تطرف أتباعه فجعلوا القبلة الأماكن والبيوت التي عاش فيها.

ونحمد الله تعالى على اجتماعنا واتحادنا في الصلاة والآذان والقبلة، فلقد تشتت أمرهم بتشتت قبلتهم وشرود صلاتهم ، ونجد الباب الشيرازي يشير إلى القبلة بقوله : ” قل إنما القبلة من تظهره متى ينقلب تنقلب إلى أن يستقر ثم من قبل مثل من بعد تعلمون، قل إنما تولوا فثم فوجه الله أنتم إلى الله تنظرون” .

ج ـ الصوم :
أما الصوم فعند البابية تسعة عشر يوماً فقط ، وهو ما أسموه بشهر العلاء ، ويأتي عندهم في الربيع ، ويكلف الباب بالصوم من سن الحادية عشرة إلى سن الثانية والأربعين. ويقول الباب الشيرازي في ذلك : ” أنتم في كل حول شهر العلاء لتصومون وقبل أن يكمل المرء والمرأة إحدى عشرة سنة من حين ما ينعقد نطفته أن يريدون ، أن حين الزوال يصومون وبعدما يبلغ إلى اثنتي وأربعين سنة يعفى عنه ، وما بينهما من الطلوع إلى الغروب لتصومون”.

غرائب وعجائب البابية:
أورد فضيلة الدكتور محمد الجيوشي في كتابه عن البابية بعض الغرائب عن أتباعها، وأبرز ما أورده فضيلته سر العد 19 عندهم ، فلهذا العد مكانة خاصة لديهم ، ومن أجل ذلك اتخذ تقديس العدد 19 مظاهر متعددة منها تقسيم السنة إلى 19 شهراً، وجعل الشهر 19 يوماً .وتخصيص أيام الاحتفال بالعيد 19 يوماً وهو عيد النيروز. واعتبار الصوم الصوم 19 يوماً وهو شهر العلاء. جعل عدد الطلقات 19 طلقة ونفس العدد لعدة المطلقة ، وجعل التسبيح في السجود 19 مرة.

وكما تفردوا في اختيارهم العجيب للعدد 19 ، امتازوا وتباينوا أيضاً في اختيارهم لأسماء أيام الأسبوع، لذا نجدهم يطلون الأسماء الآتية على أيام الأسبوع السبعة وهي : الجلال ، والجمال ،والكمال ، والفضال، والعدال ، والاستجلال، والاستقلال.
*********************
البهائية :
من أدق التعبيرات التي وصفت بها البهائية ما جاء على لسان الإمام الشيخ محمد الغزالي ( رحمه الله ) بأنه دين استعماري ، أسهمت السياسة البريطانية والصهيونية في ترسيخها وتدعيم أركانها وسط غفلة المسلمين التي تحدثنا عنها من قبل، ومن خلال خططتهم الموجهة المتحفزة للقضاء على معالم الدين الإسلامي.
وما ذكرناه من قبل عن عقائد البابية المنحرفة ينطبق على مثيلتها البهائية ، التي أسقط زعيمها البهاء فريضة الحج العظيمة قدراً ومكانة بنفوسنا أجمعين ، بل تجاوز في غلوه عندما أوصى بهدم البيت الحرام. وتمادى رؤساؤهم بعده في إسقاط فرائض الصلاة والصيام والجهاد والقصاص.
ومنذ اللحظة الأولى لميلاد البهائية وهم يلحون في صناعة دين جديد يحارب الإسلام ويخاصمه، فالبداية إعلان البهاء مبشرا بالمهدي ، ثم أعلن بعد قليل بأنه المهدي المنتظر نفسه، ثم انتقل بعد ذلك إلى ادعاء النبوة ، حتى وصف لأتباعه الموتورين بأن الله تجلى به وحل فيه والعياذ بالله.
وليس من العجيب أن كل كتب البهاء تنشر في الغرب ، لأننا أشرنا أن الاستعمار البغيض وجد في موتوري العصر الحديث فرصة سائغة للنيل من الإسلام والمسلمين ، بل وجدنا الغرب المستعمر يصف البهاء بأنه داعية محبة وسلام وإخاء. ويؤكد ذلك أن بريطانيا دعت البهاء لزيارة سريعة إلى سويسرا سنة 1911م، وعقدت له مؤتمراً صحافياً ليعرض أفكاره الفريدة. ومنها أنه أعلن بالمؤتمر أن الناس قد نسوا تعاليم بني إسرائيل وتعاليم المسيح وغيره من معلمي الأديان فجددها البهاء.
ونظراً لما لاقاه البهاء من حفاوة من قبل البريطانيين وجدناه يؤكد علانية دون خجل أو خشية أو حياء بأن المدنية الشرقية لم تكن في يوم من الأيام أرقى من المدنية الغربية إلا في عهد (بوذا) وعهد ( زرادشت ) ثم بدأت بعدهما في الأوهام والخرافات تفسدان على الشرقيين معتقداتهم ، على حين كان الغربيون يجتهدون في الترقي نحو النور. وتعددت أسفار البهاء بعد ذلك إلى باريس وأمريكا التي قال فيها : ” إن أمريكا أمة مجيدة وهي حاملة للواء السلام في العالم ، وتستنير منها جميع الآفاق” .
ينتشر البهائيون اليوم في أكثر من مائتين وخمسة وثلاثين بلداً، وهم يمثّـلون أصولاً دينية مختلفة وينتمون إلى أجناس وأعراق وشعوب وقبائل وجنسيات متعددة. أما الدين البهائي فمعترف به رسمياً في العديد من الدول، ومُمثّـل تمثيلاً غير حكومي في هيئة الأمم المتحدة والأوساط الدولية العلمية والاقتصادية.
والبهائيون على اختلاف أصولهم يُصدِّقونَ بما بين أيديهم من الكتب السماوية، يؤمنون بالرسالات السابقة دونما تفريق، ويعتقدون بأن رسالة حضرة بهاء الله من الرسالات السماوية لا تمثّـل سوى مرحلة من المراحل المتعاقبة للتطور الروحي الذي يخضع له المجتمع الإنساني.
ويؤمن البهائيون بوحدة المنبع الإلهي لأغلب الديانات الكبرى الموجودة في العالم، ويعترفون بمقامات مؤسسيها وبأنهم رسل من الله، ومنها الزرادشتية والهندوسية واليهودية والبوذية والمسيحية والإسلام. ويعتقدون بأن جميع هذه الديانات جاءت لتهذيب البشر أينما كانوا عبر العصور، وبأنها نشأت في مجتمعات كانت تدين بديانات سابقة وبنت الواحدة على الأساس الذي وضعته الأخرى. وهذا أحد أهم المعتقدات البهائية التي تقوم على أساسها علاقتها بالأديان الأخرى واتباع هذه الأديان.
ويعتقد البهائيون أن كما نجد أن للمسيحية على سبيل المثال جذورا في الديانة اليهودية، فإن للبهائية جذورا في الديانة الإسلامية. غير ان هذا لا يعني بأن الدين البهائي فرقة من الإسلام أو فرع من الديانات السابقة، بل يؤمن أتباعه بأن دينهم هو دين مستقل منذ بداياته وله كتبه وشرائعه المستقلة.
رأي علماء المسلمين في البهائية:
يتفق أغلب علماء المسلمين على أن البهائية ليست فرقة أو مذهبا من الإسلام. وقررت المحكمة الشرعية العليا في مصر سنة 1925م أن الدين البهائي دين مستقل عن الدين الإسلامي. وينظر كثير من المسلمين لمتبعيه على أنهم كفار خارجون عن الملة والاعتقاد ، وذلك لأن البهائيين يعتقدون بأن مؤسس البهائية هو رسول موحى له جاء بعد رسالة الإسلام. فالمسلمون يؤمنون بأن رسالتهم هي آخر الرسالات السماوية.

وتستند العديد من الآراء الحالية ضد البهائيين على البيان الذي أصدره مجمع البحوث الإسلامّية بالأزهر ضد البهائية والبهائيين ونُشِرَ في عددٍ من الصّحف المصرية والعربية بتاريخ 21/1/1986م. ولقد قام البهائيون بالرد على هذا البيان في مقالة صدرت في مجلة أخبار العالم البهائي. وكان هذا المقال مختصرا نسبيا ليتناسب مع بيان الأزهر من حيث الحجم والمضمون. ولقد قامت المؤسسات البهائية بالرد على الاتهامات المشابهة التي كان قد أصدرها الأزهر في بيان صدر عام 1947م، وردت عليه لجنة النشر المركزية بالقطر المصري والسودان بإجازة المحفل الروحاني المركزي للبهائيين ونشر هذا الرد في مصر في نفس العام. كما يدرج موقع حقائق عن الدين البهائي ردا مفصلا على التهم غير الموثّقة والتي تدرجها بعض المواقع والمنشورات معتمدة في معلوماتها على مصادر معادية للتيار البهائي وأتباعه.

ولقد قرر مجمع البحوث الإسلامّية بالأزهر البحث في المسألة البهائية من جديد نتيجة لما أثارته قضية البهائيين المصريين ووضعهم القانوني في الصحف المصرية، والعربية، والعالمية. ولقد عرضت الجالية البهائية العالمية في رسالة موجهة للأزهر التعاون والمساهمة في هذه الدراسة وذلك تعبيرا عن أملها بأن يسود هذا البحث “روح الاحترام المتبادل والتجاوب الودي التي حثت عليه والمتوقع أن تسود العلاقة بين الهيئات الدينية في العالم”. وتستمر العديد من الجهات الإسلامية خاصة في إيران ومصر بمحاربة البهائية علنا والدعوة للقضاء عليها وعلى أتباعها.

العقائد البهائية :
يمكننا عرض بعض العقائد والأحكام البهائية بشكل بسيط وكما هو معروض في دائرة المعارف ويكيبيديا على النحو التالي:
ـ الصلاة: هناك ثلاثة أنواع من الصلاة البهائية اليومية وعلى الفرد اختيار أحدها.
ـ الصوم: الامتناع عن الأكل والشرب من الشروق إلى الغروب خلال الشهر الأخير في السنة البهائية.
ـ موافقة الطرفين ورضاء الوالدين عند الزواج وقراءة آية معينة وقت عقد القران بحضور شهود العيان (الآية: يقول الزوج “إنا لله راضون” والزوجة “إنا لله راضيات”).
ـ تحريم المشروبات الكحولية والمخدرات وكل ما يذهب به العقل.
ـ تحريم النشاط الجنسي إلا بين الزوج وزوجته.
ـ تحريم تعدد الزوجات.

افتراءات البهائية :
نعرض في هذا الجزء بعضاً لافتراءات البهائية وزعيمها ، ونترك القارئ المسلم ليدرك حجم الجهل والكذب والزيف لدى هؤلاء:

ـ يقولون إن الوحي لا يزال مستمرا وبأن المقصود بكون محمد خاتم النبيين هو أنه زينتهم كالخاتم يزين الإصبع.
ـ يعترف البهائيون أنهم يؤمنون بأن الوحي الإلهي سيبقى مستمرا لأن هذا من وعد الله لعباده.
ـ يحرمون ذكر الله في الأماكن العامة ولو بصوت خافت، كما جاء في كتاب “الأقدس”: “ليس لأحد أن يحرك لسانه ويلهج بذكر الله أمام الناس، حين يمشي في الطرقات والشوارع”.
ـ يقول البهائيون أن مقولتهم السابقة حول ذكر الله هي للتأكيد على حرمة وأهمية الصلاة وذكر الله. وأن ذكر الله يجب أن يحاط بالتقديس والاحترام من قبل المتكلم والسامع على حد السواء. ويضيفون ان أحكام البهائية لا تمنع، وإنما تؤكد على أهمية ذكر الله في كل الأوقات كضرورة لسعادة الفرد ورقيّه الروحي. ولكن يجب أن يتم ذلك بكل احترام وتقديس.
ـ لا يؤمن البهائيون بالعقاب والثواب الجسدي وتشير الكتب البهائية إلى أنهم يؤمنون بالعذاب والثواب وأنه يقع على الروح لا على الجسد.
ـ تشير الكتب البهائية أنهم يؤمنون بوجود الملائكة والحياة الآخرة ولكنهم يفسرونها تفسيرا قد يختلف عن التفسيرات والمعتقدات الشائعة المتعلقة بهذه الظواهر. وتؤكد المراجع البهائية على إيمانهم بالحياة بعد الموت كمرحلة أساسية لاستمرار حياتهم الروحية ولكنهم لا يؤمنون باستمرار الحياة الجسدية أو المادية للفرد بعد الموت .
أستاذ المناهج وطرائق تدريس اللغة العربية ( م )
كلية التربية ـ جامعة المنيا

أحدث المقالات