19 ديسمبر، 2024 12:48 ص

الإستدارةُ نحوَ السعودية !

الإستدارةُ نحوَ السعودية !

يبدو للعيان او للبعض أنّ التحرّكٍ الخارجي الأول لحكومة السيد الكاظمي الى الرياض , كان جرّاء الأزمة الأقتصادية – المالية التي يمرّ بها العراق وخصوصاً لتأمين مستلزمات الربط الكهربائي مع دول الخليج قبل أن تنتهي مدة او مهلة ال 120 يوماً ” الأخيرة ” التي حددتها واشنطن لوقف استيراد الغاز ومتطلبات تشغيل الطاقة الكهربائية في العراق من الأيرانيين , ويُلفت النظر في ذلك مشاريع الأستثمار الكبرى التي طرحها الوفد العراقي على السعوديين في ميادين حقول الغاز والنفط وبمشاركة ” ارامكو ” تحديدا والتي تعرّضت لقصفٍ صاروخي منذ شهورٍ مضت وانقضت , بالأضافة الى مسائل تجاريةٍ مشتركةٍ بينَ كلا البلدين .

  نؤشّر اولاَ أنّ تغيير السياسة الخارجية لأية دولةٍ تجاه دولة اخرى تتقاطع معها كلياً , يتطلّب تمهيد الأجواء وتغيير لغة الإعلام بطريقةٍ تحمل نكهة الودّ وما الى ذلك , وربما بأرسال فرق رياضية او كشفية او سواها لترطيب الأنواء السياسية بين كلتا الدولتين , وهذا ما لم يحصل في الحكومة العراقية الجديدة , ثُمّ نؤشّر ايضاً أنّ احزاب الإسلام السياسي الحاكمة وفصائلها المسلحة < التي تتقاطع مع المملكة بنسبة  درجة 180 > سياسياً وسيكولوجياً , لمْ تُبدِ أيّ تعليقٍ لغاية الآن ! على زيارة وفد الكاظمي الى السعودية والمشاريع التي حملها معه , ولا يعني ذلك أنّ هذا الصمت قد يستمرّ ! , والموقف برمّته او بمجمله يرتبط بالخلاف بين طهران وادارة ترامب , وما قد يتخلّل ذلك من نقاط التقاءٍ موضعية ومحدودة , ولا نزعم أنّ ترك وتخلّي واشنطن للتعرّض لناقلات النفط الأيرانية الخمس في طريقها الى فنزويلا, بأنْ له علاقة بهذا الشأن .!

    تدرك قيادات الأحزاب الدينية ” او معظمها ” مسبقاً , أنّ توجّهات الكاظمي للإنفتاح على المحيط العربي , والخليجي اولاً , وبجانب الدعم الغربي لحكومته , هي بالإبتعاد والتخفيف المتدرّج من الإرتماء في الحضن الأيراني , وهذه القيادات ما برحت ملتزمة او ملزمة بالتمسك بموقف طهران من السياسة التي يتبعها الكاظمي لغاية الآن وهو في بداية عهده , والموقف عموماً قابل للتغيير ايضاً .

وإذ الفترة المقبلة والى غاية نوفمبر – تشرين 2 موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية , هي فترة محرجة على صعيد ما ستفرزه الأنتخابات من بقاء ترامب على سدّة الحكم او رحيله عنها , ومع كل الأنعكاسات الأفتراضية المحتملة على العلاقة بين ايران والأدارة الأمريكية القادمة , وما قد تتعرّض له هذه الفترة من تأثيراتٍ ومؤثراتٍ في الجيوبوليتيك مما قد ينعكس على نتائج الأنتخابات , لكنه بعيداً عن كلّ ذلك , ووفق البراغماتية السياسية , فلو باشرت المشاريع الأستثمارية السعودية اعمالها في العراق في المدى المنظور , وتحسّن وضع الكهرباء بالأسعار المنخفضة الكلفة المعلنة , وجرى التخلّي بعدها عن استيراد الغاز من الخارج ! , فلو ارتؤيَ ” لسببٍ او لإخر ” من احدى الفصائل المسلحة قصف منشآت المشاريع المقبلة المشتركة بين المملكة والعراق , بالصواريخ المحمولة او عبر طائراتٍ مسيّرة , وفي ظلّ انخفاض اسعار النفط وما ستتعرّض له الخزينة العراقية المفلسة , فهل من دواعٍ للقول او للتساؤل عمّن هو الرابح ومن هو الخاسر ؟ , وهل ينبغي على اكثر من 30 مليون عراقي ان يكونوا اسرى لمثل هذه الصواريخ المفترضة , لاسيّما أنّ تسليح عموم التنظيمات وفصائلها يوازي او يفوق تسليح الجيش العراقي , والشرطة الإتحادية ايضاً ! , والحديث هذا مختزلٌ الى اقصى الحدود .!