تزوج شاب من فتاة عانت الاضطهاد الكبت والحرمان من اهلها طيلة حياتها, فعاملها بالحسنى فصارت وكأنها نصفه الثاني.. طيبته صورت لها انه ضعيف, فبدأت تعامله باستخفاف وترفع صوتها عليه قليلا في الغرفة، فتجاوز عن سوء تصرفها, على امل ان تشعر بخطاها, وتعود لحسن الخلق.
قلة عقلها صورت لها أن ما تفعله مع زوجها الصواب, وما ايد ذلك انها اخبرت صديقاتها ( الحاسدات ) بتصرفها, فأيدن ما فعلت وطلبن منها ان تزيد على المرة السابقة وتصعد العيار قليلا!
اخذت الزوجة تتطاول اكثر, لكن عندما يكونان لوحدهما في غرفتهما, ولا زال الزوج صابرا عليها, ولم يبدي ردة فعل كبيرة تجاه سوء خلقها, مما شجعها على تتمادى وتتطاول عليه بحضورهم أهله..
نصحه والداه بعدم السماح لها بذلك لأنها ستتطاول أكثر إن لم يحاسبها على فعلتها, فأجابهم مبررا بأنها لا زالت صغيرة, ومع الايام ستتعلم وتتغير.
اصبح عندهما اطفال خلال سبعة عشر عاما من الزواج, لكن الزوجة لم تحسن سلوكها انما ازدادت على ما كانت عليه, لدرجة أن ابنائها اخذوا طبعها, فصاروا يتطاولون عليه امام الناس وعلنا في منطقة سكناهم.. بل وفي احيان كثيرة يضربوه ويسيل دمه من جسده!
ما يحدث في العراق من تطاول على الدولة ومؤسساتها, ظاهرة غريبة وغير مسبوقة في دول العالم, حيث بعض المواطنين يتطاولون على الدولة ومؤسساتها دون رادع او خوف, حتى اصبحت الرتبة العسكرية مهانه والمسؤول يخشى على نفسه من الخروج الى الشارع..
رجل الامن يتم مساءلته وربما معاقبته, لأنه حاول تطبيق القانون ودافع عن مؤسسات الدولة.. أما المواطن فهو حر طليق يسجل مقاطع فيديو وينشرها على مواقع التواصل الاجتماعي لكل افاعيله العجيبة الغريبة.. فمرة يتهم واخرى يشتم وثالثة يحرق مؤسسات الدولة, ورابعة يتطاول على رجال الامن ويسبهم ويشتمهم, وفي احيان كثيرة يضربهم وينزعهم رتبهم, دون ان يحاسب والويل لم “يحاول” التصدي لهم!
اجراءات ضعيفة من الدولة بسبب ما يسمى بالديمقراطية, ادت بالعراق لأن يصبح فيه القانون غائبا او مغيبا, حتى اصبح المواطن لا يخشى التطاول على الدولة ومؤسساتها, لكنه يخشى بل يرتعد من أن ينتقد مجرما او قاتلا, أو زعيم عصابة, او حتى عاهرا لأنه يعلم أنه وأتباعه لن يتوانون عن قتله خلال دقائق, ولا يوجد من يحميه.
سبب ما يمر به البلد من تراخي في تطبيق القانون ربما سببه الكتل السياسية نفسها, حيث التنافس غير الشريف, الذي اتاح لكثير منهم الخروج على المنصات الاعلامية, واتهام بعضهم البعض الاخر بالفساد, والتلويح بأن لديهم ملفات على المسؤول الفلاني دون الكشف عنها, مرة للابتزاز والحصول على المكاسب المادية, واخرى للتسقيط السياسي, دون ان يكون للقضاء دور في مطالبة تلك الكتل والشخصيات بتقديم الادلة, فتح الباب على مصراعيه للشعب بأن يأخذ كامل حريته بالتطاول على هيبة الدولة.. ناهيك عن استخدام لغة سوقية هابطة، واساليب قذرة لا تراعي اي حدود ادبية او اخلاقية او دينية.. من خلال جيوش الكترونية تبيع كل شيء بالمال!
لا تبنى الدولة, دون ان تكون لها هيبة, وهذه لن تتحقق الا ان كان هناك قانون، يحمي الجميع ويحاسبهم في نفس الوقت, من المواطن البسيط الى اعلى مسؤول فيها.
بعكس ذلك فستبقى عسل و بصل وامثالهما يعيثون في البلاد فسادا.