الانسان بوصفه قيمة عليا في الوجود؛ يحتل مكان الصدارة في جميع انظمة النظام الرسمي العالمي، والخطابات التي تنتجها او التي تروج لها هذه الخطابات، والطروحات السياسية، والثقافية، وغيرها، وفي جميع انظمة الحكم في العالم، الديمقراطي او انظمة الاستبداد، وفي جميع النظم الرأسمالية، وحتى الانظمة المتخلفة، وانظمة الاسلام السياسي بكل اشكالها. لكن الحقيقة الموجودة فعليا في الواقع (باستثناء انظمة قليلة اقل من اصابع اليد الواحدة، من انظمة الحكم في العالم الثالث، فنزويلا مثلا، والنظام في جمهورية الصين الشعبية لجهة الايديولوجية الحاكمة فيه، تختلف كليا عن جميع هذه الطروحات) بل ان الواقع الذي يتحرك على الارض؛ طحن الانسان بل حوله، وبالذات في القرن الواحد والعشرين الى سلعة معروضة للبيع في اسواق السياسة، واسواق الحروب، المستندة على البورصات الدينية المتفرقة بل المتقاطعة كليا. تتأثر قيمتها السعرية لقانون العرض والطلب كأي سلعة معروضة للبيع؛ ترتفع اسعار البشر للبيع في اسواق الحروب، حسب شدة وشراسة وقسوة وسعة الحروب. باستدعاء الصراع المذهبي من بطون التاريخ الموغل في القدم، الذي مضى عليه، عدة قرون، وتفعيله ليس كما كان عليه، في ذلك الوقت من حوار الافكار بين الفرق الكلامية، بل ان هذه القوى الدينية، لجأت الى الحوار بالرصاص وفوهة البندقية والمدفع، من اجل السيادة والتمكن الذي يجعل اطراف الصراع يغرقون الى الاعناق في بحر الخديعة الكبيرة، والاوهام القاتلة، بتحقيق الانتصار الذي يفتح الطريق الى قصر الحكم، على جثث الضحايا من البشر، وتشريد الاخرين الى المنافي، والى مناطق النزوح. بينما يدور بين القوى العالمية الفاعلة في هذه الحروب او هي من اججتها بصورة او بأخرى؛ حوار بينهم حول شكل الحل وطريقة تنفيذه على ارض الواقع وبمعزل عن إرادة اطراف الصراع او اجبارهم على القبول به في نهاية المطاف حين تكون جميع طرق الخروج بالحل الوطني، مسدودة امامهم. ان جميع الصراعات التي شهدتها دول المنطقة العربية، ولم تزل تشهد، قتال مباشر او محاربة عصابات الارهاب او اي شكل من اشكال الصراع الذي مزق نسيجها المجتمعي؛ كان من صنع تلك القوى الدولية والاقليمية. فقد عملت تلك القوى الدولية والاقليمية على تهيئة الحواضن الاجتماعية المتخلفة، للقوى المحلية الطامعة في السيطرة على السلطة والمال والمقدرات، بتوظيفها وتحويلها الى اداة لرسم شكل الدولة على مقاساتها الايديولوجية. الولايات المتحدة على وجه التحديد، دعمت طرف على حساب طرف اخر، تعلم علم اليقين بانها بهذا تدفع قوى الصراع المحلية الى التناحر والاقتتال البيني. تعمل جاهدة هي وغيرها على ادامته واستمراره الى ان يتم انضاج الطبخة على نار تشتعل في اوار ملتهب، لتقدم الحل او تقدم قرار اممي بالاتفاق مع اللاعبين الاخريين، يقدم الحل، هذا الحل هو وبكل تأكيد بالضد من الإرادة التاريخية للشعوب العربية التي دار ويدور فيها هذا الصراع حتى الآن. في السياق ان هذه القوى الدولية وبالذات الولايات المتحدة الامريكية، حققت ارباح طائلة وسوف تحقق من بيع السلاح الى اطراف الصراع في المنطقة العربية وما يجاورها، هذا اولا، وثانيا حققت التمزق واضعاف تلك الدول العربية، أضافة الى ان هذا الصراع دفع البشر الى الضياع والتيه، يبحث له عن رزق وموطأ قدم، بصرف النظر عن الوسيلة والهدف، ليتحول الى سلعة معروضة للبيع في بورصات الحروب، وثالثا ان الولايات المتحدة وكما تتصور وتتوهم في الطريق الى فرض شكل الحل الذي تريد وخططت له من لحظة البدء. في جميع الذي تقدم كان الانسان العربي هو الضحية وهو الجلاد وهو الأداة، فالقوى الدولية والاقليمية، لم تدفع بأبنائها وجنودها الى حومة القتال المباشر. لقد كان السبب، هو سياسة التجهيل والتفقير والاضطهاد، التي مارستها ولعدة عقود، انظمة الحكم العربية المستبدة، وبدعم وتأييد من قادة النظام العالمي الرسمي( الامبريالية العالمية) الذي انتج في خاتمة المسار، الارضية المناسبة لنجاح المخطط سابق الذكر ولو الى حين الذي بعده لابد للشعوب ان تسمع جرس الانذار الذي ضربته ومستمرة في الضرب عليه اكثر واكثر؛ ايادي رموز الحقيقة والوعي والتنوير وحب الوطن وكرامته وامنه واستقلاله، والاهم كرامة الانسان كأعلى قيمة في الوجود. في الدول العربية التي جرى ويجري الى الآن فيها هذا الصراع العبثي الذي لن يقود الى اية نتيجة في الختام، لأنه بالضد من حركة التاريخ، والذي يحمل في صلب تكونيه الايديولوجي، عوامل اقصاءه ودفعه خارج التاريخ مهما طال الصراع، ومهما قدمت وسوف تقدم الولايات المتحدة وغيرها من قوى التأثير والقوة على ظهر الكوكب، لأسباب خاصة بها او بهم وبمشاريعهم في المنطقة العربية وفي جوار المنطقة العربية، وهي وبكل تأكيد؛ تتناقض كليا مع مصالح الدول العربية وشعوبها.