أولا…ونمضي في واجب ( التصحيح ) و (التنبيه ) كلما عثرنا على (فوات ) في صفحات كتاب ( جامعة آل البيت ١٩٢٤- ١٩٣٠) لمؤلفه د. سيار الجميل … فنتناول ما ورد في الصفحة ( ١٧) عن مذكرة الملك فيصل الأول التي ذيلها بتوقيعه في ١٥ آذار ١٩٣٢ أي بعد اكثر من عشرة سنوات على توليه الحكم وقبل نحو عام ونصف العام قبل وفاته…، ووصفت بانها ( خطيره وشهيره وهامه )…نجد نصا للمؤلف فيه يقول ( ان جملة هواجس تتملكني عندما أتأمل وافكر فيها كونها لا تمت باية صله الى فيصل الأول وأنها – نص – نسب اليه زورا وبهتانا … وانها عاريه عن الصحة في نسبتها الى فيصل الأول نفسه ، وخصوصا واننا لم نجدها صادره الا عن مصدر واحد مشكوك في امره ومنهجه ورؤيته ولم يوضح لنا من اين اخذها ) .
ثانيا … وفي نفس الصفحه يشير المؤلف الى المصدرين الذين اعتمدهما : ( الأول – عبد الرزاق الحسني – تاريخ العراق السياسي الحديث ) صيدا ١٩٥٧ – ج١ ص١٢ … و( الثاني – علي جودت ، ذكريات ١٩٠٠- ١٩٥٨ ، بيروت ١٩٦٧ ألملاحق ) ……….
ثالثا … رجعنا الى نفس المصدرين المذكورين للبحث عن الحقيقه فوجدنا بان الحسني قد ذكر مصدر حصوله على المذكره كما انه لم يكن المصدر الوحيد بل ان علي جودت الايوبي هو مصدر آخر نشر نص المذكره في كتابه المذكور . وكما سنوضح فيما يلي : ..
( ١ ) … يقول الحسني في كتابه ( المذكره هي واحده من مذكرات كتبها الملك في ظروف خاصه واويقات مختلفه ، سطت عليها ايدي السؤ بعيد ارتحاله الى دار البقاء في ٨ \ ٩ \ ١٩٣٣ وكان صاحب الجلاله – الملك علي – قد تفضل علي بإحدى المذكرات المتعلقه بتكون الدوله العراقيه وكيفية إدارة شؤونها والسير بها قدما … )………. اما عن الحسني كمؤرخ وعن منزلة كتابه ومنهجه ، فإن الطبعه الأولى من الكتاب / ١٩٤٥ نال عنها جائزة المجمع العلمي العراقي . والطبعه الثانيه / ١٩٥٧ نالت جائزة تقديريه من السوربون ، ودعي الى حضور مؤتمر الاستشراق في موسكو / ١٩٦٠ ، ومنحته جامعة بغداد الدكتوراه الفخريه في التاريخ ، ومنح وسام الرافدين من الدرجه الثانيه ووسام الرافدين من النوع المدني ، وغيرها الكثير …. اما في وصف منهجه فان الباحث الدكتور إبراهيم العلاف قال في ذلك ( مراجعة الأصول وتدقيق المراجع ، ومقابلة الوثائق مع أصولها والاتصال باصحاب العلاقه ) .
( ٢ ) … يقول علي جودت الايوبي في كتابه (…وكان -الملك – قد وجهها -المذكرة- الى بعض رجاله، وكان كاتب هذه السطور ممن حظهم جلالته بنسخة منها للفت نظرهم الى واقعهم، والى ما يجب عمله خلال ممارسة أعمالهم، ليصهروا تلك الكتل البشرية ويجعلوا منها دولة، بل قوة عصرية تساعدهم بامكانياتها، الجبارة على استخلاص البلاد العربية الأخرى من مخالب الدول المسيطرة عليها).
(٣)…بعد كل هذا وذاك ، فإن الباحث يكون قد تخلص من اية شكوك او هواجس بمصادر المذكرة وعن صحة نسبتها للملك ……………….
رابعا … عندما يعالج باحث ، محتوى المذكره، أو بعض ما ورد فيها من أفكار صاحبها ، فإنه لا يغفل عن زمن كتابتها ، الذي ذكرناه ، ولا عن بواعث كتابتها وتوزيعها على عدد من رجاله لتعريفهم برؤياه والوقوف على وجهات نظرهم ، كما لا يغفل الباحث عن أسباب وقف عليها الملك لينطلق منها بعد ذلك لبيان ( خارطة طريق ) بمصطلح هذه الأيام ، لتكوين دوله حديثه بهوية عراقيه وطنيه جامعه ( مدنيه ) ، موحدة شاملة ، أساسها مبدأ الشراكة والمشاركه ، بعيدا عن التعصب والتطرف ، من مجتمع متكون من كتل بشريه لمكونات ذات ولاءات بهويات فرعيه كثيرة معروفه ، تخلو من الشعور بالمواطنة وتقدم مصالحها الذاتيه على مصلحة الوطن … فقد كتبها وقلبه ( ملآن اسى )وبعد أن ظهر له عدم وقوف بعض وزرائه ورجال ثقته ، تماما ، على أفكاره وتصوراته ونظره في شؤون البلاد وفي كيفية تشكيلها وتكوينها ، وبين فيها (تفاصيل نظرياته ومشاهداته وتشخيص امراض البلاد وعوامل الضعف ) فجاءت وحدة مترابطه الأجزاء . أسباب ونتائجها ومعالجات ، في استراتيجية متكاملة في بيئتها وظرفها … ولأنها مترابطه متكامله فإن العمل على اجتزاء مقطع منها دون التنويه بعلاقتها بالاجزاء الأخرى يسئ لمحتواها ويفقدها ( أهميتها و خطورتها)!!