الموقف السعودي تجاه الأحداث التي تعيشها مصر حالياً ، قد يثير الغرابة ويفجر تساؤلات منها
هل هناك ملوك قوميون ؟
أم يوجد رجعيين أحرار ؟
بيد أن نظرة فاحصة تستند على خلفية المواقف بين المملكة السعودية وتنظيم الأخوان المسلمين قد يفك “طلاسم الشفرة ” ويوضح حقيقة المشهد، و يعلل “الإرادة الملكية” في دعم العسكر ويبرر سحق (الشرعية الانتخابية )، وفض اعتصامتها الديمقراطية في القاهرة !.
فالملك عبد العزيز الذي خاطب الأخوان في خمسينات القرن الماضي عندما لجئوا إليه من ضغط القوميون: ( لا يوجد أخوان مسلمين فكلنا أخوان وكلنا مسلمين )، بمعنى أن لا جديد بدعواكم .
عدها “الأخوان ” حينها تسفيه لتنظيم يحمل مشروع رؤيا وفكر لشكل الحكومة الإسلامية التي يسعى التنظيم لأقامتها في مصر، ومن ثم تصديرها إلى العالم الإسلامي، ومنذ ذلك الحين اضمر الأخوان موقف الملك في أدبيات العداء الاستراتيجي بين الطرفين واخذ يتحين الفرص احدهما للآخر.
السعودية التي فقدت على مدى الخمس سنوات الأخيرة الكثير من دورها بعد الربيع العربي، وتركت الريادة لتركيا وقطر ، استسلمت ل (عيال الأخوان ) تنظيم القاعدة ( كما تصفهم قيادات الأخوان فهم يعدون القاعدة مولودة من رحم الأخوان المسلمين ) الذين أصبحوا الخطر الحقيقي على النظام، ومثلوا أرقا حقيقياً لمملكة آل سعود.
طبعاً أن أصابع الاتهام تشير إلى دور الأخوان في تهديدات القاعدة للنظام السعودي في العقد الأخير، ولم يكن الدور خافياً على أجهزة المخابرات المصرية وكذلك السعودية ! (وهو تحت السيطرة مادام لا يرتقي إلى دائرة الخطر الحقيقي لتغيير النظام ويصنف امنياً ضمن صراع الريادة العربية بين البلدين) .
الأخوان المسلمين استغلوا مساحة “صراع الريادة العربية” ووجدوا لحقدهم الضامر على الموقف السعودي تجاههم متنفساً ، فدفعوا ب (عيالهم) القاعدة إلى إحراج النظام السعودي على الصعيد الخارجي والداخلي في أكثر من مناسبة .
أذن أصبح واضحاً لماذا رمت المملكة السعودية بكل ثقلها بالملعب المصري بعد سقوط الأخوان؟
فهي أرسلت رسائل متعددة إلى منافسيها على زعامة المنطقة وكذلك لخصومها المتحاملين (الأخوان المسلمين )، فضلا عن تهديد قوى المعارضة الداخلية التي بدت تتنامى في العقد الأخير، وباتت تشكل قلقاً للنظام .
فنجحت بتوجيه صفعة إلى كل من “تركيا ـ قطر” وأوضحت تراجع حجم التأثير لكلا البلدين في المشهد المصري لحساب الدور السعودي وعودة الدور الريادي والأبوي السعودي العربي ، ومن جانب تشفت المملكة بالإخوان المصريين على خلفية مواقفهم السلبية تجاه السعودية ، ولوحت بعصا التهديد للمعارضة الداخلية بسحقها في حالة التفكير بتغيير النظام أو القيام بتظاهرات تطالب بتشكيل نظام ديمقراطي مدني يحمي الحريات والحقوق ويجعل طبقات المجتمع السعودي متساوية أمام القانون
(فليس هناك من مانع مادام التنسيق مع أمريكا بأعلى مستواه كما حصل بالملف المصري)! .