من الأقوال الشائعة والتي تجري مجرى الأمثال , “إذا إمتلأت البطون عميّت العيون” , ويمكن أخذ القول إلى مديات بعيدة وعميقة , تتصل بالواقع المُعاش الذي تتحاصص فيه الرغبات والدوافع والتطلعات , والجميع في إحتفالية التغني بليلاه.
مما يدفع للتساؤل والتوجس والإحتراز , عندما نفكر بمستقبل أفضل وحاضر معاصر يليق بتنمية إرادة أجيال تسعى لصناعة الحياة.
فهل نستطيع التقدم بأمان؟
وهل يمكننا أن نعيش بوئام؟
وهل التحاصص يحمينا من الخصام؟
إن فكرة العمل بموجب الحصة السياسية من أخطر وأخبث الآليات المدروسة بإمعان , والتي أريد لها أن تطيح بالشعوب وبالأوطان , عندما تجد مُغفلين من أبنائها يتقدمون نحوها , كما تتقدم السوابغ نحو فرائسها في سوح الغاب اللهاب.
ويبدو أن بعض المجتمعات قد وفّرت لهذه الرؤية مَن يؤمن بها ويتمسك بآلياتها , ويستنزف طاقاته وقدراته لتأكيدها وضمان حصته في كل شيئ منها.
ووفقا لذلك فأن أي نظام لا يمكن أن يُسمى سياسي , وإنما تحاصصي , فالسياسي يعني الوطنية والسيادة والعمل الدؤوب على بناء البلاد وتحقيق سعادة المواطنين فيها , أما منظور الحصة فيهدف إلى الإستحواذ والهيمنة والعمل على أخذ ما يمكن الإستئثار به.
فالتحاصص منطلق للتعاصص الذي يعني تشابك القِوى وتوحلها ببعضها , وإنهماكها بلذائذها التي تصل إليها بشتى الوسائل التي تبرر بلوغها , مما يعني أن الحالة ستكون مفعمة بما هو لا أخلاقي , ومنافي للقيم والأعراف بأنواعها , فيكون الفساد سيدا , والقوة رائدا , وشعار ” ما إجتمعت بأذوادٍ فحول” هو الحاكم والسلطان.
وعليه فأن هذه المجتمعات ستمضي من خسران إلى خسران , ومن حال سيئ إلى أسوأ مما كان , ولا يمكن إقامة نظام سياسي فيها , بل أن الذي تستطيع تحقيقه هو المزايدات على المناصب والكراسي , ولا يعنيها أمر الوطن وقيمة الإنسان.
فالتحاصص يهدي إلى العدوان!!