19 ديسمبر، 2024 12:49 ص

الخادع و المخدوع في الإنتخابات البرلمانية تطيح بالدولة العراقية

الخادع و المخدوع في الإنتخابات البرلمانية تطيح بالدولة العراقية

في حملة إنتخابات برلمان 2018 قام أحد المرشحين بنصب مضخة ماء زراعية في إحدى المناطق الريفية لإغرائهم بالتصويت له في الإنتخابات، و بعد فوزه في الإنتخابات و صعوده إلى البرلمان قام هذا البرلماني برفع المضخة من مكانها وسط ذهول و صراخ المخدوعين، أمام الكاميرا التي صورت الحدث و فضحته على الملأ، الذين صوتوا لهذا البرلماني الذي خدعهم بهذه الحيلة التي لم تخطر على بال الشيطان، و لقد إنصدم هؤلاء المخدوعون كيف أن هذا البرلماني إستحيف أن يعطيهم مضخة ماء مقابل أن فتحوا له باب مغارة علي بابا على مصراعيها، و لكن أخيراً إقتنعوا بأن ما حصل لهم يستحقوه و هو من صنع أيديهم و كما قيل في المثل “عز نفسك تجدها و من هانت عليه نفسه تراها على الناس أهون”. و هذا البرلماني النموذج في خداع الناس ليس إلا واحد من بين عشرات النماذج التي تجتهد و تتبارى فيما بينها لإبتداع الحيل لخداع الناس من أجل الوصول إلى البرلمان، و أصبحت حيلة توزيع البطانيات في الحملات الإنتخابية قديمة غير مؤثرة، من أجل الحصول على أصواتهم الإنتخابية و من ثم التفرغ للإستحواذ على الأموال العامة لإسترجاع الأموال التي صرفوها لخداع الناس مع الأرباح. و الطامة الكبرى إن خداع البرلمانيين المخادعين للناس المخدوعين الذي حصل في إنتخابات 2018 لم يحدث لأول مرة، فهو يتكرر مع كل إنتخابات و لكن لا أحد يتعض. و إذا كان السياسيون يتبعون طرقا ً ملتوية ليجعلوا الناس ينتخبونهم فعلى الناس أن يكونوا مؤمنين و لا يقعوا في هذا الفخ و خاصة ً أن لا يعيدوا إنتخابهم للمرة الثانية لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و آلِهِ وَسَلَّمَ “لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ”. و قيل “المؤمن كيس فطن حذر وقاف متثبت عالم ورع، لا يعجل، والمنافق همزة لمزة حطمة، لا يقف عند شبهة، ولا ينزع عن كل ذي محرم كحاطب ليل لا يبالي من أين كسب وفي ما أنفق”.
الفئة الثانية من الشعب العراقي التي لا تفكر إلاّ في إشباع حاجاتها المادية الآنية هي فئة أصحاب الرواتب، و لذلك تجتهد الأحزاب المخضرمة في السلطة إلى توفير الرواتب بأي وسيلة كانت و لو على حساب خراب العراق، و لذلك تلجأ إلى الإقتراض و الذي يزداد عبئه سنوياً على إقتصاد العراق بتراكم مقداره و بتراكم فوائده. و كذلك تلجأ هذه الأحزاب المخضرمة إلى الحديث دوماً عن زيادة الرواتب مما يجعل أفراد هذه الفئة ملتفين حولها لا يفكرون بغيرها و لو للحظة.
أما الفئة الثالثة من الشعب العراقي فهي تطمح إلى إزاحة هذه الأحزاب المخضرمة عن السلطة، و بعد أن وجدت هذه الأحزاب بأنه لا يمكنها خداع هذه الفئة لشراء ذممها للحصول على أصواتها الإنتخابية فإنها سلكت معها إسلوباً لا يقل شيطنة عن أساليب كسب الأصوات ألا و هو تحييدها عن الإشتراك في الإنتخابات حتى لا تنتخب أحزاب بديلة عنها، حيث أنها لجأت إلى إطلاق الأقاويل التخديرية و التيئيسية لتحقيق ذلك من مثل أن “كلهم حرامية” و “أمريكا جابتهم و هية تريدهم” و “نتائج الإنتخابات محسومة سلفاً و لا جدوى من الإشتراك في الإنتخابات” و أخيراً “إذا كانت نسبة المشاركة في الإنتخابات أقل من 40% فإن الإنتخابات تعتبر باطلة حسب القانون الدولي و عندها ستقوم الأمم المتحدة بإحضار قوات دولية و تنصب حكومة طوارئ عسكرية” و حتى بعض الأقاويل طرحت أسماء عساكر يعيشون في الخارج ليتبوئوا السلطة، و هذا ساعد بخداع هذه الفئة من الناس و ثنيهم عن المشاركة في الإنتخابات. و لذلك فإن هذه الفئة لم تشترك في الإنتخابات، و انتظرت قدوم القوات الدولية لتنصيب حكومة الطوارئ حسب القانون الدولي، و لكن هذه القوات الدولية لم تأتي على الرغم من أن الذين قاطعوا الإنتخابات تجاوز 80% و الذي كان ضعف النسبة الدولية المزعومة 40%، لأنه و بكل بساطة لا يوجد مثل هكذا قانون دولي و لا شأن للأمم المتحدة بهكذا أمور، و أن هذه الفئة قد خُدعوا حال الفئة الأولى من الشعب العراقي.
لا ننتظر من هكذا برلمانيون مخادعون خيراً، فالمخادع لا يفكر إلاّ في نفسه و كيف يخدع الآخرين لسلبهم حقوقهم و أموالهم و بالتالي لا نتوقع أن تسير أحوالنا نحو الأفضل. و لكن الشعب العراقي رغم كل ذلك لا ينفك يلوم هذه الأحزاب المخضرمة على سوء الأحوال و يسبها و يتباكى على سوء أحواله و لا يراجع نفسه كيف تربعت هذه الأحزاب على عرش السلطة و كيف هو ساهم بذلك بأن سمح لها أن تخدعه بكل سهولة و يسر لتسرق حياته و أمواله و يكون مصيره التهلكة مصداقاً لقوله سبحانه و تعالى “وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ” (هود117).