إلى من رحل عنا جسدا، لكنه حاضراً في وجدانِ أوفياءه.
إلى من أرسى دعائم الوعي الذي شوهته أدران السياسة.
إلى عملاق الحس الوطني …أُخاطبه صادقاً:
“لقد كان بعدك انباءٌ وهنبثةٌ”.
عندما يتطابق الإسمُ مع معناه، حينها ستجد الحكمة متجسدة بشخص الراحل “عبد العزيز الحكيم”
إنه ذلك الهاشمي النحيل الهاديء المهذب الوقور الودود…الحكيم في تبنيه للمواقف الخطيرة، الذي لا يهادن ولا يحابي على حساب مصلحة بلاده، كونه صعب المراس إذ ما أحس بخطر يداهم وحدة البلد ومصير أبناءه.
لقد رحلت َسريعاً وما زلت لغزاً محيراَ لمن صَعُبَ عليهم فهم ما كنتَ تبغي من ولوجك لمعترك السياسة التي كنت قطب رحاها حين جلس الإنتهازيون على التل لمشاهدة ما أنت صانع.
نعم… فالمسافة الفاصلة بينك والهدف الذي كنت تصبو إليه مازالت طويلة، لكن من هم على عهدك ووعدك على دراية وفهم عميق لمشروعك الذي أُسيءَ فهمهُ من قبل منافسيك.
يا من تجسدت بك حقيقة ملامح المشروع الوطني، وما يجب أن يكون عليه حال بلد منهك مثل العراق، هاهم خصوم الأمس يبحثون عن كل شاردة وواردة ٍكنتَ تطلبها فيقابلوك برفضها_ هاهم اليوم يتبنون ماكنت تطالب به ، لكن ضجيجهم غلب هدوءَكَ ومكرُهم فاقَ نبلَك.
أيها العبقري الذي فجر ينابيع الوعي، ها قد عادت المطالبة برفض المعادلة الظالمة التي كنت ترددهاحين إتهموك بالطائفية والتقسيم!.
لقد إستشعر خصوم الأمس إن الغنيمة على وشك الإفلات من قبضتهم، فعادوا لإحياء تراثك دون الإشارة اليك ولهم العذر والحالة تلك كون ذكرك في محضرهم يشعرهم بضآلة حجمهم ويرميهم في خانة اللاشيء ويخلع عنهم جلباب الابهة المزيف فيعودوا نكرات كما هو شأنهم في وجودك.
أيها الزعيم الذي برحيله أينعت خضراء الدمن، فتسنم القيادة من ليس لها بكفؤ، ونادى الطائفيون بما كنت تردده فيرفضوه نكاية بك.
كيف لا تكون زعيما يامن جمعت شملهم بعد الشتات، فعادوا لما كانوا عليه ولم يستقروا على رأي جامع لهم بعد ان صار السلاح سبباً لإستقواء الجبناء والمكر وسيلة لتسيد المخادع فيما راح سفيههم يستجدي المشورة من غير أهل مودته. َ