القسم الرابع
وبعد ان استقر وضع المجلة ، واتسعت مساحتها من حيث الانتشار وزيادة عدد قرائها ، وسع زهير من طموحاته واقترح اصدار مجلة شهرية باسم السينما والمسرح ، ولاقى مقترحه استحسان وتقبل هيئة التحرير ، وبالفعل تم التخطيط للمجلة ومفاتحة الكثير من الكتاب المتخصصين في شؤون السينما والمسرح محليا وعربيا وكانت الاستجابات كبيرة ومشجعة سيما وان اصدار مجلة تعنى بشؤون السينما والمسرح عدت بادرة مهمة لان لم يسبق وان صدرت مجلة بهذا الاسم سابقا في العراق ، وتجانس اصدارها في وقت وقد شهدت السينما والمسرح عصرهما الذهبي في الانتاج ، وفعلا صدرت السينما والمسرح وكنت انا مصصمها ايضا ، ومن كتابها اذكر المرحوم يوسف عبد المسيح ثروة وياسين النصير وصباح عطوان والمرحوم احمد فياض المفرجي وعلي مزاحم عباس وشارك في الكتابة ايضا المرحوم الدكتور مرسل الزيدي والمرحوم الدكتور سامي عبد الحميد واخرين لم اتذكر اسمائهم ، وحقق اصدارها صدى واسعا في الاوساط السينمائية والمسرحية والاوساط الثقافية والفكرية ، واستمر اصدارها شهريا بشكل منتظم وتطور ملفت للانتباه .
وهذا التطور الذي حصل في مجلتي الاذاعة والتلفزيون والسينما والمسرح، وللامانة لابد ان اذكر ان لجهود ومبادرات ومقترحات زهير الدجيلي رئيس التحرير كان لها الاثر الكبير في وصول المجلتين لهذه المستويات الراقية ، زهير كان ليس بمثابة رئيس تحرير فحسب ، كان هو روح العمل وربانه ، ولحبه للعمل وتفانيه من اجل الارتقاء بمستواه فقد اصبح مكان المجلة هو بيته اليومي ، وهو كيانه الصحفي ، وهو مبدأ واحترافية ومنهج ،اراد ان يقول ويوصل رسالته عبر صدق الكلمة وحقيقة الامور وقيم الاخلاق ، كان يقرا كل كلمة في اي مقال او تحقيق او عمود ، يصحح ويضيف ويعدل ويعيد صياغة بعض الموضوعات ويغير العناوين ، فقد كان زهير من ابرع الصحفيين العراقيين في كتابة العناويين الصحفية وغالبا ما تكون عناوينه تحمل روح مفردات الشعر الشعبي ــ وهو كبير هذا الشعرــ ولكن بصياغات صحفية معاصرة، وحقيقة ، كان زهير ايقونة العمل الصحفي وحبيب الجميع ، واجزم بان زهير قد اسس مدرسة صحفية لم يسبق لها مثيل في تأريخ العراق المعاصر ، لقد احبه كل من عمل معه ، وكان هو الحامي لكل من معه وبالرغم من ان معظم المحريين كانوا محسوبين على الحزب الشيوعي الا ان ذلك لم يثنه على مواصلة العمل ولم يتردد بالدفاع عنهم وعن كفاءاتهم وبقي على هذا الموقف الى ان نقل مدير عام الاذاعة والتلفزيون محمد سعيد الصحاف وهو الرجل الذي كان يعرف تفاصيل انتماءات العاملين بحكم موقعه الحزبي الا انه لم يتخذ اي اجراء ضدهم بل كان يعقد اجتماعات دورية مع هيئة التحرير دون ان يتطرق لخصوصيات وانتماءات الحضور ويحثهم على مواصلة العمل مع تقديم الشكر والامتنان لجهودهم التي اوصلت المجلة الى مراتب متقدمة ، وهذه شهادة للتأريخ والامانة اذكرها في هذه المذكرات لصالح الصحاف .
وبعد ان غادر الصحاف مؤسسة الاذاعة والتلفزيون تم تعيين لطيف نصيف جاسم كمديرعام للمؤسسة ، ويبدو ان اختيار هذا الرجل كان ممنهجا ورسم له دورا يتحدد في تبعيث مؤسسة الاذاعة والتلفزيون وجعلها مغلقة على عناصر حزب البعث وتوظيف خطابها الاعلامي لصالح الحزب والحكومة ، وقد تجلى ذلك من خلال تشكيل منظمة حزبية داخل المؤسسة ضمت كل الكادر البعثي ، والذي عمل هذا الكادر على اقناع كل العاملين من غير البعثيين على الارتباط بالحزب وبعكسه سيتم الاستغناء عن خدماتهم او تقلهم الى دوائر اخرى ، وفعلا جرى تغيير كبير في برامج الاذاعة والتلفزيون ، واستحدثت برامج اخرى جديدة تعكس وجهة نظر الحزب وسياسته ، واحتلت العناصر البعثية كل المواقع المهمة في المؤسسة واصبح العمل الاعلامي خاضعا بالكامل لتلك الشخصيات .
ويليه القسم الخامس