قيمة الكرسي مقرونة بالنفط في بلاد النفط أوطاني , وعندما يفقد النفط قيمته فأن الكرسي ستخبو جاذبيته ومغرياته.
فقادتنا الكرام قد تعطلت عقولهم بسبب النفط الذي إستعبدهم , فجعلهم يفكرون بالحكم على أنه غنيمة وثروة لهم حق التصرف بها دون رقيب.
قادتنا الذين أفسدهم النفط , وأفقدهم حياءهم , وبلّد ضمائرهم فما عادوا يشعرون بالمواطنين الذين يتضوّرون من الوجيع بأنواعه.
قادتنا الذين جعلهم النفط يتذابحون ويتماحقون ويتعنترون على بعضهم , وأقواهم مَن لديه القدرة على التصرف أكثر بالنفط وعائداته التي ما ذاق طعمها المواطنون , وتمتعت بها الكراسي وأمعنت بالفساد والقهر والإستحواذ على حقوقهم وتقرير مصائرهم.
قادتنا المبجلون إستخدموا النفط لقتلنا وتجويعنا وإفقارنا , وأخذنا لحروب عبثية لتحقيق أهداف الطامعين بنا , حتى أوصلونا إلى ما نحن عليه من مأساة.
ووفقا لإبداعات قادتنا الأفهام , تحول النفط إلى نقمة ما بعدها نقمة , وما يدرّه من أموال ما نفعتنا وأسعدتنا , بل عذبتنا ودمرتنا , فعدم وجود النفط خير لنا من وجوده , لأننا سنواجه الحياة بإرادة أخرى وسنشحذ عقولنا وننطلق بطاقاتنا لصناعة الحياة الحرة الكريمة.
وعندما يفقد النفط قيمته وتضمحل عائداته , سيفقد الكرسي معانيه , وسيذهب بريق الذهب الذي فيه , ويصبح مسؤولية ثقيلة على صاحبه أن يبذل جهدا كبيرا لتحقيق الإرادة الوطنية.
فعلى مدى سبعة عقود نفطية فوارة لم نتعلم كيف نستثمر بعائداته , وكيف نبني أوطاننا وننطلق في مشاريع ستراتيجية ذات فائدة للأجيال , وما برعنا فيه هو تصميد الأموال في الدول الأجنبية , وشراء العقارات والجزر , والإمعان بالبذخ والإسراف المشين.
فتعاظمَ عدد الفاسدين والسراق والنهابين والمستحوذين على آبار النفط , وكذلك عدد الفقراء والمساكين والذين يعجزون عن توفير لقمة العيش.
والنفط دمّر الزراعة والصناعة والعمران , والأخلاق والقيم والمعايير الصالحة للحياة الرحيمة في أي وطن من الأوطان , بل أنه جلب الأجانب إلى مواقعه , وحرم أبناء بلداننا من العمل , وتركهم يتوجعون تحت أهوال العوز والحرمان.
فهل سترعوي الكراسي بدون نفط , وهل سنرى قادة بحجم الوطن؟!!