5 نوفمبر، 2024 3:26 م
Search
Close this search box.

تاريخ تسرب الأفكار العلمانية إلى كردستان/ج11

تاريخ تسرب الأفكار العلمانية إلى كردستان/ج11

وبالرغم من أن السيد جلال الطالباني كان مسؤولاً عن حزبٍ آخر هو الحزب الديمقراطي الكردستاني – جناح المكتب السياسي-، وكان متحالفاً مع حكومة الفريق عبد الرحمن محمد عارف رئيس الجمهورية العراقية(1966-1968م)، وفيما بعد مع حكومة البعث الثانية بقيادة احمد حسن البكر (17تموز1986-11آذار1970م)، إلا أنه إنضم مجدداً الى الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة ملا مصطفى البارزاني بعد عدة أشهر من صدور بيان آذار التاريخي عام1970م، حيث يقول السيد مسعود البارزاني بهذا الصدد ما يلي:” أذكـر انّ أحـد المخلصين الوطـنيين ويدعى (رشـيـد) أقـبل الى مـقـرّ الـفـرع الرابع(= البارتي في السليمانية) طالبـاً رؤيتي. فـبـعـثتُ (مـحـمـد عـزيز) الـيـه ليـسـتطلع الأمـر لكنه أبى أن يـفـضي اليـه بشيء وأصرَّ على رؤيتي شخصياً. فأحضرته وقال لي: ” إن جـلالاً(= الطالباني) وجمـاعـتـه أرسلوني لأبلغكم عن لسـانهم بأنهـم يودّون الرجوع الـى أحضـان الثورة ويأملون أنْ يعـفو البارزاني عنهـم”. لم يكن من صلاحيـتي الإجابة بشيء إلاّ أنّي وعدته أن أنقل حـديثه للبارزاني. وأعلمـته بالمناسبة بإستحـساني هذه الخطوة وقلتُ أنّي سأبذل ما في وسعي لتحقيق الرجاء. عـدت الى حـاجي عـمـران فـأبلـغتُ البـارزاني بالرسـالة وبيَّنتُ لـه رأيي الخـاص بأنّه من المسـتحـسن أنْ يكون الرد ايجـابياً. مـضيـفـاً أنّها فـرصة يجب انتـهـازها لأنها سـتكشف للملأ صحة الخطّ الذي رسـمته الثورة لنفسها. وستـكون وسيلة للإعتراف بالذنب والخطأ من اعـدائهـا الذين اشـهـروا السلاح فـي وجهـهـا وحـاربوها. سـيكون يومـاً فـريداً في بابه عندمـا يعلن هـؤلاء ندمـهم على رؤوس الاشـهـاد ويطلبـون قـبـولهم وعـودتـهم ناددمين الى احضان الثورة. ووافق البـارزاني مـبـدئيـاً على إقـتـراحي وعـرض الأمـر علـى المكتب السـيـاسي فـأيَّدوا رأيي. ثم أنّي رحلت الى الخـارج إلاّ أنّي علمت فيـما بعـد أنّ كلاً من دارا تـوفيق وفـاخر ميرمه سوري قـد كُلفا بالإتصـال بجلال وزملائه وبلغت الإتصـالات مرحلتـها الحاسـمة في السابع من شهـر آب 1970م، جاء جلال الطالباني الى حاجي عمـران وقابل البارزاني فوجد عنده ما يطمئن اليه وعاد راضياً مسـروراً. ثم تهيّأوا للعودة جماعياً، وفي الخامس عشـر من الشهـر ذاته عاد جـلال الى بغداد بصـحبـة فرنسـو حريري وفاخرميركه سوري. وهناك عقدوا مؤتمراً قرروا فيه التخلي عن عنوان (الحزب الديمقراطي الكردستاني) الذي كـانـوا يسـمــون أنفـســهم به وإتخـذوا بـديلاً له فـتــسـمَّــوا بالحـزب الثــوري الكردسـتــاني. وأصدروا بياناً بحلّ الحزب والإنضمام فرادى الى الحزب الديمقراطي الكردستاني. ينظر(مسعود البارزاني، البارزاني والحركة التحررية الكردية، ص254).
ويضيف السيد مسعود البارزاني حول عودة بقية قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني – المكتب السياسي الى مقر ملا مصطفى البارزاني، بالقول:” وفي ١٥ تشـرين الأول ١٩٧٠ أقبل في أعـقـاب (جلال) كلّ من إبراهـيم أحمـد وعمـر مـصطفى دبابة وعلي العـسكري ومن تبـعـهم. فإجـتـمع البـارزاني بهم بمحضر مـن حبـيب مـحـمـد كـريم ودكـتـور مـحـمـود وفـرنسـو حـريري. وسـبق قـبل قـدومـهم أنْ عـيّـنت اللجنة المركــزية للـحــزب يوم ٢٨ أيلول مــوعــداً للبــحث فـي مـســألـة عـودتـهم وقــبــولهم، إلاّ أنّ الإجتـماع اُجل الى الأول من تشـرين الأول بسبب وفـاة جمال عـبدالناصـر في ذلك اليوم. وتقررّ بالأغلبية قبول عودة جاش ٦٦ وإفـساح السبيل لهم للإنتماء الى الحزب. في حين أصرّت أقليـة لا أودّ تسمـية أفرادها من الأعـضاء على تقـديمهم للمحاكـمة بتـهمة الخـيانة العظمى، وعندها قـال البارزاني غـاضبـاً (لـمّا كـانوا جاشـاً لم أمنع أحداً من الفـتك بهم والآن وبعد أن أصـدرت حكمي بالعفـو عنهم فإنّي أمنع مـنعاً باتاً أن يُمَسَّ أحـدهم بسوءٍ أو يتـعرض لهم أحـد بأذى. ما من شك أنّ خـيانتـهم كانت عظيـمة إلاّ أنّ الـثورة والحـمد لله قـد إنتـصــرت وأصـابهم الخـذلان، والعـفـو عند المقــدرة). ألا قـرروا الآن بأنْ لاتعـفـوا عنهم وليُتركوا وشأنهم. أمّا اذا قرررتم العفو فلهم الأمان بعد عودتهم،( طلبني البـارزانـي وقـال لي “كن يقظاً ولاتدع أحـداً يمسّـهم بسـوء أو يـوجّـه اليـهم إهانة وابسطوا عليـهم الرعاية والحمـاية الكافية” (يقـصد جلالاً والـباقين). إن لحق بهم أيّ أذى فإن سـمعتنا سـتضارّ، فـوعدته ببذل قـصارى جهـدي واتصلت بهم وقلت لهم: لكم مطلق الحـرية في إتخـاذ أية وسيلة لحـمـاية أنفـسكم. أمّـا اذا تركتم أمـر الحـماية لـنا فأرجـو أنْ لاتفسـروا إجراءاتنا تفسيـراً سيئاً. وأجـمَعوا كلهم على الرضـا بالتدابير التي سنتـخذها. واسكن إبراهيم أحـمـد وعيـاله في ناوپردان، واسكن علي العـسكري وعـياله في گـلاله، واسكن عــمــر مــصطـفى دبابة وأســرته فـي (دَرْبَنْد)، وبقي (جــلال) فــتــرة من الـزمن في قَسري يسكن منزلاً في مقر البارزاني. ينظر( مسعود البارزاني، البارزاني والحركة التحررية الكردية، ص254-255).
ورغم التحاق الطالباني بحزب البارتي تحت قيادة ملا مصطفى البارزاني؛ إلا أنه كان مؤسس عصبة الكوملة بصورة سرية، جاء ذلك من خلال سؤال المحاور الذي كان يجري الحوار معه، سأله هل يعتبر السيد الطالباني نفسه كعضو مؤسس لهذه العصبة، فكان رده بالقول:” في بداية تأسيس العصبة، شكلنا لجنة قيادية موسعة، ثم إنسحب عدد من الرفاق، منهم: رفعت الملا(= محمود عبدالرحمن)، ومحمود ملا عزت، وبكر حسين، ومن بقي بقيادة التنظيم هم أنا (= جلال الطالباني) وشهاب (= شيخ نوري)، وفاضل ملا محمود، وفؤاد قرداغي، وفريدون عبدالقادر، ودلير صديق”.
وبعد فترة أحسست والكلام للسيد الطالباني،” بأن فاضل ملا محمود (=اغتيل مع عبد الرحمن قاسملو في النمسا في شهر تموز1989م- شقيق فاروق ملا محمود القيادي في التنظيم الشيوعي – القيادة المركزية) يريد أن يسير بالعصبة بإتجاه آخر، وكنا قد وضعنا برنامجا محدود التداول، قررنا أن يكون بغاية السرية الى أن يتطور التنظيم ويقف على قدميه حتى لا نتعرض الى ضربة من السلطة ومن البارزاني، وكان قرارنا أن تبقى نشاطاتنا سرية للغاية ولا نتحدث عنها لأحد”.
وبعد فترة أحسست والكلام للسيد الطالباني،” بأن فاضل ملا محمود (= أغتيل مع عبد الرحمن قاسملو في النمسا في الثالث عشر من تموز1989م) يريد أن يسير بالعصبة بإتجاه آخر، وكنا قد وضعنا برنامجا محدود التداول، قررنا أن يكون بغاية السرية الى أن يتطور التنظيم ويقف على قدميه حتى لا نتعرض الى ضربة من السلطة ومن البارزاني، وكان قرارنا أن تبقى نشاطاتنا سرية للغاية ولا نتحدث عنها لأحد”.
وفي سؤال آخر عن أساليب العمل داخل هذه المنظمة (= العصبة الماركسية) الجديدة من النواحي التنظيمية والثقافية؟، فكان جواب الطالباني:” قررنا أن تعتمد العصبة شكل خلايا التوعية في جميع المناطق، وأن نركز في البحث وسط تلك الخلايا عن الأشخاص المستعدين للعمل التنظيمي لكي نرشحهم للعضوية. منذ البداية، بدأ (فاضل ملا محمود) بالتآمر وكان ينشر فكر (العراقجية)- (هذا يتنافى مع تصريحات الطالباني المتكررة حول وحدة العراق وحول رئاستها لها)- الذي يؤمن به لتعميمها على التنظيم، وكانت له قدرة جيدة على التكيف، وقد تحدثت الى (شهاب، وفريدون، و دلير، وغيرهم) بأننا يجب أن نضع حدا لذلك، وعقدنا إجتماعا وقررنا فيه إبعاد فاضل(= ملامحمود)، وفؤاد قرداغي عنا بسبب أفكارهما العراقجية. وكان فاضل وبواسطة إبن عمه فاروق الملا مصطفى أسس لعلاقة مع القيادة المركزية للحزب الشيوعي وكانوا يريدون كسبه حزبيا، وبعد أن ذهب فاضل وفؤاد بقيت علاقتنا معهم طيبة، ولكنهم أخذوا معهم مجموعة من الأعضاء، ولكن الأعضاء الأساسيين بقوا معنا. في تلك الفترة رفض بعض الرفاق تسلم أية مسؤوليات في التنظيم الجديد منهم: نوشيروان، محمود فندي وشازاد، خاصة نوشيروان الذي كان محكوما عليه بالسجن لعدة سنوات، وإستقر رأينا على إرساله الى الخارج للدراسة(= ذهب الى النمسا)”، وبعد مصالحتنا مع الملا مصطفى (= حل الحزب الثوري والاتحاد مع حزب البارتي من جديد عام1971م)، تمكننا من تأمين سفره الى الخارج ولكنه ظل عضوا في العصبة وإن لم يكن فعالا جدا.كان شهاب وفريدون أكثرهم نشاطا، ودلير صديق لم يكن مثلهم، وبعد فترة إبتعد هو أيضا، كما أن بكر حسين ورفاق آخرين كانوا عناصر جيدة ولكن نشاطاتهم قليلة، وتقدم إثنان أو ثلاثة من الشباب في بغداد أحدهم جعفر عبدالواحد، وأي شخص إذا لم يكمل دورة ثقافية في بغداد للكوادر أو لايؤمن بالفكر الماوي لم نكن نقبله في العصبة.كما ظهر عامل يدعى أنور زوراب وكان شابا واعيا ونشطا وإنضم بدوره الى العصبة، وتم إعدامه بعد ذلك مع شهاب شيخ نوري (= اعدموا في شهر تموز 1977م بعد أن سلمتهم حكومة شاه ايران الى العراق).
ولا يتطرق السيد الطالباني الى الأسباب التي دعت للحكم بالسجن على نوشيروان مصطفى، ولكن السيد مسعود البارزاني يسلط الضوء عليها بالقول:” وفي خلال هذه الفـترة الأولى وقعت ثلاثة حوادث خطيـرة: أولاها قيام أفراد ينتـسبون الى (نوشـيــروان مـصطفى) من جـاش ٦٦ بـإلقـاء قنبلة يـدوية في مـدرسـة للبـنات بمدينة السليمانيـة في ١٤ آذار ١٩٧٠ وألقي القبض على المنفذ الفاعـل واُعدم، وتمكن مدبّرها نوشيروان من الهروب الى النمسا”. وأدّى الإنفلاق الى جرح الطالبتتين الأختين إبنتي رؤوف عارف، وأعدم جمال كوچر وحكم على زميله خالد كويخا رشيد بالأشغال الشاقة المؤبدة. ينظر:(مسعود البارزاني، البارزاني والحركة التحررية الكردية، ص249).

أحدث المقالات

أحدث المقالات