شقّ الشيئ: بالغ في فلقه وصدعه
شق عصا الطاعة: خالف وتمرد
شق عصا الجماعة: فرّق كلمتها
هي المجتمعات التي تهجّر نسبة من أبنائها وتبضع الباقون في ديارهم , فأعجزت خياطتها ورفوها.
فالباقون يتضورون والخارجون يتصورون , والمسافة ما بين الحالتين تزداد إتساعا وتشققا وتفتقا.
وبموجب ذلك فالمجتمع يكون في معادلة مضطربة , تفاعلاتها صاخبة ونتائجها مُكربة.
فالذين يتضورون يعرفون الداء والدواء , ومصيرهم بيد الذين يتصورون , وبين التصور والتضور مسافة , تزداد إتساعا مع تنامي أحجام الشقوق والتصدعات والفتوقات التي يتعذر مع الزمن رتقها.
والمجتمعات التي تكون في هذا الحال لن تستطيع إيجاد حل لمشاكلها , وإنما أبسط تحدياتها ستتعضل وستزداد تعقيدا وتراكما , لأن القيادة التي تتصور لا يمكنها أن تدرك حال الذي يتضور , فتبني قراراتها على ما تتوهمه ويعتمل في ذهنها من الإستنتاجات التي لا رصيد لها من الواقع.
فالمسؤول الذي يتصور لا يمكنه أن يستوعب أحوال ومعاناة الذي يتضوّر , لأن ما يكمن فيه عبارة عن ترسبات من تجربته الخاصة التي يتوهم بأنها عامة ويريد أن ينتقم لنفسه بها ومنها , ويحسب أنه يقدم خدمة للآخرين , وفي حقيقة ما يقوم به هو تفتيق دمامل ما فيه وإطلاق قيوحها بوجه الآخرين.
وهذه مشكلة معقدة لا يمكن إستيعابها بسهولة , وقد كتبنا عنها مرارا منذ عقود , لأن التصورات المعتقة في الأعماق البشرية تعمي البضيرة وتمنع العقل من الرؤية الواقعية , أي أنها تحجّر الشخص في صندوق زماني أظلم لا يساعده على رؤية الواقع الذي هو فيه.
والأمثلة على ذلك أن العديد من الذين تسنمو المسؤوليات لا يمتون بصلة للمعاناة اليومية للناس , ولهذا فشلوا في تقديم الخدمات وأمعنوا في تحقيق الإمتيازات الشخصية , لأن في ذلك إرضاء لما فيهم من الأقياح والدمامل المحتقنة , وعمل تفرضه تصوراتهم العليلة الفاعلة فيهم.
ولن يعيد اللحمة إلا المتضورون الذين عليهم أن يكونوا القادة , وغيرهم من التابعين لهم والمنفذين لأوامرهم , وفي هذا تكمن علة جسماء!!
*تضوّر: تلوّى وصاح من وجع الضرب أو الجوع ونحوهما