Terrorism and armed struggle
قبل كل شيء يجب ان نعرف حقيقة ان هذا الموضوع والعنوان هو من العناوين الجلية والتي تخضع في الكثير من الاحيان الى امزجة الدول فالجم يكون للقوي ، هذه المعادلة التي كانت سائدة لسنين الى ان استطاعت المقاومة ان تغير باساليب المعادلة واللعبة .
يثير الكفاح المسلح المرتبط بحق تقرير المصير العديد من القضايا ، خاصة تلك المتعلقة بالخلط بين الكفاح كوسيلة لا بديل عنها لتحقيق التغيير من ناحية والعمل الإرهابي الذي يمارسه بعض الأفراد لغايات شخصية ابتزازية من ناحية أخري .
من غير الجائز إطلاق صفة الإرهاب علي كل عمل له دوافع سياسية أو وطنية التي يمارسها أفراد لغايات سامية وشجب أية محاولة لتجريم نشاط حركات التحرر الوطنية لحرمان الشعوب من حق تقرير المصير .
هناك فروق واضحة بين العنف القائم علي حق تقرير المصير والإرهاب ، إذا ترتكز فكرة الإرهاب كما أسلفنا علي استعمال غير المشروع للقوة من خلال عنف منظم بمختلف أشكاله أو حتي التهديد بهذا الاستعمال الموجه نحو جماعة سياسية أو عقائدية أو دولة لتحقيق سيطرة علي تلك الجماعة أو الدولة بنشر الذعر والفزع بهدف تحقيق أغراض سياسية وذلك مخالف لإحكام القانون الدولي.
آما الكفاح المسلح المرتبط بحق تقرير المصير الذي تمارسه حركات التحرير الوطنية وتلجأ من خلاله إلي استخدام القوة والعنف في نضالها ضد الأنظمة الاستعمارية والاحتلال بكافة أشكاله ومسميات فانه استخدام للقوة المشروعة ويندرج تحت أحكام اتفاقيتي جنيف الرابعة لعام 1949 والبروتوكولين الملحقين بهما .
بينما مفهوم حق تقرير المصير وتعريفه وذلك في ضوء قرارات الجمعية العامة وأحكام القانون الدولي ، في محاولة لتأكيد شرعية الكفاح المسلح في إطار حق تقرير المصير المعترف به في القانون الدولي كالآتي:
حق تقرير المصير يعني حق كل الشعوب في تقرير أوضاعها السياسية والاقتصادية واجتماعية دون أي تدخل أجنبي ، ويرجع أصوله للثورة الفرنسية ثم إلي المبادئ التي أعلنها الرئيس الأمريكي ويلسون 1918 ضمن النقاط الأربعة عشر وأقرته ثورة أكتوبر/ تشرين الأول 1917 في روسيا ، كما ورد التأكيد علي حق تقرير المصير في تصريح عصبة الأمم المتحدة عام 1942.
ومع إنشاء الأمم المتحدة عام 1945 أكد الميثاق علي مبدأ تقرير المصير في المادة الأولي الفقرة الثانية وهي الخاصة بأهداف الأمم المتحدة من خلال “إنماء العلاقات الودية بين الأمم علي أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها ، كذلك لأتحاذ التدابير اللازمة لتقرير السلم العالمي
هذا وقد نصت المادة 55 من ميثاق الأمم المتحدة علي أنه ” رغبة في تهيئة دواعي الاستقرار والرفاهية الضروريين لقيام علاقات سلمية ودية بين الأمم مؤسسة علي الاحترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها
كما نصت المادة 73 و76 من الميثاق علي الحكم الذاتي (( self government ،
وعلي الاستقلال (independece). ونص الفصل الحادي عشر والثاني عشر علي تصفية الاستعمار (decolonization )، وقد ساوت اتفاقيات حقوق الإنسان الصادرة عام 1966 بين حق تقرير المصير وبين الحكم الذاتي في المادة 1 التي تقرر أن ” لكافة الشعوب الحق في تقرير المصير ” ولها استنادا لهذا الحق أن تقرر بحرية كيانها السياسي ، والطريقة الملائمة لنموها الاقتصادي واجتماعي والثقافي كما أن ميثاق الأمم المتحدة ربط بين حق تقري المصير ومبدأ السيادة والاختصاص الداخلي ، في الفقرة 2 من المادة الأولي كما أسلفنا.
طلق لفظ الجهاد في النصوص الإسلامية بمعناه العام على مقاومة العدو أو مجاهدة النفس أو الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر، وقد اصطلح الفقهاء على أن الجهاد بمعناه الخاص هو “بذل الوسع والطاقة في القتال في سبيل الله بالنفس والمال واللسان بهدف نصرة الإسلام والمسلمين”، أي قتال من قاتل المسلمين وأخرجهم من ديارهم، أو القتال لأجل ردع المعتدين ودفع عدوان واقع، أو لإخراج المعتدين من أرض المسلمين، أو القتال دفاعاً عن النفس والمال والعرض، حيث يُعد كل ذلك جهاداً (في سبيل الله). وبذلك فإن مقاومة الاحتلال الأجنبي ودفع ظلمه، وعدوانه عن الأنفس والممتلكات والأعراض يُعد جهاداً (في سبيل الله).
وقد حرّمت الشريعة الإسلامية العدوان في الجهاد مثل قتل من لا يجوز قتله من النساء والأطفال وكبار السن ورجال الدين المنقطعين للعبادة، وسائر المدنيين غير المقاتلين ممن لا يخدمون تحت السلاح لدى المعتدين، كما حرمت تجاوز الحد المشروع في القتل، أو القتال لأجل الفساد في الأرض، أو نهب خيرات الشعوب، أو تخريب زروعها وثمارها وأشجارها.
وفي الوقت الذي تقرر فيه الشريعة الإسلامية حق المقاومة المشروعة وفق ما ورد أعلاه، فإن التراث الفكري الغربي ذاته قد أسَّس لحق مقاومة الطغيان، ورفع شعارات الحرية والعدالة والمساواة التي نادى بها روسو وفولتير وغيرهم من الفلاسفة في أوروبا قبل قرون عدة، كما أن المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة والمادة (2) من الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، ووفقاً لما قرره القانون الدولي وفقهاؤه، ووفقاً للحق الطبيعي في الدفاع عن النفس والمال والأملاك والأعراض والحريات، فإن من حق الشعوب التي تتعرض للاحتلال والاستعمار والعدوان والطغيان المسنود بالقوة، اللجوء إلى المقاومة المسلحة بوصفها مقاومة مشروعة، وفي هذه الحالة تنطبق اتفاقيات الحماية الدولية المختلفة على المقاتلين من أجل الحرية ضد الاستعمار والاحتلال أو الاضطهاد، وبذلك تتمتع الفئات التي تمارس هذا الحق في المقاومة المشروعة بمركز قانوني معتبر، حسب هذه الاتفاقيات، بما يتيح لها التصدي للاستعمار والاحتلال، وقد أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم (3246) الصادر في 14/12/1974 على شرعية حق الشعوب في الكفاح المسلح في سبيل تحررها من الاحتلال، وذهب إلى “أن أي محاولة لقمع الكفاح المسلح ضد السيطرة الاستعمارية والأجنبية والأنظمة العنصرية هي مخالفة لميثاق الأمم المتحدة ولإعلان مبادئ القانون الدولي الخاصة بالعلاقات الدولية والتعاون بين الدول، وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان”، وقد أكدت الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب الصادرة في عام 1998 في المادة الثانية على أنه لا “تُعد جريمة حالات الكفاح بمختلف الوسائل، بما في ذلك الكفاح المسلح ضد الاحتلال الأجنبي، والعدوان من أجل التحرر وتقرير المصير”.
وبناءً على ما تقدم فإن المقاومة هي: استخدام مشروع لكل الوسائل بما فيها القوة المسلحة لدرء العدوان، وإزالة الاحتلال والاستعمار، وتحقيق الاستقلال، ورفع الظلم المسنود بالقوة المسلحة، بوصفها أهدافاً سياسية مشروعة، وهو ما يتفق مع القانون الدولي وتؤيده الشريعة الإسلامية.
وتستند مشروعية المقاومة إلى مجموعة من المبادئ القانونية الثابتة، كحق المقاومة استناداً لعدم الولاء والطاعة لسلطة الاحتلال، واستناداً إلى حق الشعوب في تقرير مصيرها، والدفاع المشروع عن النفس، والاستناد إلى قرارات الأمم المتحدة، والاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية المدنيين أثناء الحروب.
ومن ذلك يتبين أن المقاومة عمل مشروع لتحقيق مصالح الشعوب التي تتعرض للعدوان والاحتلال، فيما الإرهاب يمثل اعتداءً على حق هذه الشعوب في الحياة والحرية وتقرير المصير.
والذي اريد قوله هنا انه يكون الخاضعون للقانون أنفسهم هم الذين يشرعونه وهم الذين يمثلون السلطة العليا لتفسيره وتبيان المعني المحدد لما يسنونه من تشريعات ومن الطبيعي ان يفسر هؤلاء القانون الدولي ، وان يطبقوا نصوصه علي ضوء مفاهيمهم الخاصة والمتباينة للمصلحة القومية ، ولكن هنا مساءاة مهمة الا وهي انه هناك اتفاق عام ومبدئي حول مفهوم الارهاب وهو يتمثل في ضابط ((استهداف المدنيين)) لكن الخلاف حول استهداف غير المدنيين اي رجال الدولة والجيش والامن !؟ متى يكون ارهابا ومتى يكون كفاحا مسلحا ؟ انا كتبت رأيي في هذا الموضوع منذ زمن بعيد، وهو أن حد مفهوم الارهاب يتمثل في شرطين:
(1) الشرط الأول؛ هو أن اي عملية تستهدف المدنيين هي عملية ارهابية.
(2) الشرط الثاني؛ هو أن اي عمل مسلح وعنيف في دولة تتوفر فيها حرية التعبير وحرية التغيير السياسي السلمي، أي في دولة ديموقراطية حقيقية، فهو بلا شك عمل ارهابي سواء استهدف العسكريين أو مدنيين.
الا اذا كان هذا المهاجم ((منفذ العملية)) ليس من المواطنين في هذه الدولة وكان من دولة اخرى بينها وبين هذه الدولة التي نفذ فيها هجومه حرب قائمة، ثم تمكن من اختراق هذه الدولة وتمكن من القيام بعملية تفجير لشخصيات من الحكومة او الجيش والأمن وليس من الاهالي والمدنيين العاديين… فهذا العمل يدخل ضمن ((العمليات الحربية)) وليس ضمن ((الاعمال الارهابية)) لأن هناك حرب قائمة بين الدولتين، دولة الشخص المهاجم وهذه الدولة التي يهاجمها بشرط أنه لا يستهدف المدنيين، فإذا استهدف المدنيين والعامة فهو ارهابي!، فالعمليات التي يقوم بها الفلسطينيون مثلا التي تستهدف المدنيين، كعمليات دهس المارة بشاحنة او تفجير قنبلة في سوق أو مقهى، هي بلا شك عمليات ارهابية وليست من الجهاد والعمليات الحربية في شيء، وأما التي تستهدف الجيش الاسرائيلي المحتل لأرض الفلسطينيين فليست ارهابا لأن احد ضوابط مفهوم الارهاب هو استهداف المدنيين بغرض تحقيق غرض سياسي!.
في بريطانيا نفذ الجيش الجمهوري الايرلندي عدة هجمات ارهابية طالت المدنيين، فهذا ارهاب وليس كفاحا مسلحا.
تنظيم داعش نفذ الالاف من العمليات التي استهدفت المدنيين.
بوكو حرام في نيجيريا.
العديد من الامثلة الاخرى والتي هي الارهاب بعينه .