حسناً فعلت أمريكا عندما تدخلت لحل الأشكال بين السعودية وروسيا الذي نشأ منذ شهر آذار الماضي حول الأتفاق على تخفيض الأنتاج العالمي للبترول . ومرة أخرى تفرض القوى الأقتصادية العالمية رأيها على الآخرين عبر إتفاقات تتم بينهم دون الألتفات إلى أعضاء المنظمات التي ينتمون إليها ، مؤكدين توجه العالم نحو نظام جديد (متعدد الأقطاب) والأقتراب من إسدال الستارة على الأتفاقات والمنظمات التي تم تشكيلها في زمن (القطب الثنائي) أو (القطب الأحادي) من القرن الماضي . ومن حق ترامب أن يعلن النصر عندما تم التوصل (بوساطته) إلى تخفيض الأنتاج العالمي من البترول بحدود (10%) ما يعادل (9.7) مليون برميل يومياً في السابع من شهر نيسان ، لأنه أنقذ الصناعة النفطية في الولايات المتحدة من خسائر متوقعة هائلة ، كانت تصب في مصلحة المستهلكين وفي مقدمتهم الصين ، في الوقت الذي لن تساهم الولايات المتحدة بالتخفيض إلا بـ(300) ألف برميل يومياً ، نيابة عن حصة المكسيك التي رفضت التخفيض المطلوب . والكارثة أن من إبتدأ الخلاف هما كل من روسيا والسعودية نتيجة إنخفاض الطلب على البترول عالمياً بمقدار الثلث بسبب وباء الكورونا وهبوط الأسعار ، وأن كليهما قد خسرا المزيد عندما تحملا (50%) من كمية التخفيض المقررة مناصفة ، ليكونا الخاسرين الأكبر في العملية ، من حيث الأسعار وفقدان النفوذ في الأسواق العالمية . وفعلاً فقد بدأت قيمة العقود الآجلة تفقد (50%) من قيمتها وإنخفضت الأسعار إلى حدود متدنية ، في الوقت الذي تتوقع مراكز الدراسات النفطية العالمية بأن أسعار النفط في النصف الثاني من عام (2020) ( في حال السيطرة على وباء الكورونا) قد يصل إلى (33) دولار للبرميل الواحد ، وقد يتحسن قليلاً خلال عام(2021) ليصل إلى (46) دولار في أحسن الظروف . هذا إذا إلتزمت الأطراف المتفقة على النسب المحددة من الأنتاج ، لأن العملية جرت على شكل هدنة هشة إثر خلاف ، وأن الأطراف المتداخلة في الأتفاق تمثل جهات متعددة (أوبك) و (أوبك بلس) و (أوبك خارج) .
ما يهمنا بعد هذه المقدمة الموجزة هو أين موقع العراق ؟؟ وماذا نحن فاعلون ؟؟
حصة العراق المقررة في التخفيض العالمي من إنتاج النفط (1.06) مليون برميل يومياً ، ما يعادل (23%) من الصادرات النفطية العراقية حسب تصريح وزير النفط العراقي يوم (13 نيسان) ، في الوقت الذي دخلنا الربع الثاني من سنة (2020) دون إقرار الموازنة التي أشارت التوقعات إلى وجود عجز في مقترح الموازنة بحدود (48) تريليون دينار (40) مليار دولار ، وفي الوقت الذي تم إعتماد سعر البرميل (55) دولار عند إعداد الموازنة المقترحة . وبموجب التوقعات القادمة وإستقرار سعر البرميل في (33) دولار ، والألتزام بتخفيض الأنتاج بنسبة (23%) ، فقد يتجاوز العجز في الموازنة حدود الـ(80) مليار دولار من مجموع الموازنة المقترحة (135) مليار دولار ، هذا إذا إستقر الوضع الأقتصادي العالمي وتمت السيطرة على وباء الكورونا ، ولم ندخل في خلافات مع الأقليم حول تسديد الحصص من الكميات المصدرة ، أو خلافات بخصوص الألتزام بالحصة المقررة من التخفيض المقرر من الأنتاج العالمي . نتمنى أن لا يتم تحميل المواطن والموظف والمتقاعد (وفوق ضيم الكورونا) تبعات هذا الظرف مع الظرف الذي ورثناه نتيجة سوء التخطيط والأدارة للسنوات السابقة ، وأن يسارعوا بالمبادرة بوضع الخطط والخطط البديلة للخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر .