لقد اعتاد المتتبعون وعبر مرور الوقت على سماع الأخبار السياسية والامنية ومايدور من أحداث سواء على المستوى المحلي او الدولي، وكل هذه الأنباء تدور حول تدهور العلاقات بين البلدان والحروب الاقتصادية وغيرها من أنباء.
لعل العاملين في مجال الصحافة يميزوا اكثر من غيرهم بين أهمية الخبر من الوهلة الأولى لتماسهم المباشر وتعاملهم مع سلسلة الأخبار المتداولة يومياً حتى أن الأخبار صنفت ضمن تبويبات وأعطيت تسميات بحسب عائدية الخبر.
ففي الصحف ووكالات الأنباء ومحطات الإذاعة والتلفزيون تعطى الأخبار السياسية الاولوية وتقدم على بقية الأخبار الأخرى في فترات مختلفة كتشكيل الحكومة وغيرها من أحداث سياسية وفي فترة أخرى تتقدم الأخبار الأمنية وتعطى الاولوية إبان حرب العراق ضد عصابات داعش او التفجيرات الإرهابية التي كان يشهدها البلد وغيرها، هذا التصنيف في أهمية الأخبار والتبويبات جعل الأخبار العلمية والطبية في أواخر الأخبار، لا بل وتصل المراحل إلى أن هذين التبويبين لا يذكران احيانا لا بل ولايحدثان من قبل الوكالات الاخبارية لقلة متابعته من قبل الجمهور والأسباب تطول وراء إهمال هذا التصنيف.
لكن في ليلة وضحاها يقفز هذا التبويب كما أشرنا ويصبح أبرز وأهم تبويبات وعناوين الصحف وبقية وسائل الإعلام ليصبح اول مايفتتح بنشرات الأخبار هو الأخبار الطبية لا بل وبالتحديد عن فيروس كورونا وارقام الإصابات والوفيات ونسب الشفاء ليتحول هذا التبويب من أواخر التصنيفات إلى أولاها، بل وتتنحى كل الأخبار ويبقى هو الخبر الوحيد المسيطر على كل مفاصل الشاشة وورق الجرائد والصحف.
الخبر الأول الذي يفتتح به بخصوص فايروس كورونا وما تليه من أخبار بهذا الصدد باتت محط أنظار الجميع وينظر إليها انها الابرز والاهم من بقية الأخبار، فأخبار الزعماء وخلافاتهم وصراعاتهم السياسية والاقتصادية وما صنعوه من هالات إعلامية باتت نسيا منسيا وكأن هذا الفايروس الصغير حطم كل اصرحتهم ولم يكتفي بتعطيله لترساناتهم واسلحتهم ومعداتهم واقتصادياتهم ووووووو. بل تخطاهم في كل شيء ليصبح ندهم الأول ويسرق الانظار نحوه بتصدره للمشهد الاعلامي.
الخبر الأول وما ادخله من رعب على مدار اكثر من شهرين سينتهي يوما ما ويزول، وستعود الأخبار التي كانت متصدرة للبودقة الإعلامية وسيعود الجبابرة وكأن شيئا لم يكن ويتناسوا ندهم ومنازعهم ممن سرق الانظار منهم.