ما زالت مهنة الديمقراطية عرجاء في عراق اليوم وهي تتجاوز 17 عاما من مساقات الانتقال من نموذج إلى آخر تحاول تغطية شمس الفشل باموال النفط فانتهت الى وباء سياسي عنوانه مفاسد المحاصصة التي تفرعنت في الحكومة العميقة واشاعت الخوف المجتمعي في سلاحها المنفلت وكانت الخادم المطيع لاجندات اقليمية ودولية تتصارع بالوكالة فيما بينها بلا رحمة ..لم يكن ضحيتها غير العراق واهله .
اليوم ليس بالإمكان الاتيان باحسن ما كان .. فاموال النفط تلاشت وجائحة كورونا تعيد قراءة مآلات عالم الغد على مفترق الطرق .. وتحديات كل ذلك تجبر أي متصدي للسلطة أن يمارس مهنة الديمقراطية بالقفز على خطوط حمراء متوازية .. ومع المفاجاة أن خلفية المكلف الجديد الصحفية ليست بتلك الفصاحة الاعلامية في أول كلمة متلفزة له .. الا أن تصاعد التسريبات عن نموذج الكابينة الوزارية المقبلة تؤكد أن للكاظمي مهمة محددة تتمثل في تسيير اعمال مفاسد المحاصصة وحكومتها العميقة وسلاحها المنفلت والاجندات الاقليمية والدولية بعناوين براقة كما اعتاد على ممارستها في إدارة الإعلام الأميركي الموجه نحو العراق .
مثل هذا التقافز على خطوط متوازية يتطلب ادراك متغيرات قواعد الاشتباك القريب ما بين السلاح المنفلت وطائرات الدرون الأمريكية مرة أخرى لاغتيال شخصيات عراقية مطلوبة .. مثل هذا المطب ربما يكون مستبعدا بعد حديث عن إعادة تقييم العلاقات الاستراتيجية بين واشنطن وبغداد .. لكن مثل هذه المهمة المستحيلة تتطلب إعادة صياغة العلاقات أيضا بين طهران وبغداد وسيظهر الاثر الأكثر إنتاجا في معادلة الخطوط الحمراء المتوازية في نموذج محاسبة الفاسدين وهم كبار اللاعبين في مفاسد المحاصصة من قيادات السلاح المنفلت الذين يمكنهم تفجير الأرض السياسية بوجه الكاظمي في حالة اصراره على الاضرار بمصالحهم والاكثر تعقيدا اذا كانت هذه الملفات تكشف نموذج غسيل الأموال لصالح الحرس الثوري الايراني .. والخلل الفاضح في ميزان العلاقات التجارية بين بغداد وطهران .الأمر الذي جعل رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي يتوقف عن فتح ملفات الفساد الكبرى
ومن الخطوط الحمراء المتوازية التي لن يستطيع الكاظمي القفز عليها .. مواقف وافعال مشهودة لمرجعيات دينية ابرزها مرجعية النجف ومراجع عراقيين في قم وطهران .. ولكل منها اليوم جناح سياسي وربما لمرجعيات دينية في أيران اجنحة مسلحة .. وهذه حقيقة ديمومة مفاسد المحاصصة .
هذا التقافز سيجبر الكاظمي أن تكون طموحاته محدودة .. ربما يكون الرجل الصحيح لكنه في الزمن الخطأ وعليه البحث عن نقطة بداية لفتح ابواب التصحيح الشامل المنشود للعملية السياسية برمتها منقذا عارفا بالحاجة إلى حكم رشيد يساوي بين المنفعة الشخصية والمنفعة العامة للدولة … لذلك اكرر القول عليه أن يتوجس موضع قدمه قبل كل خطوة .. وان يدرك تفاعيل كلماته قبل النطق بها ..واي خطوة موفقة ومباركة ستكون في ضمان انتخابات مبكرة نزيهة وفق المعايير الدولية ولن تكون كذلك من دون اشراف مباشر وحقيقي من الامم المتحدة .
وللحديث صلة .