18 نوفمبر، 2024 4:36 ص
Search
Close this search box.

النجاح الانساني وأسراره

النجاح الانساني وأسراره

الجميع يبحث عن السعادة النابعة من النجاح ويسعى لتحقيقه، لكن التفاوت في النجاح عندنا يكمن في مقدار معرفتنا بأسراره وأساليبه، وهنا سأحاول بيان عدة عناصر تسهم فعليا بتحقيق النجاح في الحياة الانسانية.
من هذه العناصر الدافع وعند محاولتنا فهم الدافع نفسيا نجد المختصين يعبرون عنه  بالحالة التي تثير السلوك في ظروف معينة وتواصله حتى ينتهى إلى الغاية، وهنا حين اتحدث عن الدافع أعني الحالة السيكولوجية، كالرغبة في التفوق، وليس الدافع البيولجي كالجوع والعطش لأن مثل هذا الدافع ينشأ بالفطرة، أقصد الدافع الذي يسهم في نجاح الانسان والنابع من الاستعداد الداخلي عنده فيثير السلوك بتواصل ويساهم في توجيهه إلى غايات وأهداف معينة.
عنصر الطاقة، أي المقدرة على القيام بشغل وإحداث تغيير، والمعني طاقة الانسان الكامنة بداخله، فكلما استطاع الانسان استخراج قدراته الكامنة واستغلال منابعها تقدم أكثر في طريق النجاح، وهذا عنصر مهم وله مصادر ومنابع هي: المنبع الروحي والارتباط بالله تعالى، والمنبع الاجتماعي والارتباط بالناس، والمنبع العلمي وكيفية التعلم، والمنبع الصحي، والمنبع العملي، أي الاحتكاك بالمجتمع واكتساب الخبرات والتجارب لأن النجاح لا يكون بالجلوس في البيت ورفض التعايش مع الاخرين، كل هذه مع بعضها تعتبر مصدرا للطاقة الانسانية التي تؤسس للنجاح الانساني، وإذا حاولنا تفعيل هذه الطاقة بداخلنا فبإمكاننا الاستعانة بأهم عامل من شأنه ذلك وهو الادراك أو الوعي والفهم الفعّال الإيجابي وليس التوهّجِ العاطفيٍّ الحارّ الذي يتناقص بالتدريج بالابتعاد عن المركز، بل الوعي الذي من طبيعته الثبات والاستقرار والذي يخلق خيالات جديدة وفقاً لخطّ العمل ولخطّ الأحداث والذي لا تهزّه الانفعالات بل يجمد أمامها.
ولأننا لا زلنا نبحث في مصادر وأسباب النجاح الانساني علينا الالتفات الى سبب آخر من أسبابه وهو التخيل، هذه القوة التي لها الدور الفعّال في صناعة الواقع فالشخص الذي يستطيع تغذية عقله بقوة التخيل من خلال التصور والأفكار الإيجابية سيحقق الكثير من الانجاز والنجاح مما لا يستطيع أن يحققه من يستسلم لواقع سلبي ويقضي وقته يفكر في السلبيات، يقول العلماء إننا عندما نتخيل ونحضر الصور الايجابية فإن عقلنا سيستقبل هذه الصور المتفائلة، وبالتالي فإن الإنسان سيكون أكثر ذكاءً وأكثر قدرةً على رؤية الفرص المتاحة واقتناصها وسيحقق إنجازات ونجاحات أكبر.
الفعل أيضا يعتبر مفتاحا من مفاتيح النجاح الذي يسعى اليها الانسان في حياته، واقصد بالفعل هو بداية تحول الفكرة الى حقيقة ملموسة، لأن مجرد المعرفة وعدم تحويلها الى واقع عملي ملموس لا يجدي نفعا، وأن تأجيل تطبيق الافكار تبعد الفرد عن النجاح، ولا يبرر ذلك الخوف من الفشل، فالتجربة العملية والفعلية ستؤدي الى النجاح بخلاف البقاء على المعرفة والاقتصار على اكتساب العلم دون العمل والفعل والتطبيق.
ويمكننا اعتبار التوقع من أسباب النجاح أيضا، وهو في الوقت نفسه لا يخلو من الطرافة والتسلية في بعض الاحيان، فالتوقع الذي يكون سببا في إثارة روح التفاؤل والنجاح عند الانسان هو التوقع المبني على القواعد والأسس الصحيحة الواضحة لا التوقع المبني على العاطفة والمشاعر، فالحياة مليئة بالصعاب والعقبات، والسير في هذا الطريق والسعي نحو النجاح يفرض علينا توقع ما يمكن أن يحدث قبل حدوثه، ومحاولة تجنب المسيء والتحصن من آثاره.
ومن الوسائل التي توصل الى النجاح المنشود هو الالتزام وعدم الملل والاستسلام، فكما نبدأ طريقنا مفعما بالأمل والنشاط ونحمل عدة أفكار لتحقيق أهدافنا، علينا الالتزام والاستمرار في هذا الطريق ولا نفقد الأمل بعد أول عقبة نصادفها، فقوة العزيمة توصلنا الى النجاح أما الاستسلام وسط الطريق يقتل الاحلام والافكار ويسبب الفشل ويجعل الفرد يعيش حالة الاحباط واليأس.
اتقان فن المرونة الفكرية الذي يساعد على تطوير النفس يمكن اعتباره سببا من أسباب النجاح، وحين أتكلم عن المرونة أقصد الطريقة الوسطى في التعامل مع المجتمع فلا افراط ولا تفريط، لا تعامل بحدية مفرطة وتشنج ولا انحلال وتميع وابتعاد عن المبادئ والاهداف وإنما التعامل بحيادية واعتدال وتسامح وتقبل للآخرين.
الصبر أيضا من العوامل المهمة التي تبعث بالإنسان نحو النجاح، وأن عدم الصبر من أبرز الاسباب التي تؤدى الى الفشل فعدم مواجهة عقبات الحياة وتحدياتها بالتأكيد ستكون النتيجة التخلي عن الهدف الذي يصبو اليه الشخص.
الانضباط الذاتي له الدور البارز في تقويم النفس الانسانية ويمكن استغلال هذا ليكون دافعا للنجاح في الحياة، فإن مجرد الرغبة في النجاح لا يعني بالضرورة تحقيق النجاح إذا لم يقترن بالانضباط والمداومة والاستمرار على الهدف نفسه.
ولا ينبغي اغفال عنصر المهارة، هذا العنصر الذي يعطي قيمة للعمل الناجح، فالإنسان الماهر في تصرفاته والذي يتجاوز بمهارته مستوى المعرفة ويضفي عليها لمسة مميزة بفهمه لما يعرف وتطبيقه الصحيح للمعرفة تجده ناجحا ومندفعا نحو طريق النجاح ومبتعدا عن طريق الفشل، اذن بالمهارة نتمكن من انجاز أي مهمة بكيفية محددة وبدقة متناهية، وسرعة في التنفيذ، وبالتالي ليس من الصحيح اغفال هذا العنصر المهم لمن يروم سلوك طريق النجاح في حياته.
هذه عدة عناصر عند مراعاتها يمكننا تحقيق النجاح في طريق حياتنا الطويل والمليء بالصعاب والمشاكل، اتمنى أنني وفقت في ايضاح أهمها وبيان تأثيرها.

أحدث المقالات