22 نوفمبر، 2024 8:19 م
Search
Close this search box.

بدون حجر صحي أو حظر تجوال .. كيف استطاعت “اليابان” السيطرة على “كورونا” ؟

بدون حجر صحي أو حظر تجوال .. كيف استطاعت “اليابان” السيطرة على “كورونا” ؟

خاص : ترجمة – آية حسين علي :

عرفت “اليابان” فيروس “كورونا” مبكرًا، بعد أيام قلائل من إعلان “الصين” عن وجود حالات بها، وهو ما جعل التوقعات بأن تشهد تفشيًا مخيفًا للوباء بين سكانها، لكن معدلات الإصابة بها، حتى الآن، تؤكد أن الوضع لا يزال تحت السيطرة، رغم أن الحكومة اليابانية برئاسة، “شينزوا آبي”، لم تفرض تقييدات كبيرة على حركة المواطنين.

وتُقدر نسبة السكان الذين تتخطى أعمارهم (65 عامًا)، في “اليابان”، بنحو 28%، بحسب بيانات “البنك الدولي”، لتتخطى بذلك معدل كبار السن في دول أخرى مثل “إيطاليا”، التي فاق عدد الوفيات بها الأعداد المسجلة في “الصين”.

اليابانيون يُمارسون حياتهم الطبيعية..

من أكثر الأمور إثارة للدهشة في النموذج الياباني لمواجهة (كوفيد-19)، أن الحكومة لم تفرض حصارًا على مناطق بعينها كما لم تُعلن الحجر الصحي المنزلي على سكانها، وبعيدًا عن إلغاء بعض المناسبات الرياضية وإغلاق المدارس، يمارس اليابانيون حياتهم تقريبًا بشكل طبيعي، وبرز ذلك عندما تجمع آلاف المواطنين، يوم 22 آذار/مارس الماضي، للاحتفال بتفتح أزهار الكرز اليابانية الشهيرة المعروفة باسم، “ساكورا”، وصرحت محافظ العاصمة، “طوكيو”، “يوريكو كويكي”، بأن حرمان اليابانيين من الاحتفال بهذا العيد يُشبه حرمان الإيطاليين من المعانقة، ومع ذلك، اكتفت بمطالبة المواطنين بعدم تكرار هذه التجمعات في العطلات المقبلة؛ طالما لا توجد ضرورة ملحة، ولم تفرض حظرًا إجباريًا.

وبشكل عام، يتعارض المشهد الياباني مع ما تعيشه عواصم أوروبية وعربية بعد فرض الحجر الصحي الإجباري وحظر التجول على المواطنين في محاولة للسيطرة على الوباء، ويتحير العلماء حول أسباب تمكن هذا الأرخبيل، رغم كل ذلك، من السيطرة على الوباء.

وذكر موقع (بي. بي. سي)؛ أنه وفقًا لأعداد الإصابات والضحايا فإن “اليابان” تُعد من بين الدول المتقدمة الأقل تضررًا من الوباء؛ إذ سجلت حتى، يوم السبت 29 من آذار/مارس، 1800 حالة إصابة فقط، وهو ما يضعها في موقع بعيد للغاية عن دول أخرى من ناحية معدلات العدوى، مثل “الصين” التي سجلت أكثر من 81 ألف إصابة مؤكدة و3200 حالة وفاة، و”إيطاليا” التي تخطى عدد الإصابات بها 92 ألف حالة، كما أنها لا تزال بعيدة للغاية عن المعدلات في دول مثل: “الولايات المتحدة وإيران وإسبانيا وفرنسا وبريطانيا”.

عزل المصابين..

أوضحت مديرة معهد صحة الشعب بجامعة “كلية الملك” في العاصمة البريطانية لندن، “كنغي شيبويا”، أن من بين عوامل نجاح النموذج الياباني هو القدرة على تحديد مجموعات المصابين، ورصد الأشخاص الذين تسببوا في نقل العدوى إلى آخرين، ومن ثم عزلهم، وأشارت إلى أن إستراتيجية تتبع مسار الأشخاص المصابين والمخالطين لهم تُعد الأكثر أهمية لإحتواء أي فيروس والسيطرة عليه.

لكن “شيبويا” حذرت من أن الجهات الطبية اليابانية لا تُركز على الأشخاص من خارج دائرة العدوى، وهو أمر خطير يُنذر بارتفاع عدد الإصابات بشكل جذري، موضحة أنه لا يزال هناك مجموعات من المصابين لم تظهر عليهم أية أعراض ولم يتم رصدهم، وأضافت: “إذا كان الوضع كذلك أخشى من أن يتفشى المرض بدرجات خطيرة”.

ثقافة الشعب وسلوكياته..

من بين الأسباب التي تُفسر أيضًا نجاح “اليابان”؛ هو بعض سلوكيات الشعب الياباني، وأوضح أستاذ علم الأوبئة بجامعة “هونغ كونغ”، “بنجامين كولينغ”، أن: “الشعب الياباني يهتم بالنظافة الشخصية، أكثر من أي مكان آخر، كما أن كثير من الأشخاص يستخدمون الأقنعة الواقية عند التجول في الشارع لأسباب ثقافية، لذا فإن احتماليات العدوى تكون أقل”، وأضاف أن اليابانيين لا يُفضلون معانقة الآخرين أو تقبيلهم.

لكن الخبير شكك في أن تكون هذه العادات سببًا في انحصار أعداد الإصابة، مشيرًا إلى أنه في دول أخرى مثل “بريطانيا” بدأ الناس الحرص على مسافة من الآخرين؛ ومع ذلك لا تزال الأعداد في زيادة.

إتخاذ قرارت سريعة مبكرًا..

من الأمور الجديرة بالذكر أيضًا أن حكومة “آبي” إتخذت قرارات مهمة مبكرًا؛ مثل تعطيل الدراسة في المدارس وتعليق عدد من المناسبات المهمة التي يحضرها أعداد كبيرة من الناس، إلى جانب حث المواطنين على ضرورة احترام القواعد الجديدة منذ البداية.

لكن من الواضح أن الأمور قد تتغير كثيرًا خلال الفترة المقبلة؛ إذ أعلنت الحكومة احتمالية إعادة فتح المدارس، خلال نيسان/أبريل الجاري، كما أن مشهد الاحتفال بتفتح “ساكورا” يُشير إلى أن المواطنين باتوا يأخذون الموضوع بجدية أقل.

تسطيح المنحنى..       

بالنظر إلى معدلات الإصابة اليومية؛ نجد أن سلوك اليابانيين أدى إلى تأخير انتشار العدوى أو ما يُعرف بـ”تسطيح المنحنى”، أي السير وفقًا لمعدل شبه ثابت، وهي إستراتيجية يراها الخبراء جوهرية من أجل تأخير تفشي الفيروس والسيطرة عليه، كما أنه رغم ظهور حالات جديدة بشكل يومي إلا أن انخفاض معدلات الإصابة ساعد على عدم إرباك المستشفيات والمراكز العلاجية، كما أن صلابة النظام الصحي الياباني، الذي يُعد بين أفضل الأنظمة على مستوى العالم، سمحت بتقديم الرعاية الصحية المناسبة لجميع المصابين؛ إذ تمتلك “اليابان” 13 سريرًا لكل ألف شخص، أي 3 أضعاف المعدل في “إيطاليا”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة