الأنا معضلة السلوك البشري , وهناك شك كبير في أنها تستطيع أن تصحح مساراتها , وتراجع آلياتها الدفاعية الخدّاعة المهيمنة عليها , والتي تستعبدها إستعبادا سافرا وقاهرا.
ووباء كورونا من المفروض , كما يُعلِمُنا المنطق وبديهيات الأمور , أن يهذبنا ويصحح مسارات سلوكنا , ويعيد ترتيب تصوراتنا ومنطلقات حياتنا , ويقرّبنا أكثر من المعاني الإنسانية.
لكن الكوارث التي حصلت على مرّ العصور تخبرنا بأن البشر لا يتعلم منها , وأن أنانيته وأناه الغابية تمنعه من أن يكون إنسانا , وتدفعه إلى أن يتوحش ويجسد غابية التفاعلات.
فالحروب بأنواعها والكوارث بصولاتها الفتاكة لم تضع البشرية على مسار إنساني واضح , بل أنها جعلتها وفي القرن الحادي والعشرين , تكشر عن أنياب توحشها في بقاع الدنيا المختلفة , فلا يعنيها معاناة الملايين من الجوع والفقر والقهر والجهل والضياع والتشرد والإمتهان.
وأقصى ما تمكنت منه البشرية بعد الحرب العالمية الثانية هو إنشاء عصبة الأمم , التي تطورت إلى منظمة الأمم المتحدة , ودورها واضح ومعلوم , وما يقوم به مجلس أمنها لا يخفى , فهو يصدر القرارات التي تتوالد منها الأزمات وتتطور.
ولا يزال الكتّاب والمفكرون والمصلحون يأملون بأن وباء كورونا سيصحح مسار البشرية , وسيأخذها إلى مدارات أرقى وأرحم , وأظن ذلك سيكون ضربا من خيالات المدينة الفاضلة.
فما أن تهدأ عاصفة كارونا حتى ستعود البشرية إلى سابق عهدها , وربما بأشرس مما كانت عليه وأشد عدوانية وهمجية , وإندفاعا نحو سفك الدماء وتخريب الديار والإمعان بقتل الأبرياء.
وربما وباء كورونا هو أرحم من بلاء كاد أن يأخذ الدنيا إلى جحيمات سقر!!
وهذا ديدن البشرية ولن تجد لسلوكها مسارا آخر!!
“….فهل من مُدَّكِرٍ”؟!!