كان المؤمنين الى الماضي القريب محصنين انفسهم بآيات قرآنية وتراتيل انجيلية تمنع عنهم الفقر والمرض وتبعد عنهم الكوابيس في ليالي الشتاء الطويل… وكانت الامهات تبخر البيوت حتى تبعد عين الحسد واي وباء يصيب اهل الدار وكنا نذهب لنأخذ الرقية والعزامة من شيوخنا الاجلاء في الطريقة الصوفية لنتشافى من كل الامراض المعدية والأمراض العقلية المزمنة ونقطع مسافات طويلة لنصل الى شبابيك المراقد حتى نتبارك بهؤلاء الرجال الصالحين وكنا لانريد احد يطلق علينا كلمة جهلاء لان ايماننا اكبر من كل شيء….
وكنا نتمنى ان نموت في المساجد وذو حظ عظيم فينا من يموت في مكة المكرمة.. هذه عقائدنا ولانستطيع ان نتخلى عنها او العيش بدونها. تربت معنا منذ طفولتنا وتجاوزها خطوط حمراء… وكانت حتى دولنا العلمانية تشجعنا على ذلك وكنا ومازلنا نشاهد المسؤول الكبير في وزارته يأتي صاغرا ليقبل شباك الضريح او ايادي السيد… ونفس الحال مع الاخوة في الديانة المسيحية الذين يعيشون معنا في وطن واحد فرجل الدين لديهم مقدس وحجاب مريم العذراء وصورتها تمنع المرض والفقر وتحميك من كل الاقدار.. هكذا كنا وهكذا تعلمنا في مجتمعاتنا وطوال حياتنا لم يمنعنا احد من الصلاة في المساجد والتبرك باضرحة آل البيت واداء مناسك الحج والعمرة..ومع كل هذا الاعتقاد كنا عندما نمرض نذهب مسرعين للبحث عن طبيب اخصائي يعالج علتنا ويخلصنا من هذا المرض ورغم الاجور المكلفة للعلاج الا اننا لا نستطيع الاستغناء عنها. فكل بيوتنا اليوم ممتلئة بالادوية وكأنها صيدليات لبيع الدواء…
وهاهي ايام معدودة ليظهر فجأة فايروس كورونا او كوفيد19والتي اعلنت عنه كل الدول بانه من الصنف القاتل وانه سريع الانتشار ولايميز بين مؤمن وكافر ولايعرف الدول على اساس دياناتهم فهاهو يصيب الهندوس والبوذية في عقر دارهم في الصين وكوريا ويضرب المسلمين في جمهورياتهم الاسلامية في ايران ودول اخرى ويقتل بالآلاف في فاتيكان المسيحيين في ايطاليا ومازال يبحث عن شعوب ودول اخرى ولايعرف المصير الا الله وحده…
وهنا السؤال الملح ولايوجد له جواب هل اننا نستحق ذلك لضعف ايماننا واننا ممثلين في عبادتنا الى الله وان آل البيت ابتعدوا عنا ولم يعترفوا بنا اصلاً وان المؤمنين والكافرين متساوون بصفاتهم بالغش والكذب والمال الحرام وزنا المحارم وتعاطي المخدرات وأكل الربا وقتل النفس التي حرم الله قتلها وقطع صلة الارحام وتعالي الاغنياء على الفقراء والدجل والشعوذة وقول الزور وسرقة المال العام. والى اخر القائمة السوداء للصفات الرذيلة….
بعد كل هذا ومازلنا نصدق انفسنا ان المعوذتين تمنع عنا رجس الشيطان الرجيم وان آية الكرسي تحصن انفسنا من الامراض وان الموت في مكة المكرمة والمساجد افضل من غيره مع هذا الايمان الضعيف.. اليس نحن من اطاع النفس الامارة بالسوء.. ونحن انفسنا الذين نبكي على الحسين ونعظم الشعائر ونصلي يوم الاحد في الكنائس ونزور مكة خمسة مرات في السنة بقصد العمرة والصلاة بالف صلاة…
فاين نحن اليوم ياعباد الله فهذا الفايروس الصغير قد هزمكم في بيوتكم وهزم عروش سلاطينكم ورؤسائكم وملوككم…. اين الجوامع التي كنتم تصلون بها اصبحت فارغة اليوم من خوفكم على انفسكم من الموت والتهلكة واين بابا الفاتيكان وهو يحجر نفسه في بروج مشيدة واين من كان يتمنى الموت في الحرمين…
امور كثيرة يجب علينا مراجعتها والتأكد من درجة ايماننا بها حتى لانقع في جهالتنا ونندم على مافعلنا بانفسنا…..
اللهم انا نشكو لك ضعف قوتنا وقلة حيلتنا والامر من قبل ومن بعد لك يارب العالمين