الكراسي بحاجة لمبررات ومسوّغات لما تقوم به وتذهب إليه , ولكي تكون قوية وواثقة بما تقدم عليه وتتحدث به , لا بد لها من عدو تعلق على شماعته إخفاقاتها وعجزها , وما تريد أن تقوم به من الأفعال السيئة.
وأية قوة تريد عدوا يعزز إنفلاتها والتعبير عن توجسها وقدرتها التدميرية , وبدون هذا العدو المطلوب لا يمكنها أن تترجم طاقات الخراب الكامنة فيها.
ولهذا فالقوى بمقدار دورها وحجمها , تصنع عدوها وتزيد من قوته وقدرته , لكي تعطي لنفسها الحق بإستخدام أعتى ما عندها من القدرات الفتاكة القاضية بالمحق والفناء.
وقد رأينا ذلك عندما كانت الإستعدادات جارية لتدمير العراق , حيث تم تصويره على أنه القوة التي ستدمر الوجود الأرضي في غضون ساعات , وعلى القوى العالمية أن تقضي عليه لمنع ما سيتحقق من وعيد مشؤوم , وعندما تبين الموقف المصطنع وإنكشفت الأكاذيب تغيرت الأجندات فصارت ذات أبعاد ديمقراطية حصد المجتمع علقمها المرير.
وهذه النزعة العدوانية ذات الطابع البقائي والتوجه الإنفلاتي لقدرات القوى أيا كان نوعها , فاعلة على مستويات عديدة تبدأ بالأفراد وتصل للأحزاب والفئات والمجتمعات والأمم والشعوب.
وتجد العديد من الكراسي السيئة العاجزة , تجتهد في الكلام عن عدو مفترض أو تصنع عدوا لها , لكي تستطيع العمل والبقاء في مواقعها , والقيام بما تريد وتحقق أحلامها الذاتية والأنانية.
وهكذا فأن الحكومات الفاشلة والمستعبِدة المعادية لأوطانها ومجتمعاتها تعمل بقوة على صناعة العدو وإتخاذه وسيلة لتبرير ما تقوم به من أفعال خرقاء , وما تأتي به من حماقات وقرارات مدمرة معادية للمصالح الوطنية , ومؤازرة لمصالح أعداء الوطن والشعب.
فكل نظام حكم يصنع عدوا , هو عدو الشعب والوطن , ولن يقدم إلا الخراب والدمار والهلاك المقيم للناس أجمعين!!
فهل للكراسي أن ترى بعيون وطنية وبصيرة إنسانية لكي تصنع أوطانا ذات سيادة ودستور وقانون؟!!