19 ديسمبر، 2024 1:16 ص

“عوفه يا معوّد هذا مسكين يحجي شيش بيش”!!
أي أنه يتحدث بإضطراب وعدم ترابط أفكار , وإنما “يخبصها” , وربما ينطبق عليه مصطلح “تطاير الأفكار” أو تنافرها.
فتجده يتكلم بسرعة فائقة وتعجز عن إيقافه , لأن به طاقة متواترة على الكلام المتدفق بما لا يمت بصلة لموضوع يمكن فهمه.

شيش تعني ستة وبيش تعني خمسة.
وللمغني المصري أحمد عدوية أغنية “شيش بيش” يقول فيها “ألعب لك شيش بيش تلعب لي دو ياك , بلاش لعب الدراويش..عقدتنا لازم تنفك…نلعب…نلعب…نلعب..نلعب”.
دو ياك تعني إثنان وواحد.
وهي من مصطلحات ومفردات لعبة الدومنة في مقاهينا أيام كانت عندنا مقاهي ذات نكهة وطعم ومتعة.

تذكرت (الشيش بيش) , وأنا أتابع ما يُكتب ويُقال عن واقعنا الذي ما عرفنا تقديم أبسط الحلول لأي مشكلة من مشاكله , وكأننا لا نريد حلا , أو نفتقد قدرات البحث عن حلول.

كنت في حوار مطوّل مع أحد الأخوة حول موضوع وفكرة يمكن الإستثمار فيها , وهو مُصر على طريق واحد لتحقيق الفكرة ومتمسك به برغم تفوق نتائجه السلبية على غيره من الحلول , وهو يعرف بأن هناك ألف طريق وطريق لتجسيد الفكرة والتعبير عنها بأسلوب أفضل!!

وعندما قلت له : “كل الطرق تؤدي إلى روما” , غضب وإزداد إصرار على أن طريقه هو الأوحد الذي سيوصلنا إلى روما!

وهذه من طبائعنا التي كلفتنا كثيرا جدا!!

فالتنازل ضعف , وتغيير الرأي خطيئة , ومغادرة المنصب عار , والحكمة جبن , والعقل بهتان , والحلم خذلان , وكلنا على نهج “الإمام الما يشور مو إمام”!!

هذه الخصائص والمميزات جعلتنا من أقوام “شيش بيش” , فالواحد منا “يجر بالعرض وبالطول” , ويقول : “شليله وراسها ضايع” , ويتناسى بأن الجميع يساهم في هذا الضياع!!

فالكتابة لا تنفع , والكلام لا قيمة له , والفكرة لا سوق لها وهي بضاعة فاسدة كاسدة , والتحليل لا فائدة منه , والتنظير هذيان , وتفاعلاتنا تعبيرات سلوكية عن البهتان , فكل يجري وفقا لآليات الذي وضعه في المكان , والذي يطعمه بأثمار الزمان.

فلنصمت وخير لنا أن نلعب “الدومنة” , والعاقل فينا يصيح “دو بيش” , “أُوُ جيبْ شاي إلْعَمكْ يا فرج”!!
*يحجي: يتكلم
*يا معوّد: يا فلان
*جيب: أحضر أو إجلب
*يخبصها: يشيع فيها الإضطراب