22 نوفمبر، 2024 7:05 م
Search
Close this search box.

المقلدون والكراسي!!

المقلدون والكراسي!!

المقلد هو الذي يتبع عمامة ويدين بما يرى صاحبها , وينفذ رؤاه بحرفية مطلقة , ولا يمكنه أن يحيد عن الطريق مهما توهمنا , فمن واجبه الإيماني المقدس أن يتبع ويخنع , ويدين بالأمر والطاعة والتعبير الأصدق عمّا يريده المعمم الذي يقلده.
ولا تعنيه هويته وعائديته , المهم أنه يؤمن بهذه العمامة أو تلك , ويترجم نواياها ومقاصدها ورؤاها بحذافيرها , وبمعنى آخر أنه عطل عقله أو تخلص منه ووضعَ عقل مَن يقلده في رأسه.
وفي هذا الموضوع مشكلة وطنية وإنسانية وسياسية مغفولة , فالمقلد عندما يجلس على الكرسي , لا يعنيه من الأمر إلا كيف يقلد سيّده الذي إستعبده وصادر بصيرته , ولا يمكنه أن يعمل بموجب القوانين والدستور إذا تقاطعت مع إرادة التقليد الفاعلة فيه.
أي أن المقلد يقلد وحسب , وما يراه صحيحا ومهمّا , هو مدى قدرته للتقليد والتعبير عن إرادة مُستعبدِه.
ولهذا فأن وضع أمثال هؤلاء في كراسي الدولة يتسبب بدمارات متراكمة وفساد مروع , وهم يرونه غير ذلك لأنهم يقلدون ولا يطبقون الدستور والقوانين , فالتقليد فوق كل شيئ عندهم.
وما نسميه بالفساد , هم لا يسمونه كذلك , وإنما لو سألت أكبر الفاسدين لقال لك بأنه يقلد فلان الفلاني , وأنه على الصراط الصحيح وما أخلّ بمهمة التقليد , أما إذا تحدثت معه عن الدولة والقانون فأنه لن يأبه لما تقول لأن الأمر لا يعنيه , وفقا لمنطلقاته المرتهنة بالذي يقلده.
وهذه المعضلة السلوكية مغفولة إعلاميا وسياسيا , وتجد الناس تطلب من الرمضاء ماءً ومن الفاسد حقا , ومن ذوي الضمائر الميتة إنصافا وعدلا , ويتناسون بأنهم يؤمنون بأن ما يقومون به هو الصحيح وسواه باطل وفاسد , ففسادهم حق , وحق الآخرين باطل , وعدوان على مناهج التقليد التي يعملون بموجبها.
فهل وجدتم مقلدا يحترم القانون؟
وهل وجدتم مقلدا لم يتعمم بالفساد والعدوان على الحق؟
إنها من بديهيات السلوك عندما يتجرد البشر من المسؤولية ويلقي باللائمة على مَن يقلد ويتبع!!

أحدث المقالات