خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في محاولة جديدة من أجل حل أزمة “الاتفاق النووي”، تعقد اللجنة المشتركة المعنية اجتماعًا، اليوم الأربعاء، في “فيينا” لبحث الملف النووي الإيراني، بمشاركة ممثلين عن “الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا وبريطانيا وإيران”.
وتترأس الاجتماع، “هيلغا شميد”، المتخصصة بالملف لدى الممثل الأعلى لـ”الاتحاد الأوروبي” للشؤون الخارجية، “جوزيب بوريل”. ويُشارك فيه إلى جانب “إيران”، ممثلون عن “الصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا”.
وبموجب آلية فض الخلافات التي يُنص عليها الاتفاق، ينبغي أن تحاول الأطراف التوصل إلى حل قبل أن تُقرر عرض القضية على وزراء الخارجية. لكن وفي حال تعذر التوصل إلى مصالحة، يمكن أن يعُيد “مجلس الأمن الدولي” فرض العقوبات، التي رفعت في إطار “اتفاق فيينا”. ويؤكد الأوروبيون أن هذا ليس هدفهم.
ويواجه “اتفاق فيينا” التاريخي تهديدًا حقيقيًا؛ منذ أن انسحبت منه “الولايات المتحدة” بقرار أحادي، في 2018. وردت “طهران”، التي أعيد فرض عقوبات خانقة عليها، بالتخلي تدريجيًا كل شهرين، اعتبارًا من أيار/مايو 2019، عن عدد من إلتزاماتها، كما تقول المنظمة الأميركية غير الحكومية، “جمعية مراقبة الأسلحة”، (آرمز كونترول أسوسييشن)، ويحاول الاتحاد حل الأزمة خاصة بعد زيارة أخيرة أجراها “جوزيف بوريل”، مسؤول السياسة الخارجية الأوروبية، في “طهران”.
ويرى الأوروبيون أن المخالفات التي قررتها السلطات الإيرانية ليست غير قابلة للعكس. وقد أكدت “إيران” حاليًا أنها ستواصل تعاونها مع “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” وتسمح بذلك لمفتشي هذه الهيئة بالدخول إلى المنشآت المعلنة.
فيما يأتي الاجتماع بعد أحداث درامية شهدتها العلاقات “الأوروبية-الإيرانية”، بعد أن أعلنت “أوروبا” اللجوء لآلية فض النزاع ضد “طهران” لفرض عقوبات جديدة عليها، وذلك قبل أن تُعود وتُعلن تعطيل القرار.
ويطرح الاجتماع عدة تساؤلات بشأن الهدف وراء الاجتماع الأخير، ومدى إمكانية نجاح “أوروبا” في إقناع “طهران” بشأن استمرار الإلتزام بالاتفاق.
رسالة حول ما إذا كان الاتفاق حيًا أم ميتًا..
ويقول المحلل السياسي المقيم في فرنسا، “مصطفى الطوسة”: إن “الهدف الرئيس الذي يسعى اجتماع فيينا للوقوف عليه، سواء من المجموعة الدولية أو إيران، هو الوقوف على حقيقة الاتفاق النووي، وهل ما زال حيًا، وهل هناك استعداد من طرف الإيرانيين والأوروبيين للمضي قدمًا في عملية الدفاع عنه ؟”.
مضيفًا أن: “الاجتماع يأتي بعد التوتر الذي شاب العلاقات (الأوروبية-الإيرانية)؛ بعدما هددت دول الاتحاد الأوروبي باللجوء إلى آلية فض النزاع، وهو ما يعني لجوء أوروبا لسلسلة العقوبات على طهران”.
وأوضح قائلًا: “بعد زيارة وزير الخارجية الأوروبي، جوزيف بوريل، لطهران، وتخلي المجموعة الأوروبية عن الآلية، كان هناك إعتقاد بأن الإيرانيين لبوا طلبات المجموعة الدولية، ومستعدون للعودة لاحترام بنود الاتفاق”.
وأشار إلى أن: “اجتماع فيينا رسالة واضحة سيبعثها المجتمعون هناك، حول مدى الاستعداد الإيراني لإحترام الإتفاق، وستلتقطها الإدارة الأميركية والتي فضلت لحد الساعة الاستمرار في نظام العقوبات، وتعتقد أنه سلاح فعال يأتي بثماره ويُشكل عاملًا ضاغطًا على مستوى قدرة طهران على التسلح، أو تمديد تقوية أنشطتها في المنطقة”.
وأنهى حديثه قائلًا: “من المقرر أن يرسل الاجتماع رسالة واضحة لكل مراكز القرار في العالم، حول ما إذا كان الاتفاق حيًا، أو ميتًا ويجب التفكير في سياسة بديلة”.
شروط إيرانية للعودة..
فيما قال “محمد حسن البحراني”، المحلل السياسي، إن: “إيران أعلنت عن موقفها أكثر من مرة، وهو دعوة بلدان الاتحاد الأوروبي إلى الوفاء بإلتزاماته المنصوص عليها في الاتفاق النووي، لكن أوروبا لم تلتزم ببنود، وبقيت مجرد وعود، وهو ما أعلنت طهران أسفها بشأنه”.
وأضاف أن: “الأوروبيين تعهدوا، في تشرين ثان/نوفمبر 2018، بتفعيل القناة المالية وشراء النفط الإيراني، وهناك 11 مادة تم الاتفاق عليها، لكن الجانب الأوروبي لم يلتزم بأي منها”.
وتابع: “متوقع أن الجانب الإيراني سيُركز على ضرورة تنفيذ أوروبا لتعهداتها، وهذا في حال أرادت تلك الدول من إيران العودة لتنفيذ كامل بنود الإتفاق، وذلك بعد أن قلصت 5 خطوات من مراحله في عام 2019”.
موضحًا أن: “إيران تقول بوضوح أنها ستعود إلى الاتفاق النووي، إذا عكست أوروبا رغبة صادقة في تنفيذ الاتفاق وبنوده كاملة، لاسيما في مجال شراء النفط الإيراني”.
لا يوجد مجال لعقد اتفاق جديد..
أما الكاتب الصحافي، “أحمد أصفهاني”، فقد قال إن اجتماع “فيينا” ما هو إلا تأجيل ما بات واضحًا من أن الاتفاق وصل لطريق مسدود، حيث لم تنجح أطرافه في إنقاذه حتى تلك الدول التي لم تلتزم بالعقوبات مثل “روسيا والصين”، مشيرًا إلى أن الاجتماع تجميد للملف وليس لإيجاد مخرج، حيث بات المخرج بعيد المنال في ظل الموقف الأميركي.
وأضاف “إصفهاني”؛ إنه لا يوجد عمليًا مجال لعقد اتفاق جديد، وما قاله “بوريس غونسون”، عن “صفقة ترامب”، هو كلام سياسي لا يؤشر لواقع جديد، لافتًا إلى أن أي محاولة لمفاوضات جديدة لن تكون قبل الانتخابات الأميركية القادمة، حيث تأمل “طهران” في رئيس ديمقراطي أقل تشددًا من “ترامب”.
لا موعد نهائي للمفاوضات..
وفي السياق؛ صرح دبلوماسي أوروبي: “لدينا جميعًا مصلحة في إنقاذ خطة العمل المشتركة الشاملة، (الاتفاق النووي)، ليتمكن المفتشون من مواصلة العمل في إيران”. مضيفًا أن المفاوضات الحالية: “لا موعد نهائيًا لها”، و”ما زلنا بعيدين عن تحقيق نتيجة”، إذ إنه لم يُحدد برنامج زمني للمحادثات.
فرصة لوقف عملية التصعيد..
وكان وزير الخارجية الروسي، “سيرغي لافروف، قد قال إن اجتماع “فيينا”، حول الملف النووي الإيراني، بمثابة “فرصة لوقف عملية التصعيد، قبل فوات الأوان”.
وأضاف “لافروف” أن “الولايات المتحدة” ترفض الاتفاقات، التي من شأنها أن تُعرقل هيمنتها في العالم، وتصفها بغير العادلة.
لا علاقة له بآلية فض النزاع..
تعليقًا على محتوى المفاوضات، أكدت “الخارجية الإيرانية” أن اجتماع اللجنة المشتركة حول “الاتفاق النووي” الإيراني المُزمع عقده في “فيينا”، الأربعاء، ليس له أي علاقة بآلية حل الخلافات، التي فعلتها الدول الأوروبية بعد إعلان “إيران” تخفيض إلتزاماتها بموجب “الاتفاق النووي”.
وذكر بيان صادر عن “الخارجية الإيرانية”، أن: “الاجتماع الذي يُعقد، اليوم الأربعاء، هو اجتماع طبيعي يأتي في سياق الاجتماعات الدورية للجنة المشتركة حول الاتفاق النووي وعلى مستوى نواب وزراء الخارجية لدول (4+1)”.
وأضاف البيان: “نؤكد على أن هذا الاجتماع ليس له أي إرتباط بآلية حل الخلافات، وهو ضمن الاجتماعات الدورية التي تُعقد كل ثلاثة أشهر حول الاتفاق النووي فقط”.
وكانت “إيران” قد أبرمت مع الدول الكبرى، “5 + 1″، (الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وفرنسا، وبريطانيا، بالإضافة إلى ألمانيا)، اتفاقًا تاريخيًا لتسوية الخلافات حول برنامجها النووي، في تموز/يوليو 2015، وتم إعتماد خطة العمل الشاملة المشتركة التي تلغي العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة على “إيران” من قِبل “مجلس الأمن الدولي” و”الولايات المتحدة” و”الاتحاد الأوروبي”.
ولم تستمر الاتفاقية في شكلها الأصلي حتى ثلاث سنوات، ففي أيار/مايو 2018، أعلنت “الولايات المتحدة” انسحابًا أحاديًا منها واستعادة العقوبات الصارمة ضد “الجمهورية الإسلامية”. ثم أعلنت “إيران” التخفيض التدريجي لإلتزاماتها بموجب الاتفاق.
إطلاق آلية فض النزاعات..
ولاحقًا أعلن وزراء خارجية “ألمانيا وبريطانيا وفرنسا”، في بيان مشترك، عن إطلاق آلية فض النزاعات في “الاتفاق النووي” مع “إيران”، بسبب عدم احترام “إيران” لإلتزاماتها بموجب الاتفاق.
وأعلنت “إيران”، أوائل كانون ثان/يناير الجاري، تخليها عن آخر القيود الأساسية في “الصفقة النووية” فيما يتعلق بعدد أجهزة الطرد المركزي، وصرحت بأنه لم يُعد هناك قيود على العمل في البرنامج النووي الإيراني.
وفي الوقت نفسه؛ تعتزم “طهران” مواصلة التعاون مع “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، كما كان من قبل، وهي على استعداد للعودة للوفاء بإلتزاماتها في حالة رفع العقوبات وضمان مصالح “طهران” المنصوص عليها في “الاتفاق النووي”، بعدما أعلنت “واشنطن” انسحابها من خطة العمل هذه، في 8 أيار/مايو 2018.