خاص : ترجمة – محمد بناية :
نشر بعض النشطاء، على موقع التواصل الاجتماعي، (تويتر)، صورة آية الله “علي خامنئي”، أثناء درس الفقه، وكتبوا: “إن المساحة الفاصلة بين كرسي المرشد مع الطلبة الحاضرين ضعف المعتاد”.
وقد عزا النشطاء هذا الأمر إلى رعاية ضوابط السلامة المتعلقة بفيروس “كورونا”. وكتب عدد من النشطاء، المدافعين عن “خامنئي”: “إن المقارنة خاطئة، لأن الصور التي يكون فيها المرشد أقرب إلى الحاضرين إنما تتعلق باللقاءات العامة، لكن في الصورة الأخيرة لم تختلف المساحة الفاصلة بين المرشد والمشاركين في درس الفقه”.
لكن هذه التوضيحات غير دقيقة، لكن يبدو أن محتوى خطاب المرشد القصير عن الانتخابات خلال الدرس، يمثل مجالاً أفضل للدراسة. بحسب (راديو الغد) الأميركي الناطق بالفارسية.
“كورونا” يحد من عملية التصويت..
وبينما تطرق، “علي خامنئي”، للحديث عن انتشار فيروس “كورونا”، قال مازحًا: “هذا المرض كان (ذريعة جيدة)؛ والأعداء أو المعارضين للانتخابات كانوا يعتزمون استغلال هذه الفرصة للحد من المشاركة في الانتخابات”.
وأضاف: “الشعب، لا سيما في مدينة (قُم) شاركوا في عملية الإقتراع دون إلتفات إلى هذه المسألة، بحيث كانت المدينة الأكثر إزدحامًا في مراكز الإقتراع”.
لكن؛ وبالمخالفة لتلكم التصريحات، فقد كانت مراكز الإقتراع بمحافظة “قُم” الأكثر فراغًا وحلت في المرتبة 24 من أصل 31 محافظة، من حيث المشاركة الانتخابية.
لكن الأهم في ضوء معاناة الشعب نفسيًا بسبب انتشار فيروس “كورونا”، كان وفاة خمس حالات طبقًا للإحصائيات الرسمية، حتى درس آية الله “علي خامنئي”، مع كثافة الغموض بشأن كيفية الخدمات الحكومية.
تجاهل حالات الوفاة والإصابات تمامًا !
ولم يتطرق المرشد للحديث عن الوفيات، ولم يُبد أسفًا أو حتى يصدر القرارات أو التكليفات للمسؤولين، وكأن شيئًا لم يحدث. ويبدو أن المصابين بفيروس “كورونا” أو المتخوفين من الإصابة بالفيروس، لا يمثلون أهمية بالنسبة للمرشد، بحيث يتطرق للحديث عنهم.
في المقابل؛ حين تحدث عن إقبال المواطنين في محافظة “قُم” على صناديق الإقتراع دون اهتمام للفيروس، كان وجهه أكثر بشاشة وصوته أكثر قوة وقدم لهم الشكر. والمقارنة بين الحالتين يعكس بوضوح أن الشعب يكتسب معنى من وجهة نظر، “خامنئي”، حين يمثلون مكسب سياسي للنظام.
وسلوك “خامنئي” له سابقة أخرى، ففي خطابه، بتاريخ 17 كانون ثان/يناير الماضي، تحدث مرارًا عن الجنرال، “قاسم سليماني”، وشخصيته وسيرته الذاتية وجنازته، لكن دون إشارة إلى وفاة أكثر من 60 إيرانيًا بسبب سوء إدارة مراسم تشييع جنازة قائد (فيلق القدس) في مدينة “كرمان”.
كذلك وفي خطابه عن إسقاط طائرة الركاب الأوكرانية بصواريخ “الحرس الثوري”، وأعرب عن تعاطفه مع عوائل الضحايا، وقام على الفور بتقسيم هذه العوائل إلى قسمين، وأعرب عن شكره العميق للعوائل التي قال إنها: “صمدت في مواجهة مؤامرات الأعداء وإتخذت موقفًا يتعارض وميول الأعداء”.
وعليه يُمثل الناس قيمة بالنسبة للمرشد؛ حين يتخذون موقفًا في مواجهة الأعداء ويتمتعون، كما يقول بـ”البصيرة”.. وهذه النماذج المتعددة تُثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن “خامنئي” يقيم الشعب بموقفهم من الأعداء.
وتتجلى هذه الآلية في خطاباته حتى في ظل الأوضاع المأزومة، مثل انتشار فيروس “كورونا”، حيث بحث عن استخراج المعاني التي يصبو إليها من الأزمة دون إلتفات للمشكلة الأساسية ومعاناة الناس اليومية. واتهم المعارضون للنظام بالسعي لاستغلال فرصة “كورونا”، لكن بالحقيقة كان هو من يسعى للصيد في المياه الملوثة بفيروس “كورونا” لصالح النظام. ويمكن تقديم فهم أفضل وأدق للفجوة بين المرشد والشعب الإيراني من هذه الزاوية.