بعد احداث التي جرت في اكتوبر من العام الماضي وما تلاها، ترى ان هناك الكثير من المتغيرات التي طرأت على الساحة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بل ان الأمر تعدى ذلك ان اننا لاحظنا تغييرا حادا في بعض السياسات الإقليمية والدولية، وهذا قد يكون بسبب الموقع الاقتصادي للعراق بين دون المنطقة وما يتمتع به من ارض خصبة تسهل على الطامعين زرع أجنداتهم داخل العراق والتلاعب بالعملية السياسية والمنظومة الاجتماعية على حدا سواء..
فبعد تبني المرجعية الدينية العليا المتمثلة بسماحة السيد علي الحسيني السيستاني ، خطاب التوجيه لكل الطبقة السياسية العاملة وكذلك للقوات الأمنية والمتظاهرين ، ورسمه لخطط مستقبلية عبر بياناته من على منابر الخطب على لسان معتمديه، حاولت اغلب القوى السياسية ان لم تكن جميعها تسييس بعض التوجيهات إلى جانبها وكذلك تلاعبت ببعض المفردات من اجل مصالحها الخاصة، حيث أوعزت لعشرات آلاف من مناصريها لبث روح الإشاعة بين الناس والعمل على تضليل العامة أو اثارة الشكوك في المعنى الحقيقي لبيانات المرجعية من اجل خلق مساحة اوسع تبقيهم على كرسي السلطة، وقد تسابق على هذا الفعل كل الكتل الشيعية القابعة بالحكم منذ سقوط الطاغية وليومنا هذا،
لكن الأبرز بينهم والأكثر فائدة ونفوذ وتغلغل وخالق للفوضى هم كتلة “سائرون” هذه الكتلة التي تُقاد من قبل زعيمهم الأوحد مقتدى الصدر،! والذي طالما دعى للإصلاح وتقويم الدولة وبناء المجتمع بحسب ما يعتقده هو لا بحسب القانون العام.!
فبعد الدعم اللامحدود من قبل المرجعية للتظاهرات والمتظاهرين سرعان ما انبرى هذا القائد لتلك الساحة عبر تغريداته على منصات تويتر أو عبر حسابه الوهمي بالفيسبوك ( صالح محمد العراقي) داعيا اتباعه للمشاركة في هذه التظاهرات وتشكيل لجان لحماية المتظاهرين والسيطرة على كل مفاصل التظاهرة مشددا على ثباتهم ونصب سرادق وإعداد أماكن قيادة ومتابعة ميدانية.
وقد جرت العديد من الأحداث ، وكان الشعب بين مؤيد ورافض لهذا التدخل، كون مقتدى الصدر يمتلك قاعدة سياسية كبيرة لطالما وجهت اليها تهم الفساد والمساومات على المصالح الضيقة الخاصة واثارة الفوضى. لكن كل هذا وذاك لم يغير شيء من تغريدات الصدر الذي ظل مصرًا على انه الأوحد الذي يحمل في داخله حبًا للعراق ووطنية كبيرة..
فحاولت القوى السياسية بعد تفجر الوضع وانهيار شبه تام للحكومة العراقية والبلد بشكل عام، من لملمة القضية قبل السقوط المتوقع في قعر الهاوية. عملت على إقرار قانون انتخابات جديد يكون بحسب رغبة الجمهور المتظاهر ويحقق بعضًا من تطلعاتهم.. لكن هذا القانون جاء نتاجا لضغوط جماهيرية وحزبية على الحكومة التي شرعت هذا القانون ليصوت عليه الفاسدون في مجلس النواب من اجل مصالحهم.. والشعب لا يعي ذلك..
وتسارعت الأحداث وعمت الفوضى جميع محافظات الوسط والجنوب وشلت حركة الحياة شللً تام، ولم يزل قادة العملية السياسية من الشيعة يماطلون بتشكيل حكومة مؤقتة يراها البعض انها الصعقة الكهربائية لإعادة النبض إلى قلب العراق،!
غير ان هذه الحكومة قد لا تكون اكثر تأثيرًا على الشارع العراقي من مجلس الحكم في عام 2004 والذي مهد بشكل وآخر لتسويق شخصيات غريبة التركيب لتجثم على صدورنا وصدر العملية السياسية وتعيث بالعراق فسادًا لم يكن له مثيلًا في تاريخ البشرية.. هذه الحكومة المؤقتة لا تختلف الا بالاسم عن ذلك الحكم الذي أسس لدولة الفساد والمحاصصة المقيتة والمحسوبيات وخلق طبقة سياسية حاكمة وإيهام الناس بأنهم الأمثل والأنبل ، وكذلك العمل على طمس طبقة أخرى يعتقدون انها ورقة صار لزامًا عليهم حرقها..
وعليه يجب ان يدرك الشعب حجم الخطورة في التشكيلة القادمة للحكومة وعليه أيضا ان يشدد مطالبه من اصحاب القرار مثل مقتدى الصدر وهادي العامري وقيس الخزعلي والمالكي ، بالعمل بجدية على تدارك الأمر وإلا فأن ” الصچم” المستخدم ضد ابناء الشعب لن يكون هو الحل الأمثل لإنقاذ البلد من هاوية الضياع .