المتظاهرون السلميون يريدون قولها و يهتفون بها عاليا سلمية..سلمية ومن هنا فقد سميت الاحتجاجات العراقية من حيث الجهة التي تشارك فيها من الطبقات المظلومة والمسحوقة وما حدث بالتحديد يدخل في خانة التظاهرات العفوية الشعبية على الاكثر، لكون ما تضمنته من مطالب هي محقة.
لقد قسم المحللون التظاهرات من حيث الاهداف التي تريد تحقيقها ،اذا ما كانت ذات طابع سياسي ،او ذات طابع خدمي”ونجد أن هذه الاحتجاجات المطلبية كان يرجى لها ان تنتهي باستجابة السلطات لمطالب المحتجين. ففي الدول الديمقراطية في الغالب وخاصة اذا ما كانت هذه المطالب محقة ولا تمس سيادة الوطن ولا تتضمن اسقاط النظام السياسي أو اسقاط نظام الحكم لانها مطالب شعبية يجب ان تتحقق وهي من اختارت الطبقة الحاكمة ولان ادارة النظم الديمقراطية والمدنية تكون على اساس الانتخاب الحر والتصويت الشعبي النزيه لاختيار من يراه مناسباً لتمثيله ، والتركيز على توفير الخدمات والبنى التحتية، وتوفير فرص العمل، ناهيك عن حل المشاكل والتحديات التي يواجهها الشباب في عموم المجتمع. وهذه الاحتجاجات المطلبية السلمية لها نموذج مطروح في الدستور العراقي الدائم الذي صدر في عام 2005 يعرفه المختصون هو دستور نظام ديمقراطي .
للحياة الخاصة حرمة وهي مصونة بشرط ان لا تمس حق الناس وبالعكس والدولة ملزمة بحماية حق المواطن في استخدام التظاهرات العامة السلمية دون التجاوز على حقوق الاخرين الفردية والعامة و بكافة اشكالها ولا يجوز حرمان المواطنين منها لانهم سواء امام القانون ومتساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة ولا يجوز التمييز بينهم لاي سبب كان . لقد شابت الكثير من مثل هذه الاعتداءات على رجال الخدمة العامة منهم ،رجال المرور،او سواق عجلات الاسعاف ،او الاطباء ولم تكن الأولى… ولن تكون الأخيرة مثل هذا الاعتداء على رجل الأمن في جميع المحافظات و منها محافظة ذي قار وقد نفذت مثل هذا الاعتداء الغير المبرر اطراف وعناصر خارجة عن القانون اثناء تأديتهم الواجب”، ويعتبرأي اعتداء على رجل الخدمة العامة اعتداء على هيبة الدولة وانتهاك للقانون والنظام العام”، وهذا الفعل الاجرامي يشكل سابقة خطيرة وقد ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي بفديو يظهرفيه اعتداء مجموعة على شرطي المرور وهم ينهالون بالضرب والدفع وخلع ملابسه اثناء اداء الواجب بصورة مقززة بعيدة عن المنطق والعقل وتدخل الشرفاء الذين فضوا الاعتداء وهي مرفوضة من كل الحرصين على سلامة البلد وعزته وكرامة مواطنيه وكثيرا ما سمعنا عن الاعتداءات على رجال أمن، ولكن تلك الاعتداءات لم تأخذ نصيبها من الاهتمام ، حتى برزت الحالة الأخيرة التي تم توثيقها بالصوت والصورة فتفاعلت مع القضية جهات رسمية وشعبية مستنكرة هذه العملية الغير اخلاقية في واقعة أثارت جدلاً واسعاً في الداخل والخارج والتعاطف مع مظلومية هذا الرجل المروري وبشكل جماعي لانه كان ضمن الواجب ولعل جزاء المعتدين هو المحاسبة القانونية وعلى ذمة التحقيق وهي عملية دنيئة تستحق اشد العقوبة لمرتكبيها ولانها تمس الحق العام .
اننا هنا كذلك نرفض في نفس الوقت تصرفات بعض رجال الامن التي قد تتسبب في وضع صورة سلبية عن كثير منهم لسبب من الاسباب قد تكون اخلاقية او قلة الثقافة المهنية او الذين تدفعهم الحماسة الزائـــــــدة الى التجاوز في استخدام السلطات الممنوحة له وايضا هناك مخالفون قد يواجهون المخالفة بنوع من العتب او الاعتراض وقد يتطور الى تعارك بالايدي. والاسلحة وتنتقل الى ثارات عشائرية .
ان هذه الحادثة وغيرها، تطرح سؤالا مهما، يتعلق بالتجرؤ على رجال الأمن الذين يمثلون القانون ويدافعون عنه، وما الذي يشجع البعض من الشباب إلى الخروج على القانون؟ الاجابة جاءت على لسان المواطنين الذي هم من صلب التظاهرات بأن هؤلاء ليسوا منهم في شيئ واكدوا رفضهم التعدي على رجل الامن الذي يقوم بحماية المتظاهرين ويحارب الجريمة و باعتباره صمام امان المجتمع و ألا يقــــسو على الناس ولا يستخدمون العنف.
أن منهج الاعتداء بهذه الصورة هو يخالف ما استقرت عليه الدول المدنية الحديثة والتي اباحت للمواطنين حق التظاهر لأبداء وجهات نظرهم كما يرفضه الدين والمعتقد ، خصوصا إذا كانت هذه التظاهرات عفوية وغير مسيسة لجهة ما. اننا ندعوا العقلاء لاخذ دورهم بمواقف واضحة دون ترك الامور سائبة وفي فرض القانون بالتعاون مع الجهات المسؤولة وبصرامة وعدالة والقيام بمهامهم لحفظ السلم الاهلي وهو خط أحمر لذلك يجب دعم الجيش والاجهزة الامنية بمعزل عن أي ملاحظات سياسية، إلأ للمحافظة على الامن والتصدي بصرامة لمثل هذه التصرفات وتسليم الجناة لان هذه الظواهر التي اخذت تطل برأسها داخل مجتمعنا والتي تهدد امنه واستقراره تعود لعدة اسباب منها ما هو مدعوم من جهات خبيثة لاثارة الفتن والاطاحة بالاستقرار ومنها ما هو ذاتي، وان وأد هذه المظاهر والفتنة الداخلية تتطلب قبل كل شيء معالجة الاسباب الموجبة قبل النتائج حتى لا تظهر هذه المظاهر بين الفينة والاخرى والقضاء عليها والتي في حالة تفشيها ستهدد البناء المجتمعي برمته وستسهل على تمرير السياسات الرامية الى تهديم احساسات شعبنا الوطنية في الحرية والاستقلال والسلم الأهلي الاجتماعي ونشر وتعزيزهذا المفهوم اي ( السلم الاهلي والاجتماعي ) داخل المجتمع العراقي ضرورة مهمة للقضاء على حالة التشرذم والعمل المشترك على ترسيخ مفاهيم السليمة تعزز لغة الحوار بين طبقات الشعب وتعزيز دورهم في نشر مفاهيم تقبل الآخر بعيداً عن العنف ، والتركيز على ثقافة التسامح بين أفراد المجتمع وهو ركن اساسي ان لم نقل هو السبيل الوحيد لبناء المجتمع وللمحافظة على الحقوق الوطنية الثابتة لشعبنا، وليس امام الجميع سوى العمل من أجل منع تآكل مقدراتنا بمثل هذه الافعال لأن عواقب ذلك ستكون وخيمة وهو مايريده الاعداء.