بداية لنتفق،أن”كنا “لا تصنع أمة،وإنما كنا وعدنا هي التي تفعل ذلك ولاشك ،فعندما نردد كالببغاء عبارة كنا وكنا وكنا فهذا دليل قاطع على أننا اليوم غيرنا بالأمس وأننا قد إبتعدنا كثيرا عن تعاليم ديننا الحنيف،والمطلوب وبإلحاح من الآن فصاعدا أن نقول “كنا وووعدنا “والا فإننا سنظل ندور في حلقة مفرغة ديدنها إجترار الماضي والتلذذ به أو البكاء على أطلاله وشخوصه الى حد التوقف عنده فحسب من دون أن نتقدم خطوة واحدة مشرفة على خطى السلف الصالح الذي نتباهى به ونبكي عليه الى أمام !
ولنتفق أيضا أن الكتاب المتأثرين بظلم الصنم الحاكم أو بمكرماته في العادة تنشطر كتاباتهم الى شطرين،الاول منهم هجَّاءٌ على طول الخط والثاني مدَّاحٌ على طول الخط ،الصنف الثاني ونتيجة لإدمانه المديح فإنه يضطر وبعد سقوط الصنم الزائل الى إمتداح الصنم الصائل كونه قد إعتاش على المديح وحاز المنافع من جرائه طويلا، فيما الأول يعمد ولكونه قد أدمن الهجاء على الحط من أي حكم وحاكم كان ولو خارج حدود بلده،والأصل هو مدح كل عمل صالح يستحق المدح مقابل القدح بكل ما هو طالح يستحق الذم وخلاصته “لا تدمن المديح والهجاء عموما بحق وبغير وجه حق لأنه وباء أشد فتكا من كورونا”.
وبناء على المقدمتين الآنفتين بإمكاني أن أؤكد بأن التحشيش الفكري له الدور الاكبر في خلط الأوراق وصناعة المداحين والذامين والذيول !
لقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عبر مواقع التواصل وبعض الساحات عن إن العراق والعراقيين لن تتحسن أوضاعهم ولن تستقيم أمورهم مالم يتخلصوا من الدين ورموزه ويتنصلواعن التدين وأخلاقياته ومثله ظنا منهم بأن أحزاب السلطة – الاسلاموية – إنما تمثل الدين مع إن جلها إنتهازية – تمثل الطين – وهي أبعد ما يكون عن التدين الحق بعمومه وقد كتبت في ذلك سابقا مقالة بعنوان”التدين الرباني والتطين الشيطاني وما بينهما من أتباع وذيول”وبالتالي فهؤلاء باتوا يطالبون بركن الدين جانبا وتنحيته لضمان حياة أفضل وغد أرغد بزعمهم وهذا لعمري هو الهرج بعينه وقد دخلت في نقاش حامي الوطيس مع أحدهم مؤخرا ممن وصلت به الجرأة الى الطعن بآل البيت الاطهار والتقليل من شأن النبي صلى الله عليه وسلم للتصغير المتعمد وبأسلوب تهكمي صارخ والزعم بأن حكم العراق اليوم بأيديهم منذ 16عاما ومضمون عبارته ،أن “على الله “أن ينزع الحكم من آل البيت وينقله الى غيرهم لإسترداد هذا الوطن الجريح، وأسأل وهل أن من يحكم العراق اليوم هم آل البيت الاطهار وصحابته الاخيار ووفقا لتعاليمهم الغراء وعلى منهجهم القويم حقا ،أم إن من يحكمه واقعا هم من يدعي الوصل بهم بينما يخالف نهجهم من الالف الى الياء عمدا لاسهوا ؟!
وأقول للجميع وللكف عن هذا الخلط العجيب بين الدين الحنيف وبين من يرتدون لبوسه لتحقيق مآربهم الشخصية فضلا عن مصالح الدول التي تدعمهم وتوجههم ، بأن الأحزاب – الاسلاموية – ولا أقول الاسلامية التي تتحكم بعراق ما بعد الاحتلال الاميركي البغيض ومعظمهم جاء على دباباته هي أحزاب مأزومة تعاني من أزمتين نفسيتين حادتين ،الأولى فكرية ثقافية ،والثانية اجتماعية طبقية لا داعي للخوض في تفاصيلها لأن الجميع يعلمها،كما أنها تعاني من حقدين متحكمين الأول شعوبي تأريخي والثاني لا وطني معاصر وتبعيتها وولاؤها للخارج تماما يعلم ذلك القاصي والداني بما يغني عن الإفاضة وبالتالي فقد جاءت الكثير من هذه الأحزاب وتشكلت لتفتيت العراق أساسا والحط من قدره والثأر من شعبه ونهب خيراته وتهريب ثرواته لأسباب كثيرة لعل “سجون العلمانيين وحبال الشيوعيين وتعذيبهم ومشانقهم وظلمهم وسحلهم واقصائهم وتهميشهم”في الفترات الماضية واحدة منها، وشاء الباري عزل وجل أن يترك بشار الاسد العلماني في سدة السلطة لينقل لنا صورة حية ومتجسدة في كل ساعة عن وحشيتهم وطغيانهم ولو أنه أخذه كما أخذ غيره لغابت صور هذا الظلم – العلماني -العظيم عن أذهان الناس وأبصارهم، وبناء عليه أقول لاتحكم على الدين الحنيف من خلال أدعيائه وانما من خلال تعاليمه الصافية وأتباعه الحق ، فالرجال إنما يعرفون بالحق ولايعرف الحق بالرجال ،إعرف الحق تعرف أهله ، لقد خدعكم الصنف الاول كونكم على إستعداد للخداع وصوروا لكم الدين على أنه “مراسم،وعطل، وراب ، وحناء ،وبخور،وشموع ،وتطبير،وهريسة ،وقيمة،وتطيين،وزحف،وأقفال صينية،وخرق خضرهندية،وفسنجون،والتمسح بكل جماد للحصول على البركات ولو كان عبارة عن – تراكتور – زراعي عاطل وسط البساتين ” فحسب وقد رضيتم بذلك وبالتالي فقد تحولت عندكم – مخطة المدعين وبصقتهم – كجكليتة أحدهم الى علاج شاف من جميع الأمراض السارية،وصار عندكم ابو علي الشيباني الولي الرحماني ،وبات حجي ثقب القطب الرباني ،وهذا كله ليس دينا بالمرة بل يخالفه جملة وتفصيلا ، لقد اخترعوا لكم مئات المزارات ورضيتم بذلك وفرحتم به فرحا غامرا وتمنيتم لو أنهم اضافوا لكم المزيد منها للبركة ولإغاضة خصومكم التأريخيين بزعمكم ،فللخضر وحده ها هنا عشرات المقامات وكلها لا أصل لها في الدين يعلم ذلك الآثاريون والمحققون والاصوليون الا أنكم رضيتم بها وهرولتم اليها وتبركتم بها،كل ذلك لجني المغانم والحصول على النفوذ والجاه والحسب والنسب إضافة الى الخمس والتجارة وجني الأموال مع أن لا أصل لها في الدين البتة لتخديركم ورضيتم بكل ذلك يصدق فيكم قوله تعالى :” فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ” وحسبكم لتكذيب الأحزاب الاسلاموية والقائمين عليها – انها – تخترع لكم كل ما لا أصل له شرعا وبما يتعارض مع النقل والعقل والمنطق كليا ناهيك عن أنها ترتكب من المخالفات الشرعية وعلى مدار الساعة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطرعلى قلب بشر وكان الأجدى بكم أن تعيدوا الدين الى منابعه الصافية بدلا من المطالبة بإلغاء الدين كله بذريعة وجود نصابين دوليين من مزدوجي التبعية والولاء والجنسية يتحدثون بأسمه ويلبسون ارديته – وأنوه الى،أن ” الاحزاب العلمانية والاسلاموية يتبادلان الأدوار لتكريس التخلف والطغيان فينا ” فلكي تكون علمانيا محضا فإنهم يأتونك بأحزاب اسلاموية – تلعب بيك طوبة – وتكرهك بالدين لتطالب بالعلمنة أيا كان نوعها “وجودية ، شيوعية ، قومية ، ليبرالية ، برغماتية ، دكتاتورية ، أوتوقراطية ” لايهم بغية التخلص منها ،والعكس صحيح ” فلكي يحولونك الى “متطين”ولا اقول متدين فإنهم يحكمونك بالحديد والنار-علمانيا – لفترة ما تكون خلالها مستعدا للقبول بأي دجال يدعي التدين ويعدك بالعدل والانصاف ورفع الظلم ولوكذبا لحكمك – تيوقراطيا – وهذا الدور والتسلسل سيظل قائما فينا ما لم نعد الى تعاليم ديننا الحنيف الصافية وما أعظمها ،ما أنبلها ، ما أرحمها بخلق الله وعباده ، نقطة راس سطر ، وبالتالي فأدعوك لـ” تنيظف عقلك من التحشيش وتطهير قلبك من العقد النفسية التأريخية ” وسترى كيف أن الدين رائع ومختلف تماما عما يرضعونك إياه من حقد أسود وتخلف مقيت وأساطير بشعة رضاعة طبيعية وصناعية منذ نعومة اظافرك بما يجعلك أكبر متمسح وتابع وإمعة لكل المدعين من دون أدنى تفكير بدلا من اتباع الدين الحق والإصغاء لأعلامه الأعلام من عباد الله الصالحين!
وكما قال شيخ الازهر مؤخرا ” يوم أن كنا على الدين القويم حقا كانت قدم لنا في الصين وأخرى في الاندلس”وأضيف ” ويوم أن تنكرنا للدين أصبح أحدنا يحتاج الى إذن من أي ممخرق لدخول الحمام !” .
وأنصح قادة ما يسمى بأحزاب الاسلام السياسي من الشيعة والسنة والكرد والعرب والتركمان على سواء وبكل صراحة إما ” ان ترفعوا اسم الدين من عناوين أحزابكم تماما إحتراما للدين ودفاعا عنه وعن نقائه وعدله ومثله وقيمه ولكي لاتلصق بالدين مثالبكم ،لاتحسب على الدين مظالمكم ،لا تلحق بالدين مفاسدكم “،وإما “أن تخلعوا ملابسه وتجاهروا صراحة أمام جماهيركم بأن ما تقومون به هو سياسة بحتة وفن ممكن خالص بكل ما تتضمنه السياسة من حيل وخداع وأكاذيب ومناورات وتحالفات -وحنقبازيات -الأصل فيها للمصالح الدائمة وليس للصداقات والاخلاقيات الدائمة وانها ليست دينا بالمرة “، وإما أن تحكموا بالدين الحق وبتعاليمه الغراء وتضبطوا إيقاع محاسيبكم ،وتحاسبوا أنفسكم وقادتكم فعلا من غير مناورات ولا -كلاوات – ولا ديماغوجيات ،وإما أن تتركوا الساحة السياسية كليا ولا خامس لها لأن ما ترتكبونه من حماقات ومفاسد ومظالم بحق الشعوب باتت السبب الرئيس لأكبر دعوة للالحاد واللادينية والعلمنة والشيطنة في العالمين العربي والاسلامي وبالأخص اذا ما أضيفت الى حماقاتكم جرائم الخوارج ومن لف لفهم من – الذباحة – وقاطعي الرؤوس وقطاع الطرق حول العالم بإسم الدين والدين منهم ومن ما تصنعون بإسمه براء براءة الذئب من دم يوسف …ثوبوا الى رشدكم وعودوا كما كنتم “خير أمة أخرجت للناس ” كي لاتفضحكم الـ” كنا” والـ” كنتم ” التي تتمشدقون بها عند مقارنة ماضينا التليد الغابر بحاضرنا البليد السافر! اودعناكم اغاتي