22 نوفمبر، 2024 7:37 م
Search
Close this search box.

كيفية تحديد الحاجة الفعلية إلى القوى العاملة

كيفية تحديد الحاجة الفعلية إلى القوى العاملة

القسم الثالث
فـي ظـل الحاجـة الضـروریة التـي تتطلبهـا مقتضـیات التنمیـة الإقتصـادیة أو الإجتماعیـــة أو الثقافیـــة ، تعـــد الدراســـات المستفیضـــة للجـــدوى الإقتصــــادیة للأســـباب الموجبـــة لإســـتحداث أي تشـــكیل إداري أو منظومـــة عمـــل جدیـــدة ، تمهیدا رصینا لإعداد النظام الـداخلي المتضـمن مهامـه وواجباتـه الإداریـة والفنیـة ، المحـــددة لإرتباطـــه أو إســـتقلاله الإداري والمـــالي ، وكیفیـــة إنجـــاز أعمالـــه بالتنســیق مــع دوائــر الدولــة الأخــرى ، حیــث الاعــلان عــن تأسیسـه بوصــفه القـانوني والإداري ، لتبـدأ مرحلـة تحدیـد العنـاوین الوظیفیـة المنسـجمة نوعیـا مـع مهامــه ، المتناســبة عــددیا مــع حجــم وطبیعــة واجباتــه ، لغــرض البــدء بتنفیــذ الأعمال المطلوب إنجازهـا بأقـل وقـت وجهـد وكلفـة ممكنـة ، ومـن غیـر المسـاس بجوهر الغایة والأهداف المؤسسة لنشأة المنظومة الفاعلة . ومـن البـدیهي أن لا یـتم البـدء بالتنفیـذ ، إلا عـن طریـق عـدد مـن العــاملین الذین ینتظمون فـي التكـوین الهرمـي لمنظومـة العمـل تلـك ، عـن طریقـي التعیـین أو النقـل ، علـى وفـق تطـابق التوصـیف الـوظیفي للعنـاوین المحـددة والمطلوبـة ، المخصصـة لهـا درجـات معینـة ضـمن المـلاك الـدائم أو المؤقـت الخـاص بهـا ، تأمینا لنیل الحقـوق المكتسـبة منـذ اللحظـة الأولـى لمباشـرة العمـل الـوظیفي ، بعـد تـوفر المـؤهلات المطلوبـة فـي الشـخص المتقـدم للتوظیـف ، وإسـتیفائه لإجـراءات التعیین والشرو ط المقررة قانونا ، المتوجـة بصـدور قـرار التعیـین ، مـن قبـل جهـة الاختصاص المخولة بذلك حصرا .

تلك هـي نقطـة الشـروع فـي البنـاء الإداري ، وتحدیـد أعـداد المـوظفین لـدوائر الدولـة ، التـي تـزداد الحاجــة إلـى الأیـدي العاملـة فیهـا ، كلمـا إبتعــدت المسـافات عــن نقــاط إنطلاقهــا ، بفعــل زیــادة حجــم العمــل وتطــور نوعیتــه ، كمــا تــتقلص الحاجـة بفعـل مـؤثرات إنخفـاض عوامـل الإنتاجیـة أو إسـتخدام الوسـائل الحدیثـة فـي التنفیـذ ، إضـافة إلـى مـا یرافـق ذلـك مـن ظـواهر التعقیـدات الإداریـة ، التـي تـزداد وضـوحا كلمـا توسـعت الدولـة فـي أداء الخـدمات للمـواطنین ، حیـث یـزداد الجهاز الإداري ویتسع من الناحیتین الكمیة والنوعیة . وفــي كــل الأحــوال ، لا بــد مــن وجــود وحــدة قیــاس ، تعنــى بتحدیــد عــدد الفـائض والعجـز مـن المـوظفین ، لأن مـن غیـر الممكـن الركـون لعوامـل التوسـع العشــوائي فــي الأجهــزة والمؤسســات ، إلــى حــد ترهــل الهیاكــل التنظیمیــة بمــا لا ینفــع تنفیــذ خطــط التنمیــة الشــاملة ، أو یســتنزف قــوة العمــل الفاعلــة بالبطالــة المقنعـة ، ممـا یتوجـب علـى الدولـة ، وهـي غیـر القـادرة علـى إسـتیعاب جمهـور العــاطلین عــن العمــل فــي الــدوائر المملوكــة لهــا ، أن تســعى وبكــل قــوة جهــدها المتمیـز ، إلـى تشـجیع العمـل فـي القطـاع الخـاص ودعمـه وتنمیتـه ، بمـا یمكنـه مــن منافســة مؤسســات الدولــة الإنتاجیــة والخدمیــة ، مــع تفعیــل وزیــادة حجــم الإســتثمارات فــي مختلــف المجــالات والأنشــطة الإنتاجیــة ، خاصــة الصــناعیة والزراعیـة منهـا ، مـع إسـتغلال قـوة ثرواتهـا وعوائـدها المالیـة فـي البنـاء والإعمـار المنــتج ، لترســیخ قواعــد الأمــن الإجتمــاعي علــى أســس الإســتقرار المطلــوب ، الضامن لدیمومة وإستمرار مقوماته بالشكل الصحیح والسلیم .

وعلیــه نصــت المــادة (٣٣) مــن قــانون الخدمــة المدنیــة رقــم (٢٤) لســنة1960 المعدل ، على ما یأتي :-

1 – یسـتعین وزیــر المالیــة عنــد القیــام بمراقبــة عــدد المــوظفین ، بهیئــة مــن المفتشـین ، للتحقیـق عمـا یطلـب إضـافته مـن الوظـائف ، وفـي التحـري عن الوظائف الزائدة .

2 -علـى وزیـر المالیـة ، إتخـاذ الإجـراءات اللازمـة لنقـل المـوظفین الزائـدین فــي أیــة وزارة ، إلــى دوائــر أخــرى أو إلغــاء وظــائفهم بمقتضــى قــانون الملاك .

* لقد قصد المشرع من وراء ذلك كله ، أن یجعل عدد الموظفین یتناسب مـع حاجـة الـدوائر المختصـة مـن حیـث العـدد والنـوع ، فأنـاط بـوزارة المالیـة حـق ممارسة الرقابة على عددهم ، وخولها نقل الموظفین الفائضین إلى دوائـر أخـرى ، أو إلغـاء وظـائفهم تنسـیقا للمـلاك ، إلا أن الواقـع العملـي یؤكـد عـدم قیـام وزارة المالیة بهـذه المهمـة ، وإنمـا تولـت بعـض الـوزارات نقـل المـوظفین الفائضـین عـن حاجة بعض دوائرها ، لسد العجز القائم فـي دوائـر أخـرى تابعـة لهـا أیضـا ، مـن الـذین تقـرر دوائـرهم لا وزارة المالیـة كـونهم كــذلك ، وهـم غالبـا مـا یكونـون مــن ذوي الخـدمات غیـر المرضـیة ، أو الـذین لا یتطـابق تحصــیلهم الدراسـي أو تخصصـهم العلمـي أو العملي ، مـع مهـام وواجبـات الـدائرة التـي یعملـون فیهـا ، والذین لا تستقبلهم الدوائر الأخـرى بإرتیـاح تـام ، لإعتقادهـا بـأنهم مـن المـوظفین غیـر المرغـوب فـیهم ، ولهـذا كـان مـن الضـروري أن تضـع وزارة المالیـة مقیاسـا لأعمـال المـوظفین ، خاصــة ذات الطبیعـة الواحـدة أو المتشـابهة ، لأن فقــدان هذا المقیاس أدى بالنتیجة إلى إسناد عمل یمكن أن یقوم بـه موظـف واحـد لعـدد مــن المــوظفین ، أو أن تلــك الأعمــال مــن الأعمــال الموســمیة أو الطارئــة التــي یمكن إنجازهـا عـن طریـق اللجـان العاملـة خـارج أوقـات الـدوام الرسـمي وبـالأجور المقررة ، بدلا مـن إعتبارهـا أعمـالا دائمیـة تسـتوجب إسـتحداث تشـكیل إضـافي ، یقتضـي تعیـین أو نقـل عـدد مـن المـوظفین إلیـه ، لإنجـاز مـا إسـتجد مـن عمـل طاريء أو مؤقت .
إما إلغـاء الوظـائف تنسـیقا للمـلاك بمقتضــى قــانون الملاك ، فيترتب عليه إحالة الموظفين إلى التقاعد بسبب إلغاء دوائرهم أو وظائفهم بعد إعتبارها فائضة عن الحاجة الفعلية للتشكيلات الإدارية التنظيمية وقواها العاملة ، بدليل نص المادة (41) من قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960- المعدل ، حيث ( إذا ألغيت وظيفة الموظف وتوفرت بتأريخ الإلغاء في الدائرة المنتسب إليها وظيفة شاغرة تماثل أعمالها ، أعمال وظيفته ومن درجته فيعتبر منقولا إليها براتبه الحالي . وإذا كانت الوظيفة الشاغرة من درجة أدنى من درجته فيخير في قبولها أو عدمه ، وفي حالة قبوله لها كتابة يجب تعيينه لتلك الوظيفة ) ، وتلك هي اجراءات المعالجة السابقة لحالة إنتهاء خدمة الموظف بتنسيق الملاك ، في حالة إلغاء وظيفة الموظف وعدم قبوله بالنقل إلى وظيفة بدرجة أدنى من درجته ، والتي لم يشهد تأريخ الوظيفة العامة تطبيقها بشكل فاعل ، على الرغم من كل مظاهر الترهل والتضخم العددي للقوى العاملة في دوائر الدولة وأجهزتها ، وضرورة إتباع إجراءات تنسيق الملاك من قبل الوزير المختص ، كونه المسؤول الأول ( عن إدارة وزارته بصورة إقتصادية ، فيما يتعلق بعدد الموظفين ودرجاتهم ، وضرورة توفر الكفاءة العالية فيهم بالنسبة للواجبات المناطة بهم ) ، وكما هو في تفاصيل تلك المسؤولية ، وعلاقتها بكيفية التعامل مع تفاصيل ملاك موظفي وزارته ، وإتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذها . كما إن ( لمجلس الوزراء ، حذف الوظائف الزائدة عن الحاجة من الملاك ، بناء على إقتراح من وزير المالية ، يذكر فيه عنوان الوظيفة الزائدة وإسم شاغلها ) ، التي ستكون واضحة عند إعداد ملاك كل وزارة في بداية كل سنة مالية ، أو عند إلغاء أية دائرة من دوائر الوزارة وإنتفاء الحاجة إلى خدمات موظفيها ، أو عدم حاجة ملاك الدوائر الأخرى فيها أو في غيرها لخدماتهم ، من خلال إجراءات إختزال الفائض وسد العجز في الملاك الدائم لدوائر الدولة بشكل عام ، الذي يتولى مجلس الوزراء مهمة التوجيـه بشأن معالجتـه ، ووزارة المالية بالتعامل معه وفقا لأحكام قانون الملاك رقم (25) لسنة 1960- المعدل ، بالتنسيق مع الوزارات والدوائر ذات العلاقة بتنفيذه ، مع الأخذ بنظر الإعتبار ما يؤثر في إعداد الملاك ، بفعل حركة القوى العاملة بسبب الشواغر الحاصلة نتيجة إجراءات حالات التعيين وإعادة التعيين والوفاة والتقاعد والإستقالة والإستغناء والإقصاء أو الفصل والعزل .

أحدث المقالات