قبل أن أبدأ بالموضوع أود أن أقول بأن لا فرق عندي ما بين المتظاهرين السابقين ضد الأنظمة المستبدة التي حكمت العراق والمنتفظين السابقين وما قلناه على انفسنا بالمنتفظين الشعبانيين أو المعارضين العراقيين، وبين ابنائنا واخواننا المتظاهرين الحاليين، فكلاهما عينان في رأس واحدة ولا نمتلك أفضل من هذا التاريخ الذي يسعى للحرية والكرامة والتطور لبلدنا وشعبنا، في الوقت الحالي تحديدا مع أمنياتي بالتوفيق للجميع والعودة العراقية السريعة الى مستوى العراق المعهود سياسيا واقتصادية وثقافيا، بعد شفاءه من جراثيم الفساد ومكروبات السلطة، وتحقق الاصلاح ان شاء الله.
الموضوع سيكون مركز على محور واحد فقط، وهو مقارنة تحتمها المتغيرات المعاصرة التي أثرت ايجابيا على الحراك الشعبي، ما بين السابقين وهؤلاء المنتفظين الحاليين، الهدف منها هو ملاحظة الإيجابيات وكيفية المحافظة عليها وتطويرها وتدارك السلبيات وتصحيحها في المستقبل وبالخصوص نحن على أعتاب تاييد دولي وشعبي وطني وعالمي، ومواقف حاسمة، تصحح بالاصلاحات المسار لمتغيرات الحرية في العراق ونهضته.
تميزت مظاهرات الجيل الجديد الى جانب الوعي والثقافة ولغة الحوار ووضوح المطاليب، الى تميز أخر من السرعة لاحترام الزمن بتكثيف الحشود الشعبية وقناعتها بالامر، رغم التحامات المليشيات العسكرية التي همشت القوى الامنية بقصد اذلالها واذلال العراق لمآرب خارجية وليس وطنية، وبادرت بتشويه وتدمير سمعة الشعب والشباب والعراق، وهذه النقطة واضحة جدا للعيان وبتفوق ذهني للجماهير على حساب التفوق المسلح للمليشيات وعصابات الفساد.
كما جاء الضغط بتميز بدفاعات على صد الخصم ومحاولاته بسرقة الفرصة من الوصول الى الاصلاحات الحقة، وبتفوق اثار اعجاب العالم بسلمية المظاهرات رغم مواجهتها بالسلاح، ويظهر بشكل واضح فعلااء لحد هذه اللحظة واجادة الضغط والاحتفاظ بالفرص ضد مثيري الفتنة من عصابة الفساد ومليسيات المسلحة.
وما تمت تثبيته وملاحظته من مراكز الدراسات، الذكاء الميداني والتحرك السليم بشكل سلمي دون عنف، وعدم الانجرار للصدام المسلح، حيث يمتاز الشباب ومن ضمنهم الجامعيون، بهذه الصفات جميعها متفوقين على خطط المليشيات وعصابات الفساد لجر المتظاهرين الى معركة مسلحة خدمة لمصالح اقليمية كما حدث لليمن وسورية، مما نال الشعب شكر العالم والمنظمات الدولية مقابل ادانات سياسية دولية وعالمية فضلا الى الامم المتحدة ومنظماتها الانسانية والحقوقية، مع الدعم الكامل للمرجعية العليا في النجف الاشرف، فضلا عن الدعم العشائري.
كان للمتظاهرين وجماهير الشعب المنتفظة، لديهم القدرة على التحكم بالساحة بعد كل اقتحام ومواجهة واغتيالات ومجزرة وتصفية ضدهم دون الوقوع برد فعل سلبي يقضي على سلميتهم، مع تطوير واضح لاساليب المواجهات السلمية، ثقافيا واعلاميا ووعيا، أكثر فأكثر، وتفعيل هذه الخاصية في كل المدن العراقية، لتثير احترام العالم من جهة ومن جهة أخرى تثير غضب العصابات والمليشيات، مع اظهار لياقة اخلاقية منسجمة مع اللياقة البدنية والذهنية خلافا للخصم في نهجه لاحداث الفتن والفوضى.
كان لمثل هذا التكنيك والتكتيك كما يسمى، دقة في حوار واسلوب حضاري، رغم الشهداء والجرحى، والتمركز الصحيح بسرعة اتخاذ القرار والتوجيه الدقيق للحراك الشعبي، دون احداث فراغ سعت له عصابات الفساد المتحكمة بالبلاد، ليتفوق المتظاهرون بسلميتهم ووعيهم وثقافتهم، وبشكل واضح جدا للعيان والمتابعين على المستوى العالمي والوطني، وبذلك نجحوا في تخطي خباثة ومراوغة وتسويف الطبقة السياسية كسلطة فساد مستقوية بالمليشيات الخارجة عن القانون، ومن اهم مكاسب المتظاهرين التي تحققت بسبب هذا النهج الحضاري، هو دعم المرجعية العليا المتمثلة بالسيد السيستاني حفظه الله ليطلق عليهم عنوان احبتي، ليثير غيض الطبقة السياسية الفاشلة ومن يدعمها داخليا واقليميا.
وبكسب الموقف المرجعي السامي والموقف الدولي والعالمي تبين مدى نجاح السلمية والوعي لدى المتظاهرين من جهة ومن جهة اخرى مدى وضاعة وفشل وفساد واستبداد الطبقة الحاكمة ومن يدعمها اقليميا.
ما تحقق للجماهير العراقية المتمثلة بالمتظاهرين والشباب والطلبة، صفة جميلة يمتلكها الشعب العظيم والحي، والذي يرى مدنيته وحضارته وحريته بمرمى العين، وبدون تأخير، يعكسه هذا الاصرار المقدس الشعبي، رغم ما يتعرض له من مجازر، صفة افتقدت للانانية وتسامت على الخلافات وحققت الوحدة في عدم الوقوع بتشكيل من يمثلها، لتنطق بلسان واحد، منادية لاهداف واضحة غير صعبة وسهلة، بتعاون قد أخذ عقل المتابعين في العالم، وكسب تأييدهم.
وسيكون الغد أكثر أشراقا لهذا الوطن وجيله المنتفظ الناهض بعون الله