لآ تخلو عملية هروب سجناء القاعدة من أبي غريب من نظرية المؤامرة، بل ان نظرية المؤامرة بأكملها تتجسد فيها لا سيما إذا لاحظنا التوقيت في مجريات تطور الاوضاع السياسية في الشرق الأوسط وعلى وجه الخصوص في سوريا التي تشهد حرب استنزاف منذ عامين وأكثر.
ان عملية هروب سجناء القاعدة وبهذا العدد الغفير وخلال ساعات لا يمكن لأي عاقل ان يصدقه، وما العملية إلا مسرحية هزلية تم تمثيلها بوقاحة على أشلاء عشرات الحراس العراقيين، وكان الهدف منها تعزيز قواعد جبهة النصرة في سوريا بعد هزائمها الكثيرة والكبيرة على أيدي الجيش النظامي السوري.
لقد أدركت الولايات المتحدة وأعلنت على لسان الكثير من مسؤوليها الكبار ان كفة النصر بدأت تميل لصالح النظام في سوريا يوما بعد آخر، وان ذلك يتطلب تعزيز تلك الجبهة بمقاتلين لهم الكثير من الخبرة، فوقع الاختيار على سجناء القاعدة في سجني أبي غريب والتاجي الذين يصفهم تنظيم القاعدة بانهم ( نخبة خيرة من الجيل الأول والثاني)، فهولاء وحدهم ربما سيكونون قادرين على تعديل كفة الصراع والوقوف في وجه انتصارات بشار الأسد المتصاعدة.
كل الأرقام المذكورة عن العملية تثير الريبة والشكوك، وتثبت انها مجرد مسرحية اضافة إلى عدم اهتمام الحكومة العراقية بالموضوع وكأن الهاربين عددهم ستة أو عشرة فقط. كما ان عملية الهروب الكبرى هذه، وهي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، قد تزامنت مع زيارة جون كيري وزير الخارجية الأمريكي للمنطقة بحجة إعادة محادثات السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين، وكأن كيري، أو الولايات المتحدة لم تتذكر ضرورة تنشيط عملية السلام إلا في هذا التوقيت بالذات.
ان الولايات المتحدة، وبحسب تاريخها المقيت، على اتم الاستعداد لوضع يدها بيد أية قوة مهما كانت تلك القوة خسيسة ووضيعة إذا ما كان ذلك يحقق مصالحها ونزواتها، وهي مستعدة للتعاون مع الشيطان إذا كان ذلك التعاون ينتهي بسقوط بشار الأسد.
ان تجربتنا في العراق تؤكد ما ذهبنا اليه، فعلى مدى جميع السنوات التي كان فيها الأمريكان يديرون البلاد كانوا يطلقون سراح ارهابيي القاعدة عندما تقبض عليهم قواتنا الأمنية، وان القول الذي مفاده ان تنظيم القاعدة هو صناعة أمريكية لهو قول فيه الكثير من الصدق والحقيقة.