ماحدث منذ اول تشرين من العام الماضي في العراق، ليس صدفة، والاهم من ذلك انه ليس مجرد “انتفاضة”، ولا حتى “ثوره” عادية اذا اعتمدنا المفاهيم المتعارف عليها عن الثورات، وسقوط 600 شهيد واكثر من 27 الف مصاب برصاص معسكر اللصوص القتلة، لايجب ان يغيب عن البال من حيث الدلالة والخصوصية، فالحالة العراقية ليست الحالة اللبنانية، وان لعبت محركات متشابهه دورا في تاجيجها، العراق ليس الجزائر، ولا السودان، ولاسوريا، او اليمن، المعالم هنا واضحه: ثمة جمع من الطارئين ومعسكر النهب والتسلط، من دون ادنى حد او قدرمن الشرعية، مقابل مجتمع ينهض بعد قرن من تجربة الدول المركبه من خارجه وبالفبركة، وبما يضاد طبيعته وتكوينه التاريخي.
مجتمع له تاريخ ابتاكري من حضور “اللادولة” بكل معالمها، وماينتج عنها، ومن افرازاتها وطبيعة بناها، مجتمع يقتل على يد السفاحين اكلي قوت الناس، ولايرفع السلاح، لانه من طبنة اخرى، من نمط سلوك راسخ مختلف، من كينونة قضت تاريخها على مدى الاف السنين، من سومر الى القرامطة، الى جرائم الحكام الحاقدين على مر التاريخ، ومثالهم الابرز الكرية الحجاج، وقد جاءت لحظة تجسدها امام العالم، نمطا ونموذجا ” آخر” مكتسبة حلة “دولة الشهداء” وهي تكرس في كل يوم قانونها بوجه القتل والنهب والجريمه السوداء.
على امتداد ارض السواد، وصولا لبغداد، تومض ساحات الثورة، من النجف الى كربلاء، الى الحلة والديوانية، والمثنى، والبصرة ثغر العراق الدامي، الى العمارة والكوت، بينما بدا يلوح في الافق زمن ولحظة التفريق، بين دولة كاذبه قاتلة ومفبركة، وزمن مختلف حيث الدولة هي الانسان بما سعى.
دولة الشهداء تصعد اليوم في الافق
ومعسكر السرقة والقتل ينحدر الى مزابل التاريخ
دولتان لا لقاء بينهما ولالغة
احدهما يجب ان يزول ويختفي هو وجرائمه من المشهد
واخر ينبثق مجللا بحلل الشهادة على مر التاريخ