22 ديسمبر، 2024 2:02 م

زيارة “بن زايد” للجزائر .. لإضعاف الحضور التركي في المنطقة ويطوق تحركات “إردوغان” تجاه ليبيا !

زيارة “بن زايد” للجزائر .. لإضعاف الحضور التركي في المنطقة ويطوق تحركات “إردوغان” تجاه ليبيا !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في زيارة اعتبرها المراقبون الجزائريون ردًا سريعًا على زيارة الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، حيث أتت بعد يومٍ واحد من زيارته، والذي بحث خلالها، مع نظيره الجزائري، عدة قضايا أبرزها الأزمة الليبية، زار وزير خارجية الإمارات، “عبدالله بن زايد”، أمس الأول الإثنين.

أجرى “بن زايد”، خلال زيارته؛ محادثات مع نظيره الجزائري، “صبري بوقادوم”، كما حظى باستقبال الرئيس، “عبدالمجيد تبون”، ورئيس الحكومة، “عبدالعزيز جراد”.

وكان “إردوغان” قد وصل إلى “الجزائر”، الأحد الماضي، حيث شدد على أن هذا البلد المجاور لـ”ليبيا”؛ “عنصر مهم للسلام في ظل الظروف الصعبة التي تُمر بها المنطقة”، وأعرب عن ثقته في أن تكون لـ”الجزائر”؛ “إسهامات بناءة لجهود تحقيق الاستقرار في ليبيا”.

وتقول السلطات الجزائرية؛ إنها تسعى إلى جانب الأطراف الدولية الفاعلة لإيجاد حل سياسي يضع حدًا للأزمة الليبية عبر الحوار الشامل بين الأطراف الليبية، وبعيدًا عن أي تدخل أجنبي.

إتباع قرارات “مؤتمر برلين”..

وعقب المحادثات بين الرئيسين، التركي “إردوغان”، والجزائري “عبدالمجيد تبون”، قال الأخير: “لدينا اتفاق تام مع الرئيس، إردوغان، على أن نتبع ما تقرر في برلين؛ وأن نسعى للسلم مع متابعة يومية ودقيقة لكل المستجدات في الميدان”.

وكان وزير الخارجية الجزائري، “صبري بوقادوم”، قد قام بجولة خليجية، في 14 كانون ثان/يناير الجاري، شملت “الإمارات” و”السعودية”؛ لبحث الملف الليبي.

تطوير العلاقة..

حول الزيارة؛ أكد “بن زايد آل نهيان”؛ أن: “دولة الإمارات تتطلع إلى تطوير العلاقات المشتركة مع الجزائر”.

وقال، خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مع وزير الشؤون الخارجية في “الجمهورية الجزائرية”، “صبري بوقادوم”: “إننا ممتنون للعلاقات التي تربط بين بلدينا؛ ونتمنى أن تشهد المزيد من التطور”.

وأضاف وزير الخارجية الإماراتي: “أنقل اليوم دعوة القيادة الإماراتية إلى فخامة الرئيس، عبدالمجيد تبون، لزيارة دولة الإمارات ونتطلع أن تكون هذه الزيارة قريبة وتسهم في تطوير العلاقة بين البلدين في جميع النواحي، خاصة في القطاعات التي تُهم شعبينا”.

وأعرب “عبدالله بن زايد” عن سعادته بلقاء وزير الشؤون الخارجية الجزائري، للمرة الثالثة خلال أسبوعين، حيث كانت المرة الأولى خلال زيارته إلى “أبوظبي”؛ ثم في “برلين”؛ ثم أمس في “الجزائر” العاصمة.

وقال وزير الخارجية الإماراتي: “إننا في دولة الإمارات ممتنون لتواجد نحو 30 ألف جزائري يقيمون في الدولة ويعتبرونها وطنهم الثاني؛ ونتطلع إلى زيادة هذه الأرقام ليس فقط على صعيد العدد وإنما من ناحية الاستقرار والاستفادة من العلاقات بين بلدينا وتعزيزها في القطاعات المختلفة”، مضيفًا: “أنه من القطاعات التي تطرق لها معالي وزير الشؤون الخارجية الجزائري الطاقة المتجددة الذي يُعد من القطاعات الكبيرة والمهمة للبلدين وكذلك قطاع الأمن الغذائي”.

بداية الاتحاد..

وأضاف “عبدالله بن زايد”: “إننا من جيل يستذكر الجزائر، التي قدمت وعاونت دولة الإمارات في بداية الاتحاد، وساهمت في تطوير قطاع البترول”، مشيرًا إلى أنه إنطلاقًا من هذه العلاقة، التي بدأت في أوائل السبعينيات، “نعتقد أن هناك بداية جديدة للعلاقات بهذه القيادة الجديدة بالجزائر”.

وأشار إلى أنه على صعيد العلاقات الثنائية، في المجال السياسي؛ “فإننا نعتقد أن هناك ظروفًا صعبة تحيط بنا، ولكن دائمًا التحديات تُشكل فرصًا ونستطيع أن نعكس هذه الفرص لمستقبل أفضل لبلدينا وشعوب المنطقة”.

وأعرب “بن زايد”، في ختام حديثه؛ عن إمتنانه لوزير الشؤون الخارجية الجزائري؛ وللمحبة التي “نتشرف بها عند زيارة هذا البلد الجميل والمعطاء”.

ملفات التعاون..

من جانبه؛ قال “صبري بوقادوم”: “إننا تناولنا، خلال محادثاتنا، ملفات التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والاستثمارية؛ وتم التركيز على بعض القطاعات ذات الاهتمام المشترك؛ مثل البيئة والطاقة والزراعة والسياحة والصناعة الميكانيكية، كما اتفقنا على الاستفادة المتبادلة من تجاربنا في مجال الإدارة والحوكمة”.

وأشار إلى أنه تم التطرق إلى بعض القضايا السياسية؛ ومن أهمها الأزمة الليبية، مشيرًا إلى أن التواصل ممتد من زمن طويل بين البلدين “كعرب وأشقاء وسيستمر هذا التواصل بيننا”.

وكان الشيخ “عبدالله بن زايد آل نهيان”، قد التقى، “صبري بوقادوم”، وزير الشؤون الخارجية في الجمهورية الجزائرية، وذلك في إطار زيارته الرسمية إلى “الجزائر”.

وشهد اللقاء بحث سُبل تعزيز العلاقات الثنائية والأخوية بين البلدين وتنمية التعاون المشترك في المجالات كافة؛ منها الطاقة المتجددة والسياحية، بالإضافة إلى بحث عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ومنها الأزمة الليبية.

زيارة مفاجئة حركتها زيارة “إردوغان”..

تعليقًا على الزيارة؛ يصف المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية، “مراد سراي”، زيارة “عبدالله بن زايد”، بـ”المفاجئة”.

وعلى الرغم من أن الزيارة “أخذت الطابع الرسمي والمُعلن، فإن توقيت البيان الصادر من وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية؛ يؤكد أن جدولة الزيارة كانت بشكل سريع ومفاجيء”، حسبما يقول “سراي”، لموقع (عربي بوست).

ويرى الإعلامي الجزائري، “عبدالنور جحنين”، أن زيارة “عبدالله بن زايد” حرَّكتها زيارة “إردوغان” لـ”الجزائر”، معتبرًا أن الزيارة التي نُظمت بشكل سريع ومفاجيء، جاءت لتردَّ على “تركيا” بتأكيد على أن الدور الإماراتي في المنطقة لا يزال حيًا، ولا يمكن أن يقوم “إردوغان” بأي محاولة للعب بالملفات الحساسة بالنسبة لـ”الإمارات” في المنطقة، خاصةً الملف الليبي، بعيدًا عن أعين “أبوظبي”.

وقال “عبدالنور جحنين”: إن “الإمارات تُدرك جيدًا تبعات الزيارات، التي يقوم بها إردوغان، وحجم التأثير الذي قد يخلفه بالدول التي يحط بها، وأدناها دعم المواقف ورص الحلفاء لتركيا”.

ويتوقع: “أن تكون هناك زيارة رسمية رفيعة المستوى، تُمثل الإمارات العربية المتحدة أو السعودية، في الأيام القليلة القادمة، للجزائر، ردًا على زيارة إردوغان ومحاولة التأثير على بوصلة الجزائر تجاه الملف الليبي”.

إحدى الوسائل للتأثير على التقارب “الجزائري-التركي”..

من جهته؛ يرى “عبدالقادر سحنوني”، أستاذ العلوم السياسية في “الجزائر”، أن زيارة الوزير الإماراتي إحدى الوسائل التي تعتمدها “الإمارات” للتأثير على التقارب “الجزائري-التركي”.

ولا يختلف إثنان على وجود تقارب كبير في الرؤى بين “الجزائر” و”تركيا”، خاصة في ملف “ليبيا”، بدعمهما لـ”حكومة الوفاق الوطني”، التي يترأسها، “فائز السراج”، ومساعيهما لدحر الحلم الحفتري للسيطرة على العاصمة، “طرابلس”، حسب تصريحات “سحنوني”.

ويضيف: “فالجزائر قالتها علنًا؛ بأنها تعتبر العاصمة الليبية، طرابلس، خطًا أحمرًا، وتركيا مستعدة لدعم حكومة الوفاق بالجند والعتاد؛ لصد هجمات المشير خليفة حفتر؛ ومن ثم فإن لهما الإتجاه نفسه في الملف الليبي”.

التقارب يزداد مع الزيارات الرسمية للبلدين..

ويرى “سحنوني” أن هذا التقارب سيزداد مع الزيارات الرسمية لمسؤولي البلدين، موضحًا أن الرئيس الجزائري، “عبدالمجيد تبون”، لن يتأخر في إجراء زيارة رسمية لـ”تركيا” قريبًا؛ لتمتين هذا التقارب .

ويتابع: “الإمارات ومعها الجهات الداعمة لخليفة حفتر، ستبذل قصارى جهدها للضغط والتأثير على هذا التقارب، ولا يمكن إدراج زيارة، بن زايد، اليوم إلا في خانة محاولة خلخلة العلاقة (التركية-الجزائرية) وتقارب الرؤى حول الملف الليبي”.

كم يدفع لصد التقارب ؟

فيما قال الناشط السياسي، “مولود قارة”، على حسابه بـ (فيس بوك): “أتساءل عن قيمة الدولارات التي سيحضرها معه اليوم، عبدالله بن زايد، لصد التقارب (التركي-الجزائري).. وأي نوع من التهديد إن لم ينجح الترغيب، خاصة أن مرتزقته غير بعيدين عن حدودنا”.

أقلق المخابرات الإماراتية..

وبحسب المحلل السياسي، “مراد سراي”، بلغ التقارب “التركي-الجزائري”، في الملف الليبي، مستويات عالية، وصلت لحد قلب الموازين السياسية؛ وحتى العسكرية على الأرض الليبية.

وقال “سراي”، إن المخابرات الإماراتية قد تكون على دراية بما توصلت إليه المحادثات “التركية-الجزائرية”، خلال زيارة الرئيس، “إردوغان”.

ويشير “سراي” إلى أنه لو توقَّف التنسيق “التركي-الجزائري”، عند التعاون الاقتصادي والمبادلات التجارية في المنتدى الاقتصادي بين البلدين، لما كانت هذه الزيارة السريعة والمفاجئة للوزير الإماراتي .

ويعتقد أن الطرف التركي ربما توصل إلى تليين الموقف الجزائري بخصوص منع التدخل العسكري في “ليبيا”، لمصلحة النظرة التركية، وهو ما لا يُرضي أو يخدم “أبوظبي”.

يحاول تمرير رؤيته للحل في ليبيا..

وقال الدبلوماسي التونسي السابق، “عبدالله العبيدي”؛ لـ (إرم نيوز)، إن: “الملف الليبي بات اليوم قلب الرحى للدبلوماسية العربية والإقليمية، وإن القوى الإقليمية الكبرى باتت تبحث عن تشكيل ما يُشبه الأحلاف أو الكتل التي تتبنى وجهة نظر موحدة إزاء الوضع في ليبيا”، موضحًا أن: “الإمارات أدركت هذا الدور وتحركت في هذا الإتجاه، خصوصًا لإبطال مفعول جولة الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التي قادته إلى تونس ثم الجزائر؛ لمحاولة تمرير رؤيته للحل في ليبيا”، وفق قوله.

وأضاف “العبيدي” أن: “الجزائر كثفت، من جانبها، تحركاتها الدبلوماسية الرامية إلى استعادة دورها وثقلها في المنطقة عبر البوابة الليبية، وأنها ستتخذ من الموقف الإماراتي الداعم لهذه الخطوة جرعة لتعزيز دورها في حل الأزمة الليبية”، مشيرًا في السياق إلى أن: “الجزائر بادرت، بعد أيام قليلة من عقد مؤتمر برلين حول الأزمة الليبية، إلى عقد اجتماع لدول الجوار الليبي؛ لتثبيت مخرجات اجتماع برلين ولتأكيد دورها الريادي في المنطقة”، بحسب قوله.

يضعف الحضور التركي في المنطقة ويطوق تحركات “إردوغان”..

ومن جانبه؛ قال المحلل السياسي المتخصص في الشأن الليبي، “مختار اليزيدي، إن: “التحرك الإماراتي تزامنًا مع استعادة الجزائر فاعليتها الدبلوماسية سيضعف الحضور التركي في المنطقة، وسينجح في تطويق تحركات الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الذي واجه في الجزائر، كما في تونس، فشلًا في تسويق رؤيته للحل في ليبيا”، وفق تأكيده.

وأضاف “اليزيدي” أن: “الأزمة الليبية تُمثل اليوم المحرك الأول للدبلوماسية العربية والإقليمية، وأن من مصلحة الإمارات أن تتحرك في المجال الذي تعمل تركيا على كسبه، وخصوصًا شمال إفريقيا؛ من أجل قطع الطريق على أنقرة ومنعها من التمدد في هذا المجال الحيوي”.

رسالة إماراتية..

من جهته؛ اعتبر الخبير في الشأن الليبي، “مصطفى بوعزيز”، أن: “المخطط التركي في ليبيا يواجه إنتكاسة كبيرة بعد الرفض التونسي والجزائري للتدخل العسكري التركي المباشر في ليبيا، وبعد تدخل قوى إقليمية للحيلولة دون التمدد التركي هناك”، مضيفًا أن: “توقيت دخول الإمارات على الخط؛ وجه رسالة إلى إردوغان بأن الملف الليبي ليس شأنًا تركيًا”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة