7 أبريل، 2024 3:28 م
Search
Close this search box.

“الشيوعي الكُردي” نموذجًا .. الصراع الإثني والمذهبي يتفوق على الصراع الطبقي في العراق !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – هانم التمساح :

بعد الغزو الأميركي لـ”العراق”، عام 2003، أصبح المواطن العراقي يجد نجاته في التخندق بالعشيرة والمذهب والأحزاب الدينية والعرقية، حتى إن الشيوعيين الأكراد انفصلوا عن “الحزب الشيوعي العراقي”، وأسسوا “الحزب الشيوعي الكُردستاني”، ما يؤشر إلى أن الإنتماء الإثني أصبح أقوى من الطبقي والسياسي، نفس الأمر ينسحب على من تخندقوا بالأحزاب الدينية.

تغييب الدولة الوطنية في ظل الاحتلال الأميركي والهيمنة الإيرانية..

وقد رسخت قرارات ممثل الاحتلال الأميركي لفكرة تغييب الدولة الوطنية الحديثة في “العراق”؛ لمصلحة نمط الدويلات الطائفية والإثنية والعشائرية، حيث جرى إعادة إنتاج للبنى التقليدية وتحويلها إلى شبكات طائفية وعرقية وعشائرية.

وبدلًا من أن تقوم بتنظيم علاقة الدولة بالمواطن على أساس مبدأ المواطنة، يجري تنظيمها على أساس ديني أو عرقي أو عشائري، ما يعني تكريسًا لحالة الدويلات على حساب الدولة الوطنية .

وتحولت النزاعات العنيفة، التي يشهدها “العراق”، نماذجًا حيًا للدور الذي يمكن أن تؤديه الطائفية في قطع الطريق على إكتمال تأسيس الدولة الوطنية وفي إفشال التحولات الديمقراطية. حيث ينزع الشعب العراقي، بدرجةٍ ما، للفكر الطائفي معتبرًا إياه سمة مرتبطة ببنية المجتمع، وتُصبح علاقته بالطائفة على حساب علاقته بالوطن، ويؤدي هذا إلى تقوية إرتباط الشخص بنظرائه من ذات الطائفة خارج الوطن بدرجة أكبر من مواطنيه، ما يُسهم في التدخلات الخارجية تحت ستار الطائفية، وهو ما يُعد معضلة خطيرة على مستقبل الوطن والمجتمع أدركها جيل الشباب جيدًا وخرج ليندد بالطائفية ويرفع شعارات: “نريد وطن”، “وطن واحد”، “العراق وبس”.

الحزب الشيوعي نموذجًا..

لقد كان للأكراد، في “الحزب الشيوعي العراقي”، وجودًا ظاهرًا وبارزًا، لا سيما في قيادته وتركيبته التنظيمية، حيث كانت لهم الأكثرية في “اللجنة المركزية” ومكتبها السياسي وسكرتاريتها، منذ استشهـاد، “سلام عـادل”، سكرتير الحزب، عام 1963، وحتى إنعقاد المؤتمر السابع للحزب، عـام 2008، حيث جرت “مساومة غير شريفة” بين، “عـزيز محمد”؛ سكرتير الحزب السابق، و”حميد مجيد موسى”؛ السكرتير التالي للحزب، لتبادل الأدوار بعد أن انشقَّ الحزب الشيوعي إلى حزبين، (واحد عراقي والآخر كُردي)، ثم جاءت تداعيات الاحتلال الأميركي لتفضح هذا الوهم القومي، والكامن تحت غطاء “الأممية الشيوعية”، في داخل الحزب، وتتكشّف (ورقـة التوت الكُردية)، ولتفصح بجلاء عن تماهيها مع الاحتلال الأميركي.

وأظهرت المواقف التالية للشيوعيين الأكراد أن الطائفية والنزعات القومية غلبت تفكيرهم الباطن؛ برغم  إدعاءات الأممية، والخطأ الأساس يكمن في المنطلق، حيث يجري تغليب الأحداث والمصالح العابرة اليومية وذات الطبيعة النفعية، وإن جذور هذه الأخطاء تعود إلى نوعية التكوين الفكري والسياسي والثقافي للمتنفذين في الحزب باعتبارهم جزء من ثقافة شعب تم تزييف وعيه وبث الفتنة بين مكوناته.

إعتراف “الشيوعي الكُردي” بأن الإثنية غلبت الأممية فى مواقفهم !

وفي أكثر من موقف بدت الإثنية والنزعة القومية والرغبة في إنشاء وطن كُردي مسيطرة على قيادات “الحزب الشيوعي الكُردي”، الذي انفصل عن حزبه الأم، (الشيوعي العراقي)، بل وأقر قادة الحزب بذلك، هذا الإقرار السياسي والفكري يُحمّـل الحزب مسؤولية تاريخية كبيرة في هذا الإنجرار وراء القيادات الكُردية، ويبدو أن “العامل القومي” المبطّن في عقلية أو خلفية قيادات “الحزب الشيوعي العراقي”، ذات الأصول الكُردية، كان أكبر وأقوى من دافع ثقافته الأممية، ولكن الأمثال العراقية تقول: “العِـرق دسّـاس”.

ففي تصريحات كثيرة على مواقع (الݘـات – في البالتوك)؛ أن السيد، “شوكت خزندار”، وقيادات وكوادر كُردية كانت في “الحزب الشيوعي العراقي” تُصرّح علنًا: “بأن الهاجس القومي كان هدفنا غير المعلن في سلوكنا السياسي، ونعمل على اخفائه في كل سياسات الحزب وقراراته المصيرية” !

مبررات الانفصال..

ويبرر قادة “الحزب الشيوعي الكُردستاني” قرار انفصال الحزب عن نظيره العراقي، بل وانفصال الإقليم ذاته عن “العراق”، قائلين: “لقد دعم حزبنا الشيوعي الكُردستاني قرار الاستفتاء في إقليم كُردستان باعتباره عودة إلى إرادة الشعب الكُردستاني بشكل ديمقراطي مدني سلمي؛ وتعبيرًا عن حقه في تقرير المصير، بعد أن فشلت كافة الجهود المبذولة من الجانب الكُردستاني لإقامة عراق ديمقراطي مدني دستوري، في وقت نواجه دولة دينية مذهبية مبنية على أساس طائفي في الحكومة المركزية؛ لا هم لها سوى التركيز على إثارة النعرات الشوفينية والطائفية”.

ويدافعون عن قرار الاستقلال والاستفتاء عليه، قائلين: “جرى الاستفتاء بشكل ديمقراطي في كُردستان-العراق، بعد أن واجه شعبنا ضغطًا كبيرًا من قِبل الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والدول الإقليمية لمنع إجراء الاستفتاء بذرائع مختلفة اختفت فيها مصلحة الشعب الكُردستاني وحقه في تقرير المصير، حسب المواثيق الدولية ووفق المبدأ الأممي المتعلق بحق تقرير المصير للشعوب. وحاول المجتمع الدولي ومساعي الإمبريالية العالمية ومصالحها الحيوية في المنطقة فرض إرادتهم بالضد من إرادة الشعب الكُردستاني التواق لتقرير مصيره في إطار دولة كُردستانية مستقلة ديمقراطية مدنية فيدرالية مبنية على أساس المواطنة الكُردستانية، دولة تضم كافة مواطني كُردستان من الكُرد والتُركمان والعرب والآشوريين الكلدان السُريان والأرمن، وبالشكل الذي يحفظ لكافة المكونات الدينية من المسلمين والمسيحيين والأيزيدين والكاكائية والصابئة المندائيين واليهود والزرادشتيين حقوقهم الدينية وحرية الإعتقاد والدين والضمير وممارسة الشعائر الدينية”.

ويضيفوا، في بيان لهم: “لقد شارك في الاستفتاء ثلاثة ملايين وثلثمائة وخمسة آلاف وتسعمائة وخمس وعشرين شخصًا، بنسبة 72% من عدد الذين ليهم حق التصويت. وصوت في الاستفتاء 92,73% من عدد المصوتين، لصالح الاستقلال، في حين صوت 7,27% بـ (لا) للاستقلال… لقد ساهم حزبنا في بلورة قرار الاستفتاء المبني على إيماننا بحق شعبنا في حق تقرير المصير”.

مواجهة الأمر الواقع والهروب من العقوبات !

ويرى “الحزب الشيوعي الكُردستاني” أن النضال الوطني لا يتناقض مع نضال قادته الدؤوب والمستمر بأشكال شتى، قبل الاستفتاء وبعده، من أجل بناء المؤسسات الديمقراطية ومواجهة سياسات الليبرالية الجديدة والدفاع عن مصالح الكادحين؛ تعبيرًا عن شعارهم الرئيس: “وطن حر وشعب سعيد”، الذي يمهد – حسب تصورهم – لخيارهم الاشتراكي، مطالبين الأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية والأحزاب التقدمية وقوى اليسار أن يتضامنوا مع “كُردستان العراق” – الذي يصفونه بأنه – عبر عن رأيه بكل حرية لمواجهة سياسات الأمر الواقع المفروضة عليه من قِبل الحكومة المركزية والدول الإقليمية، الذين يلوحون بالحصار الاقتصادي على شعب الأكراد ومعاقبة الملايين من أبناء شعبهم، في وقت عبر الشعب الكُردستاني وقواه السياسية عن الاستعداد للحوار والتفاهم مع “بغداد” وفق إرادة الناخبيين الكُردستانيين.

وبالرغم من كل هذه التبريرات، التي يقدمها قادة “الشيوعي الكُردي”؛ إلا أنها لا تنفي عنهم النزعة الإثنية ونفعية القرار، فكان بامكانهم إستمرار النضال مع نظرائهم في “العراق” من أجل تحقيق كل هذه القيم التي يدعون أنهم يسعون لتحقيقها داخل “كُردستان” في “العراق” نفسه، وبدلًا من قفزهم من السفينة الغارقة؛ كان بإمكانهم السعي لدعم الطبقة الكادحة في الكل العراقي.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب