24 ديسمبر، 2024 7:57 م

نفوذ وثروات .. لماذا إنخرطت كل هذه الأطراف في الأزمة الليبية ؟

نفوذ وثروات .. لماذا إنخرطت كل هذه الأطراف في الأزمة الليبية ؟

خاص : ترجمة – آية حسين علي :

وصفت صحيفة (البايس) الإسبانية ما تشهده “ليبيا”؛ بأنه “حرب بالوكالة”، إذ تتحارب قوى أجنبية بينما تحسب القتلى من صفوف الليبيين والمرتزقة الممولين، ويحارب في صف قائد ما يُعرف بالجيش الليبي الحر، الجنرال “خليفة حفتر”، مرتزقة روس وسودانيين، بينما أرسلت “تركيا” مرتزقة سوريين لدعم رئيس الحكومة المعترف بها، “فايز السراج”.

وشهد الأحد الماضي؛ إنعقاد “قمة برلين”، التي دعت لها المستشارة الألمانية، “أنغيلا ميركل”، بالتعاون مع المبعوث الأممي إلى ليبيا، “غسان سلامة”، بهدف إعادة ترتيب الداخل الليبي، أو إعادة إلتحام الأجزاء المهمة بشكل يسمح بأن يُعم السلام في البلد العربي، وتجمع في العاصمة الألمانية الفرقاء الذين لم يتفاوضوا بشكل مباشر معًا من قبل، وجلس على نفس الطاولة، “السراج” و”حفتر”، الذي فرض سيطرته على شرقي وجنوبي البلاد بفضل التحالف مع قادة بعض القبائل والدعم الخارجي الهائل، إلى جانب بعض القوى الخارجية التي ساعدت على الإشتعال مرتدية زي رجال الإطفاء، لكن لا أحد يعلم ما إذا كان هدفهم من الحضور هو التوقيع على اتفاقية أو معاهدة أو الاتفاق على وقف مؤقت لإطلاق النار أم يسعون إلى إنهاء الصراع بشكل حقيقي.

جسد ممزق بسبب الأطماع.

تُعد “ليبيا” مطمعًا للذئاب؛ إذ أنها تاسع دولة من حيث الاحتياطي النفطي، وفي عام 2011، أي قبل ما عُرف بـ”الربيع العربي”، كانت تُنتج 1.6 مليون برميل من “النفط” يوميًا، والآن تُنتج 1.2 مليونًا، كما أنها بسبب الاختلال الأمني أصبحت المسار الأكبر للمهاجرين غير الشرعيين عبر “البحر المتوسط” إلى أعتاب “أوروبا”.

وبين أطراف تسعى إلى الإستحواذ على “النفط”؛ وأخرى، مثل “إيطاليا”، تستهدف منع سيولة المهاجرين عبر السواحل الليبية، وأطراف ثالثة، مثل: “روسيا والإمارات”، ترغب في تعزيز نفوذها خارج حدودها وتحقيق مصالح اقتصادية وعسكرية، يبقى الجسد الليبي ممزقًا.

معسكر الجنرال “حفتر”..

نظرًا لتعدد الأطراف ذات النفوذ في “ليبيا”؛ قد يحتاج المتابع إلى رسم خريطة نفوذ يحدد فيها الجهات المتحاربة وهدف كل طرف من وراء الإنخراط في الصراع في بلد يسكنه 6.3 ملايين نسمة فقط، ويقع قريبًا من الأبواب إلى “أوروبا”.

وتُعد “المملكة العربية السعودية” ودولة “الإمارات” و”مصر” هم الحلفاء الرئيسيين لـ”حفتر”، ويدعمونه منذ فترة طويلة، إلى جانب “الأردن”، كما كان دخول مرتزقة روس إلى اللعبة، خلال الأشهر الأخيرة الماضية، من الأمور المهمة للغاية التي غيرت الخريطة السياسية وخريطة النفوذ في البلاد.

ورغم أن الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، ينكر إرسال مرتزقة إلى “ليبيا”، إلا أن إنخراطه في الصراع في “ليبيا” لم يبُرز قبل الفترة الأخيرة، حتى دعا “السراج” و”حفتر” إلى “موسكو” للاتفاق على وقف إطلاق النار، لكن الأول وافق على التوقيع والثاني غادر البلاد معلنًا رفضه التوقيع، ولولا الدعم الاقتصادي والعسكري الذي يُحصل عليه “حفتر” من دولة “الإمارات”؛ لما كان من الممكن أن يرفض أمرًا لـ”بوتين”، إذ تُرسل “أبوظبي” طائرات (درون) وأجهزة قتالية متقدمة للجنرال الليبي؛ أعطته القدرة على تحديد ملامح الحرب لصالحه.

فرنسا تخشى على مصالحها..

أمام الاحتجاجات الغاضبة التي خرجت ضد حكومة “طرابلس”، قدمت “فرنسا” دعمًا عسكريًا إلى “حفتر”، ورغم موقفها المتناقض في “ليبيا”؛ إذ تدعم “السراج” في العلن، و”حفتر” في السر، إلا أن الرئيس، “إيمانويل ماكرون”، بذل جهودًا من أجل التوصل إلى اتفاق سلام بين الجانبين.

وتُعتبر مجموعة (توتال) الفرنسية النفطية هي ثاني أكبر مجموعة متواجدة في البلد الإفريقي، بعد شركة (إيني) الإيطالية، كما أن “فرنسا” نشرت 3 آلاف جندي في “مالي”، في إطار عملية “برخان”، منذ عام 2014، لمحاربة العناصر الجهادية، وتأمل في أن يصبح جنوب “ليبيا” على الحدود مع “تشاد” و”النيجر”، حصنًا لها لقتال الإرهابيين.

اليونان قلقة على الثروات الهيدروكربونية..

من بين دول “الاتحاد الأوروبي” أيضًا، تبدو “اليونان” أكثر ميلًا إلى معسكر “حفتر”، ويرجع السبب إلى اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي وقعتها “تركيا” مع حكومة “السراج”، دون الرجوع إلى “الأمم المتحدة” أو إلى “الاتحاد الأوروبي”، وبموجبها حصلت “أنقرة” على الحق في تنفيذ أعمال تنقيب في المياه الإقليمية، لكن رغم رفض “الاتحاد الأوروبي” للاتفاقية فإنه قد تؤثر على ترسيم الحدود مع “اليونان”.

إعتراف لفظي بحكومة “السراج” !

تُعتبر حكومة “السراج” هي الحكومة الوحيدة المُعترف بها دوليًا، لكنه إعتراف لفظي فقط، إذ لا تحظى بدعم دولي يضاهي ما يُحصل عليه “حفتر”، وتُعد “قطر” و”تركيا”، إلى جانب “إيطاليا”، هم الحلفاء الأساسيين لحكومة “السراج”، ومنذ البداية تُقدم “الدوحة” “أنقرة” له الدعم ويمدونه بالأسلحة.

وحتى الآن يُعد موقف “الاتحاد الأوروبي” ضعيفًا؛ رغم كونه لاعبًا دوليًا رئيسًا، بسبب عدم وجود موقف موحد تجاه الأزمة في “ليبيا”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة