خاص : كتبت – هانم التمساح :
ألقت قوات الأمن العراقية، الخميس، القبض على مفتي (داعش) في “الموصل”. وأفادت خلية الإعلام الأمني العراقية، على (فيس بوك)؛ أن الأمن ألقى القبض على مسؤول ما يعرف بـ”الشرعية”، ومفتي (داعش) في “الموصل” المكنى بـ:أبوعبدالباري”.. لكن الرجل الذي لم يكن معروف عنه الكثير نظرًا لإحاطته بالغموض؛ لم تنشر عنه المواقع سوى كونه مفتي لـ (داعش) يشرف على عمليات الإعدام، فمن هو “شفاء النعمة” ؟.. أين تعلم وما الذي دفعه إلى هذا الفكر المتطرف المنحرف ؟.. وما مدى تأثير القبض عليه في دحر التنظيم الإجرامي ؟.. ومن تلاميذه ؟.. كل ذلك نطرحه في هذا التقرير.
تفاصيل القبض عليه..
أعلنت الخلية أن: “فوج (سوات)، التابع لقيادة شرطة نينوى، وبناءً على معلومات دقيقة وبعد البحث والتحري والمتابعة المستمرة؛ تمكن من إلقاء القبض على مفتي (داعش)، شفاء النعمة، المكنى أبوعبدالباري”.
كما أضافت أن: “الإرهابي كان يعمل إمامًا وخطيبًا في عدد من جوامع المدينة”، وقد عُرف بخطبه المحرضة ضد القوات الأمنية.
إلى ذلك، كان يروج للفكر التكفيري المتطرف خلال فترة سيطرة (داعش) على مدينة “الموصل”.
وتابعت أن: “عبدالباري يُعتبر من القياديين، في الصف الأول لـ (داعش)؛ وهو المسؤول عن إصدار الفتاوى الخاصة بإعدام عدد من العلماء ورجال الدين الذين أمتنعوا عن مبايعة (داعش)”.
كما أوضحت أنه كان مسؤولاً عن إصدار فتوى لتفجير “جامع النبي يونس”، وقد تم القبض عليه في منطقة “حي المنصور”، في الجانب الأيمن لمدينة “الموصل”.
وفي حين أكتفت خلية الإعلام الأمني بنشر صورة واحدة للمفتي الداعشي؛ أخفت فيه ملامحه، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي عددًا من صوره.
ويظهر المفتي في أحد الصور، أثناء اعتقاله على أيدي قوات (سوات)، التابعة للشرطة العراقية، وتبين صورة أخرى حجم سمنة المفتي المقبوض عليه.
من هو مفتي “داعش” ؟
يُعد “شفاء بن علي بشير النعمة”؛ ثاني أهم رجل من ناحية التوجيه والإفتاء، بعد “أبوبكر البغدادي”، وهو إمام وخطيب “جامع الشهيد مازن”؛ ومدير مركز “المتقين”، وهو مفتي التنظيم منذ اللبنة الأولى وبداية التكوين، والمساند للمذابح التي يرتكبها جند (داعش).
وبالرغم من الفتاوى التي كان يوجهها “شفاء النعمة”، لمقاتلى (داعش)، حول الجهاد والزهد؛ إلا أنه كان يرتدي ملابس جرارة وكان يعيش حياة رغدة سهلة.. كان له مرافقين وحراس؛ وكان دائمًا يرافقه ابنه، “عبدالله”، وهو أيضًا من أهل الفتوى بتنظيم (داعش)، وكان يعين والده على الحركة نظرًا لبدانته المفرطة، وكان يقضي معظم وقته في “مسجد الشهيد مازن”، بحسب ما رواه أحد عناصر التنظيم، مخاطبًا الشباب، وكان مفتي (داعش) يتخذ من “جامع المتقين” مقرًا لدار إفتاء “تنظبم الدولة الإسلامية”.
ويتابع المصدر الداعشي؛ موجهًا حديثه للشباب في أحد المنتديات: “من يقولون أني أفشي معلومات أقول لهم: أنا أقول ما أخرجت هذه المعلومات إلا لأنها خرجت ولو لم تكن خرجت للعلن، يا شباب ما كنت ذكرتها نحن لا نعطيهم شيئًا غير معروف بارك الله فيكم”.
ويتابع: “القوات كانت تعرف مكان الشيخ، وإذا أرادت القصف أو الاختطاف؛ إذا جاءت الطائرات لتقصف الشيخ ما هو متواجد 24 ساعة هناك”.
عراقي تتلمذ على يد الوهابيين بـ”المدينة المنورة”..
وإذا تطرقنا لما درسه مفتي (داعش) وشكل وجدانه؛ فإننا نجد أن “شفاء النعمة” من خريجي الجامعة “الإسلامية”، في “المدينة المنورة”، تتلمذ على أيدي المشايخ الوهابية وغرسوا فيه العقيدة الوهابية، هكذا أصبح يفتي بما تعلمه من مشايخ الوهابية في “الجامعة الإسلامية”.
و”أبوعبدالباري”؛ من مشاهير علماء “الموصل” ومن أسرة “النعمة” ذائعة الصيت.. ولعائلة “النعمة” نتاج من مشايخ التنظيم، ومن أبرز أبنائها الذين يعتبرهم تنظبم (داعش) علماء: “عبدالله النعمة”، و”نعمة الله النعمة”، و”إبراهيم النعمة”، و”شفاء النعمة”، وكلهم ولدوا في محافظة “نينوى”، في شمال “العراق”.
وقد ذكر في بعض المصادر أنه قد أوكل إليه مسؤولية “ديوان الحسبة”، في “الدولة الإسلامية” المزعومة، وقد كان عضوًا في “هيئة علماء المسلمين” واعتقله الأميركان، عام 2006، وصدر بيان من الهيئة في “العراق” إستنكارًا لاعتقاله، و”عملية مدامهة منزل الشيخ، شفاء علي بشري النعمة، واعتقاله من قِبل قوات الاحتلال الأميركية وقوات الحرس الوطني العراقي”، وحملت، وقتها، قوات الاحتلال والحكومة العراقية مسؤولية المحافظة على سلامة “الشيخ”؛ وطالبت بإطلاق سراحه فورًا.
تلاميذه..
و”شفاء النعمة”؛ يحمل درجة الدكتوراه، ولكن لم نقف على تفاصيل حصوله على الرسالة لشرح معلومات أكثر عنه، وله تلاميذ كُثر؛ ذكر منهم: “أوس عادل”، وهو مُعلم يسكن في “حي الزهور”. وكان من المجموعة المبينة إخلاصه لـ”البغدادي”؛ وملازمًا طوال الوقت للمفتي، “شفاء النعمة”. ويقول “مصطفى يونس”، الباحث في مركز “موصلي” للدراسات والبحوث: “إن شفاء النعمة؛ أحد منظري التنظيم، وأحد مسؤولي المحاكم الشرعية لـ (الدولة الإسلامية)”.
ورغم أن التنظيم أعتمد، بداية الأمر، على سكان القرى، أكثر من أهل المدينة، إلا أن قطاعات واسعة من سكان المدينة أنضمت للتنظيم، وهو ليس بالأمر السهل، خصوصًا أن نسبة كبيرة منهم كانت تنتشر بينهم “الطرق الصوفية” والتوجه لـ”الإخوان المسلمين”، المعادية بشدة للجهادية و”تنظيم الدولة”، فباتت معظم قيادات المؤسسة الأمنية بيد عناصر من المدينة، وكثير من القيادات العسكرية كذلك، إضافة إلى أن بعض علماء “الموصل”، كالدكتور “شفاء النعمة”، إنضموا للتنظيم؛ وباتوا من كبار الشرعيين، ومفتي تنظيم الخلافة، فيما يسمى بـ”ولاية نينوى”.
عائلته..
ورغم أن “النعمة”، وهي عائلة موصلية عريقة؛ ولها سمعه طيبة جدًا، لكن هذا لم يمنع من إنخراط عدد من أبنائها في تنظيم (داعش)؛ وباتوا يشغلون مناصب بالتنظيم، منذ الأيام الأولى لسيطرة التنظيم، وكانت ولفرط استقامتها؛ تُضرب بها الأمثال في “الموصل”، وبسبب ما هي عليه من خصال حميدة؛ تُعد من أبرز وأشرف العوائل الشهرية في “الموصل”، هذا إضافة إلى ثرائها وإلتزامها الديني المعتدل.
القبض على شقيقه..
وقالت خلية الإعلام الأمني العراقي، عبر (تويتر): “بهدف تعزيز الأمن والاستقرار في محافظة نينوى وملاحقة العناصر الإرهابية، فقد تمكنت مديرية شرطة الحدباء التابعة لقيادة شرطة نينوى؛ وبناءً على معلومات دقيقة، من إلقاء القبض على الداعشي، (ن. ع. ب)، والذي كان يعمل مسؤول فيما يسمى بالأمنية، وهو شقيق ما يسمى مفتي (داعش) الإرهابي، شفاء النعمة، الذي تم القبض عليه مؤخرًا، وقد ضُبط بحوزته جهاز موبايل مع 3 سيم كارت؛ يعود لما يسمى مفتي (داعش)، حسب إعترافه”.
وتابعت: “علمًا أن أولاده الإثنان؛ أحدهما كان يعمل بما يسمى مسؤول كتيبة القناصين الأجانب، والآخر كان يعمل فيما يسمى بالأمنية، خلال فترة سيطرة (داعش) على مدينة الموصل، حيث تم القبض عليه خلال قدومه بشكل متخفي إلى دار ما يسمى مفتي (داعش)، في منطقة (حي المنصور)، في الجانب الأيمن لمدينة الموصل”.