ما ان أعلن التحالف بين كتلتي الاحرار والمواطن حتى انبرت العديد من الاقلام التي يحمل اصحابها عقول مترهلة لم تستوعب الدرس الديمقراطي بعد ولايروق لها التداول السلمي للسلطة ولا تفقه في المتغيرات السياسية لأنها اعتادت التصفيق للحاكم محقاً كان ام مبطلا، انبرت هذه الاقلام إلى إحداث ضجيج إعلامي من خلال طرح الشبهات والاتهامات حول طرفي التحالف، في خطوة ان دلت على شيء فانها تدل على الاحساس بخطورة هذا التحالف الذي بات يمثل خطراً حقيقياً على امبراطورية الحزب الحاكم التي بُنيت على اساس السلطة وليس على اساس البرامج السياسية والصالح الوطني وكان الغالب على سلوكياته النزعة الحزبية، ولذلك فقد ادرك السياسيون في الحزب الحاكم خطورة فقدهم للسلطة ومدى انعكاس ذلك على حضورهم في الساحة السياسية. فبينما كانوا بالامس يدعون الى حكومة الاغلبية السياسية استناداً على احلامهم التي كانوا يرسمونها على رمال الوهم والتي انهارت مع اول زخة لقطرات الحقيقة امام الحركة الواقعية لدورة الايام، وبعد ان تلاشت احلامهم في تحقيق اغلبية واضحة يستطيعون من خلالها تشكيل الحكومات المحلية تغيرت النبرة وخبت تلك الاصوات واختفت معها نغمة الاغلبية السياسية التي صدعوا بها رؤوسنا في حملتهم الانتخابية واصبح مؤشر بوصلتهم يشير الى التوافق والمشاركة واحترام اصوات الناخب. وبناءً على ذلك فان تحالف الاحرار والمواطن امام مسؤولية كبيرة في قادم الايام وعليهم ان يلجموا جميع الاصوات المنادية بعدم جدية هذا التحالف وربما انهياره السريع بل يعتبرونه ردت فعل سياسية وليس اتفاقاً شاملاً على مجمل القضايا المصيرية التي يعاني منها البلد، فهم امام اختبار حقيقي وواقعي وعليهم ان يوصلوا رسائل اطمئنان لجماهيرهم حول مستقبل هذا التحالف ويسدوا جميع الطرق والمنافذ التي يسعى من خلالها تجار الفتنة إلى تمرير بضاعتهم ودق اسفين الخلافات بين القوى المتحالفة. نعم قد توجد وجهات نظر مختلفة بين الكتلتين حول بعض القضايا السياسية وهذا شيء طبيعي في كل مجالات الحياة، ولكن يجب التركيز على المشتركات الكثيرة لدى الطرفين وتشكيل لجان مشتركة لتنظيم عمل التحالف بينهما وتجنب اي احتكاك إعلامي قد يُستغل من قبل بعض الاطراف التي لاتريد لهذا التحالف الديمومة والاستمرار لأنه سيسحب البساط من تحت اقدامهم في مدن الوسط والجنوب وبذلك ستنهار كل القلاع السياسية التي بُنيت تحت ظل السلطة واستغلال المؤوسسات الحكومية. إن تحالف كتلتي الأحرار والمواطن نقلة نوعية في العمل السياسي واذا ما استثمر هذا التحالف بشكل صحيح ستكون له انعكاسات ايجابية على المستوى الداخلي والخارجي لما تتمتع به الكتلتان من مقبولية لدى دول الجوار والمنطقة العربية وكذلك على الصعيد الدولي نتيجة مواقفهم الوسطية ورفضهم لغة التصعيد وتغليبهم لغة الحوار لحل المشاكل السياسية. ولابد لأقطاب التحالف ان يعلموا جيداً إن الوفاء والالتزام بالاتفاقات المبرمة بينهما سيعزز من قوة التحالف وحضوره السياسي، مما سيشكل ارضية مناسبة للدخول في الانتخابات القادمة بقوة كبيرة. تحالف كتلتي الاحرار والمواطن رسالة واقعية واضحة لكل الذين اخذتهم نشوة السلطة وغرور المنصب حتى ظنوا واهمين إنهم لن يتزحزوا عن تلك العروش، رسالة طمأنت الجماهير بأن زمن التفرد والمكوث الطويل على الكراسي ذهب إلى غير رجعة واصبح الحسم بيد الناخبين الذين يأملون في التحالف الجديد مايحقق طموحاتهم.
