إذا أردت ان تدمر أي دولة فعليك أن تجعل مصادر القرار فيها متعددة ومتضاربة ، وهذا ما فعله الأمريكان بالضبط عندما أدخلوا مبدأ المحاصصة للعملية السياسية العراقية ، فبقت هذه العملية تراوح في مكانها فليس هناك قوانين حقيقية تفيد البلد قد أقرت كقانون النفط والأحزاب والاستثمار وغيرها بالإضافة الى رفض الفرقاء أن يجروا تعداد السكان نتيجة التزوير الهائل في عدد السكان التي يقدمه الكرد ، ولا يمكن للبرلمان العراقي أن يتخذ أي موقف اتجاه أي دولة اضرت بالعراق كدعمها للإرهاب وداعش أمثال السعودية وقطر والأمريكان نتيجة رفض جهات مدعومة من هذه الدول ، بل لا يمكن للبرلمان العراقي أن يتخذ أي قرار مصيري يخص سيادة العراق نتيجة مصالح الفرقاء الذين يشاركون بالعملية السياسية (الشيعة والكرد والسنة) ، حتى أصبحت العملية السياسية مجرد لعبة توافقية لا ترفض شيء حقيقي ولا توافق على شيء حقيقي وفعال يفيد الوطن بل كل شيء راكد تتجمع فوقه سلبيات هذه العملية التي ما دخلت بلد إلا دمرته وجعلته يدور في دائرة فارغة حتى يتفجر كما هو الحال العراق الآن ولبنان ، ومن نتاج مبدأ المحاصصة الفساد المستشري في هذه البلد ، لأن خيمة المحاصصة لا يمكن لها أن تقوم إلا باحتضانها القضاء الفاسد والضعيف الذي من خلاله يتم تمرير أو لوي بنود الدستور حتى يتماشى مع مبدأ المحاصصة ، لهذا أصبح القضاء بسبب هذا المبدأ المقيت الستار الذي تمرر تحته قضايا الفساد بل هو الحامي لها بالإضافة الى رفض كل مكون سياسي ان يقدم أعضاءه الفاسدين للقضاء بالرغم من فساده وضعفه ، وأما العلاقات الخارجية والدولية فهذه قضية أخطر من قضايا الفساد نتيجة خطورتها وفوضويتها ، فهؤلاء القادة الكرد يزورون الكيان الصهيوني ويصدرون له النفط بدون علم الحكومة المركزية بل يقومون بجلب الأسلحة ونقلها من الإمارات الى مطار أربيل بالإضافة الى علاقاتهم الدبلوماسية بعيداً عن الحكومة المركزية وحتى تسليح جيشهم لا يمكن لوزارة الدفاع العراقية ان تعلم به وهذا جميعه بدون علم الحكومة المركزية بل رفض أي قرار يصدر من البرلمان العراقي إذا لم يحصل على موافقتهم كما حصل مع قرار أخراج جميع القوات الأجنبية الذي أقره البرلمان العراقي بالأغلبية المطلقة الحاضرة في قاعة البرلمان ، وهذا القرار كان نتيجة ردة فعل للعمليات الإجرامية الأمريكية التي انتهكت السيادة العراقية والتي نتج منها قتل أكثر من 25 منتسب للقوات العراقية في مدينة القائم الحدودية والثانية ذهب ضحيتها ابرز قيادات عرفتها الحروب ضد الإرهاب وخصوصاً مقاتلة داعش هما أبو مهدي المهندس نائب رئيس الحشد الشعبي والجنرال قاسم سليماني قائد فرقة القدس الإيرانية الذي كان يزور العراق بصفة رسمية ، فجرائم بهذه الخطورة تطال أبناءه وقياداته وضيوفه الدبلوماسيين لا يمكن للبرلمان أن يتخذ أي قرار ضد الدولة المعتدية التي قتلت أبناءه وقادته .
كل هذا الذي يحدث وسيحدث هو نتاج حقيقي للمحاصصة الذي تدعمه جميع القوى التي تريد تدمير العراق كدولة كالأمريكان والسعودية والكيان الصهيوني وكل دولة تريد إضعاف العراق وتجعله يغرق بالمشاكل والأزمات والفوضى ، فمن يريد للعراق أن يصبح دولة تنتشر به العدالة الاجتماعية والتقدم والرقي والحياة الديمقراطية الحقيقية عليه أن يرفض المحاصصة ويقاومها بشتى الطرق لأنها أخطر على العراق من جميع المخاطر والتهديدات ، لأن من خلالها العراق يعيش المخاطر في كل لحظة بل يتمرغل في وحل الأزمات والمشاكل ولا يمكن أن تقوم له قائمة حتى يصبح القرار المركزي والوحيد من الحكومة المركزية في بغداد والجميع عليهم التنفيذ لا المماطلة والتسويف . فلا يمكن لأي بلد أن يتقدم ويعيش أبناءه حياة سعيدة وبسلام مع توفر الخدمات والعدالة الاجتماعية مع وجود المحاصصة فهذا شيء محال كاستحالة وجود الظلمة والنور في مكان واحد وفي نفس الوقت أو اجتماع النقيضين وغيرها من الأمثلة العقلية التي تثبت استحالت اجتماع النقيضين ، فالمحاصصة والمركزية التي بها تتوفر كل ما تتطلبه الدولة المعاصرة التي تحتضن أبناءها وتقدم لهم كل التسهيلات والخدمات والحريات نقيضان لا يمكن اجتماعهما ، فمن يريد وطن حقيقي عليه أن يرفض المحاصصة فلا يوجد وطن مع المحاصصة لأنها ام الخبائث فانتفضوا عليها .