فَإِنْ نَهْزَمْ فهزَّامون قِدْماً ******وَإِنْ نُهْزَمْ فغيرُ مُهَزَّمينا
وَمَا إِنْ طِبُّنا جُبُنٌ ولكنْ*********مَنَايَانا وَدَوْلَةُ آخرينا
إِذَا ما الموتُ رَفَّعَ عن أُناس*******كَلاَكِلَهُ أَنَاخ بآخرينا
فأفنى ذالكم سَرَوَاتِ قومي******َمَا أفنى القُرُونَ الأوَّلينا
فلو خَلُدَ الملوكُ إذاً خَلُدْنا******ولو بقي الكِرَامُ إذاً بقينا
فَقُلْ للشامتين بِنَا أَفيقوا******سَيَلقى الشامتون كَمَا لَقِينا
في هذا المجلس نعرض تأملات في خطاب الإمام الحسين(ع) في يوم عاشوراء ونستعرض على بعض كلماته التي تحدث بها مع الاعداء , لنلتمس من الحسين الموقف الرجولي في الصراع بين الحق والشر ..
جميع الروايات التي تحدثت عن واقعة كربلاء في مصادرها المختلفة أن الإمام الحسين(ع) بعدما رأى عزم القوم ونيتهم على قتاله، وإصرارهم على تنفيذ أوامر الطغاة، وعدم استماعهم نداء الحق والعقل، ركب جواده وأخذ مصحفاً ونشره على رأسه ووقف بإزاء القوم وقال: «يا قوم إن بيني وبينكم كتاب الله وسنة جدي رسول الله(ص) ثم سألهم عما أقدمهم على قتله، قالوا: طاعة للأمير عبيد الله بن زياد».
فقال: «تباً لكم ايتها الجماعة وترحاً، أحين استصرختمونا والهين فأصرخناكم موجفين، سللتم علينا سيفاً لنا في أيمانكم وحششتم علينا ناراً اقتدحناها على عدونا وعدوكم، فأصبحتم إلباً لأعدائكم على أوليائكم بغير عدل أفشوه فيكم ولا أمل أصبح لكم فيهم، فهلا لكم الويلات، تركتمونا والسيف مشيم والجأش طامن، والرأي لما يستحصف، ولكن أسرعتم إليها كطيرة الدبا وتداعيتم عليها كتهافت الفراش، ثم نفضتموها فسحقاً لكم يا عبيد الامة وشذاذ الأحزاب ونبذة الكتاب ومحرفي الكلم وعصبة الآثام ونفثة الشيطان، ومطفئي السنن، ويحكم أهؤلاء تعضدون وعنا تخاذلون؟ اجل والله غدر فيكم قديم وشجت عليه أصولكم وتآزرت عليه فروعكم، فكنتم اخبث ثمر، وشجى للناظر، وآكلة للغاضب، الا وان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة، يأبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون وحجـور طابت وطهرت، وأنوف حمية ونفوس أبية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام، الا واني زاحف بهذه الاسرة مع قلة العدد وخذلان الناصر». ثم أنشد أبيات فروة بن مسك:
فان نهزم فهزامون قدماً*** وان نهزم فغير مهزمينا
وما ان طبنا جبن ولكن*** منايانا ودولة آخرينا
اذا ما الموت رفع عن أناس*** كلا كله أناخ بآخرينا
فلو خلد الملوك اذن خلدنا*** ولو بقي الملوك اذن بقينا
فقل للشامتين بنا أفيقوا*** سيلقى الشامتون كما لقينا
اما والله لا تلبثون بعدها الا كريث ما يركب الفرس حتى تدور بكم دور الرحى وتقلق بكم قلق المحور، عهد عهده إليّ أبي عن جدي.((فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ)اني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة الا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم، ثم رفع يديه نحو السماء وقال: اللهم احبس عنهم قطر السماء وابعث عليهم سنيناً كسني يوسف،وسلط عليهم غلام ثقيف يسقيهم كأسا مصبرة .. فإنهم كذبونا وخذلونا وأنت ربنا عليك توكلنا وإليك المصير».. ثم رجع الى خيمته.. كان هذا اخر خطاب بينه وبينهم .
** الناظر في بنية الخطاب واختيار الكلمات وأسلوب التعبير, يجده يختلف بصور تامة عما تقدم من خطابات الإمام من خلال مسيرته من مكة الى كربلاء ، ليس فيه بيان حاله ومنزلته من الله ورسوله ..يتبين ان الإمام استنفذ كل الوسائل الممكنة لإقناع القوم بما هو مطلوب منهم، ومن هنا جاء هذا الخطاب ليمثل إعلان الحرب والقتال الذي لا مناص منه وبيان استعداده لمواجهة القوم الظالمين.يقول تعالى:” كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾.
المشقَّةٌ عليكم لما يدخل منه على النَّفس والمال ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ لأنَّ في الغزو إحدى الحسنيين إمَّا الظفر والغنيمة وإمَّا الشَّهادة والجنَّة..
**﴿ يقول الواحدي في تفسيره: ﴿ كتب عليكم القتال ﴾ كتب يعني .. مثل قوله: (كتب عليكم الصيام ) فُرض وأوجب عليكم الجهاد ﴿ وهو كرهٌ لكم ﴾ المكروه أَيْ: غير مَحْبب،للنفس يُنْفَر منه الانسان ولا تحبه لما فيه من مصائب مؤلمة .. مثل شخص “شِّرِّيرُ مَكْروهٌ” لا يحبه الناس .. وفي دعائنا نقول لاخواننا “وقاك اللهُ كلّ مكروه” . ولكن الطبيعة في الناس ان من يكره القتال من اجل الحق يكون ذليلا والاسلام لا يريد الذل للمسلمين. فيجبي عليهم القتال والشهادة رغم كرههم للحرب , ولكن اذا وقعت لا مناص منها , لاحقاق الحق , وسلامة المجتمع من الذل والعار .
وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شيئًا ﴾ أَيْ: القعود عن الغزووالحرب الدفاعية لو فرضت علبكم رغم انها ( شَرٌّ لَكُمْ ﴾ لما فيه من الذُّل والفقر وحرمان الغنيمة والأجر ﴿ والله يعلم ﴾ ما فيه مصالحكم فبادروا إلى ما يأمركم به وإنْ شقَّ عليكم.
*** من هنا أراد الإمام الحسين بهذا الخطاب، وهو الأخير قبل بدء القتال، أن يكون مختلفاً في أسلوبه وتراكيبه اللغوية أولاً، وأراد أن يظهر أمام القوم بمظهر يختلف عما ظهر به في خطاباته السابقة، قصد من هذا أن تكون هيأته وكلماته حجة على هؤلاء القوم الذي يعقدون العزم على قتل ابن بنت نبيهم وابن وصيه، تقول الرواية: «إن الإمام الحسين ركب جواده وأخذ مصحفاً ونشره فوق رأسه ثم حمل سيف النبي (ص) ولبس درعه واعتم بعمامته السحاب».. ليبين ان من يتكلم هو صنو النبي.
أراد ان يبين هذه الهيأة انه الوارث الشرعي لجده رسول الله (ص) وأنّه يحمل من ميراث جده أهمّ ما يعتز به العربي في حياته سلاحه ودرعه وعمامته، فجسد الإمام من خلال هذه الهيأة صورة رسول الله (ص)، ليتعظ بها من لم يتعظ بالكلام.
انها صورة تعود بذاكرة القوم إلى أيام الرسالة والدعوة المحمدية وتذكرهم بشخص الرسول وكأنه ماثل امامهم الآن، وهم يرون في شخص الحسين وهو يتقلد سيف الرسول ويعتم بعمامته شخص الرسول (ص)،
جاءت الخطبة محملة بشحنات مكثفة لترسم صورة الغضب الحسيني على القوم الذين استحوذ عليهم الشيطان، وتنهي لغة الحوار والخطاب التي بدأها الإمام مع هؤلاء القوم من أول لقاء مع الحر وأصحابه، وتحل محلها لغة السلاح والقتال، ذلك ان كل ما وعظ به الإمام وما ذكرهم به لم يجد نفعاً معهم ولم يغير شيئاً من أفكارهم.
ويمكن أن نلمح في بنية هذا الخطاب ثلاثة اتجاهات:
** الاتجـاه الأول: توبيخ القوم وتـأنيبهم بقسـوة علـى عـدم استجـابتهم لنـداء العقـل وما ارتكبـوه من ظـلم بحق أهل البيت، ويبدو واضحـاً أن المقام اقتضى هذا النوع من الخطـاب القاسي، لأنه يخاطب قوماً عقدوا العزم على قتله ومن معه، ولم يتّعظوا بكل ما قاله لهم ولم يحفظوا قرابته من رسول الله.
الاتجاه الثاني: يمثل القرار النهائي الذي اتخذه الإمام نظراً لإصرار القوم على القتال وعدم الاستجابة لكل ما بيّنه لهم الإمام، فلم يبق أمام الحسين من خيار سوى المركب الصعب وهو القتال حتى النصر أو الشهادة.
الاتجاه الثالث: بيان النهاية الحتمية لهؤلاء القوم وما ينتظرهم من مصير مظلم بعد قتلهم الإمام الحسين، ولا يكون ذلك بعيداً انما هو قريب جداً، وقد وصفه الإمام بقوله «ريثما يركب الفرس» كناية عن سرعة نهايتهم.بعدها بدأ بالدعاء.. لقد كان الإمام الحسين (ع)واضحاً في خطابه فقد كشف عن التغير العجيب في مواقفهم والانقلاب السريع في أفكارهم ونواياهم مستعملاً صيغة الفعل الماضي للدلالة على انتهاء الحدث ووقوعه «سللتم ــ حششتم ــ أصبحتم». ..
ان السيف الذي ادخره الإمام في أيمانهم لقتال عدوه وعدوهم يرفعونه اليوم في وجهه ويسلونه لقتله وقتل أصحابه، والنار التي اقتدحها الإمام لتحرق الأعداء توجه لهبها إلى نحر الحسين وأصحابه. تماما كما ايوم من حماهم الحشد يقتلونهم ويصفونهم بأشنع الصفات.. في هذه القطعة دلالات تعبر عن شدة الألم الذي سببه هؤلاء القوم للإمام الحسين.(ع) من عذب كلامه «أسرعتم إليها كطيرة الدبا وتداعيتم عليها كتهافت الفراش».ثم نقضتموها ” عبر الإمام (ع)
بهذا الوصف عن صورة تحمل جملة من المعاني الحسية , لجماعة سرعان ما يجتمعون على شيء ثم ينقضونه ويعادونه لا لشيء بدر منه يقول أحد الباحثين: « يظهر أن العهود والمواثيق في الكتب قد جاءت ما كانت عن عقيدة .. بل لضعف وعدم قدرتهم على مقاومة الظالم، فأسرعوا للاستنجاد بإمامهم ولكن هذا الإسراع لم يأت عن بصيرة، وانما جاء رغبة وطمعاً في الدنيا فحالهم كحال طيرة الدبا التي تتسابق نحو النور، وتزدحم فتمتاز بسرعتها الناجمة عن خفة وزنها وضعفها وهي بذلك تشابه هؤلاء القوم في الكثرة والسرعة • وصفهم كطيرة الدبا لما فيهم من ضعف .. نقول دَبَّتْ فَيَالِقُ الجَيْشِ عَلَى الجَبْهَةِ : مَشَتْ مَشْياً بَطِيئاً ، اِقْتَرَبَتْ ،وفلان وصل الى مرحلة الموت ودبت فيه الحياة .. وصفهم كحيوانات تدب لتتجمع ثم تترك المكان بسرعة بمجرلاد وجود ما يخيفها .. ُ في ضوء هذه الصفة التي وشجت عليها الأصول، وتآزرت عليها الفروع فقد أصبحوا يمثلون أخبث الثمر الذي يشجي عين الناظر إليه ويؤذيها، وصاروا من ذلهم وهوانهم أكلة للغاصبين فلا يستطيعون رداً ولا يمتلكون القدرة على مواجهة الظلم…
وبعد هذا الوصف الدقيق الذي قدمه الإمام ورسم من خلاله صورة هؤلاء القوم وواقعهم انتقل في خطابه إلى أمر في غاية الأهمية حدد من خلاله القرار النهائي الذي أراده هو وأصحابه يقول:«ألا وان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة، يأبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت وأنوف حمية ونفوس أبية من ان نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام، الا واني زاحف بهذه الاسرة مع قلة العدد، وخذلان الناصر».
ثم تمثل بأبيات فروة بن مسيك:
فان نهزم فهزامون قدماً*** وان نهزم فغير مهزمينا
وما ان طبنا جبن ولكن*** منايانا ودولة آخرينا
اذا ما الموت رفع عن أناس*** كلا كله أناخ بآخرينا
فلو خلد الملوك اذن خلدنا*** ولو بقي الملوك اذن بقينا
فقل للشامتين بنا أفيقوا*** سيلقى الشامتون كما لقينا
بدأ الإمام هذه الفقرة من خطابه بأداة التنبيه (ألا) ليلفت نظر القوم إلى المسألة التي يريد بيانها وتتمثل بتحديد نسب هذا الأمير الذي يسيرون بأمره وينفذون إرادته، وصفه بصفة هي الحقيقة التي يعرفها أهل العراق، فعبيد الله بن زياد أبوه من ادعياء العرب وقد ادعاه أبو سفيان وألحقه بنسبه وكان قبلها يسمى زياد بن أبيه فهو دعي في النسب ولذا جاء وصف الإمام بأنه دعي ابن دعي، لقد أراد الإمام من خلال هذا أن يذكر القوم بحقيقة قد تكون غائبة عن الأذهان هي أن هذا الرجل الذي يأتمرون بأمره وينفذون رغبته ويتابعونه ويخذلون ابن بنت نبيهم وولي أمرهم هو من أدعياء العرب المطعون في نسبهم. ثم أخبرهم انه ركز بين اثنتين بين السلة والذلة. ويقصد الإمام بهذا القول الخيارات بين الخضوع لبني أُمية أو القتل.كلمته هذه أصبحت شعاراً خالداً للمسلمين «هيهات منا الذلة» دلالة على الرفض القاطع للنزول على حكم يزيد، لأن معنى هيهات تعني البعد الذي لا حدود له، يصل إلى الاستحالة ..
ونسب هذا الفعل الى نفسه فقال هيهات منا الذلة ..! دلالة على الرفض من الإمام وأصحابه (لأن الذلة تحصل لو حصلت المبايعة ليزيد والخضوع له، تلك هي الذلة التي تجنبها الحسين (ع) بكل جهده وضحى ضدها بنفسه»..
** «أما والله لاتلبثون بعدها الا كريث ما يركب الفرس حتى تدور بكم دور الرحى وتقلق بكم قلق المحور عهد عهده إليّ أبي عن جدي».كان وعداً صادقاً وسريعاً كما وصفه الإمام فلم يلبثوا بعد قتله الا قليلاً وسلط الله عليهم من يقتلهم ويمزقهم شر تمزيق وباءوا بغضب الله وسخطه، وكان مصيرهم النار فخسروا الدنيا والآخرة. بدأ الإمام هذه الكلمة بأداة الاستفتاح «أما» ثم أعقبها بالقسم لكي يؤكد لهم صدق ما يقول، وهو أنهم لا يتمتعون بهذه الدنيا التي قتلوه من أجلها ولن يلبثوا فيها إلا قليلاً من الوقت، وقد استعمل الإمام الكناية للدلالة على سرعة خروجهم من هذه الدنيا بقوله «الا كريث ما يركب الفرس» ونلمح في هذا التركيب دلالة ..
على قرب نهايتهم وسرعتها، ذلك أن هذه الدنيا لا يمكن أن تدوم لأحد ولايثبت فيها سلطان فهي متصرفة بأهلها من حال إلى حال وقد وصف الإمام حركة الدنيا بدوران الرحى على محورها، لقد كان الإمام دقيقاً في وضع هذه الصورة المحسوسة لحركة الدنيا وعدم ثباتها أمام هؤلاء القوم، ولكي يؤكد الإمام ما وعد به القوم من قرب نهايتهم أخبرهم أن هذا عهد عهده إليه أبوه عن جده، وهذا يمثل صدق قوله، لأن الرسول (ص) لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، ثم ختم كلامه مع القوم بآيتين من القرآن الكريم دلالة على استعداد الإمام وأصحابه للقتال..
***الأحداث التاريخية بعد مقتل الإمام الحسين(ع) نجدها تبين كما تكلم بها الامام مع الذين اشتركوا في قتاله ، فلم يمر وقت طويل على قتلهم الحسين حتى دارت بهم الدنيا سريعاً كما وعدهم الإمام وسلط الله عليهم من قتلهم شر قتلة وترامى الأطفال رؤوسـهم في أزقة الكوفة، وكأنه سبحانه وتعالى قد استجاب دعاء الإمام(ع) عليهم في آخر كلمته. أرسل المختار القائد ابو عمره إلى دار عمر بن سعد فاستل (أبو عمرة) سيفه فضربه ضربة على رأسه فسقط على قفاه، فقال (أبو عمرة) لأعوانه: خذوا رأس عدو الله. فأخذوا رأسه فجاءوا به حتى وضعوه بين يدي المختار، وابنه حفص واقف بين يدي المختار يريد الشفاعة لابيه , جاء يتوسل بالمختار ان يعفو لابيه من قتل الحسين (ع)فرموا الراس بينهم … فقال المختار: أتعرف هذا الرأس يا حفص؟! قال: نعم هذا رأس أبي، ولا خير لي في العيش بعده.
قال له المختار: تفتخر بأن أباك قتل الحسين (ع) وحضرت معه كربلاء، فوالله لا تعيش بعده.فضرب عنقه ثم وضع الرأس بين يديه، وقال: هذا بالحسين(ع) وهذا بعلي بن الحسين (ع) ولا سواء ورب الكعبة.ثم صلب جسديهما منكسين.. ثم اُحرقا بالنار.ولما أحرقوا الجسدين وبعث بالرأسين، أمر بإحراق داري عمر بن سعد وابنه حفص، فاُحرقا جميعاً.
وفي رواية: جاء حفص بن عمر بن سعد إلى المختار وسلّم عليه، وقال له: أيها الأمير أبي يقرؤك السلام ويقول لك: أتفي لنا بالأمان أم لا؟ فقال له: وأين أبوك؟! فقال: ها هو في داره.فقال له: أليس أبوك قد هرب البارحة وكان يريد الشام. فقال: معاذ الله إن أبي في داره لم يتغيّب أبداً. فقال: كذبت وكذب أبوك، اجلس هنا حتى يأتي أبوك. ثم إن المختار استدعى رجلاً من أنصاره وقال له: انطلق إلى عمر بن سعد وأتني برأسه.
فمضى مسرعاً فما لبث هنيئة إذ جاء وبيده رأس عمر بن سعد، فألقاه في حجر ابنه.فقال حفص: إنا لله وإنا إليه راجعون. فقال له المختار: يا حفص أتعرف صاحب هذا الرأس؟! قال: نعم هذا رأس أبي، ولا خير والله في الحياة بعده. فقال المختار: وإني لا أبقيك بعده، ثم أمر بقتله في الحال، وذلك لأن حفص حضر كربلاء وكان يظهر الفرح بقتل أبيه، الحسين(ع)، ووضع الرأسان بين يدي المختار…
وأتي المختار برجل اسمه حمل بن مالك المحاربي ومعه اثنان من الذين حاربوا الحسين (ع)، فقال لهم المختار: يا أعداء الله أين الحسين بن علي (ع)؟!قالوا: اُكرهنا على الخروج إليه.قال: أفلا مننتم عليه وسقيتموه من الماء؟!ثم أمر فقتلوا.
هناك كلام) لزينب (ع): بعد قتل اخي الحسين وقفت في الخيمة، دخل رجل أزرق العينين هو الخولي فأخذ ما كان في الخيمة، ونظر إلى علي بن الحسين (ع) وهو على بساط وكان مريضاً فجذب البساط من تحته ورماه إلى الأرض، فما مضت الأيام حتى ظهر المختار يطلب بثأر الحسين (ع) فوقع خولي بيده , لما وقف بين يديه قال له: ما صنعت يوم كربلاء؟قال: أتيت إلى علي بن الحسين (ع) أخذت بساطا من تحته، وأخذت قناع زينب بنت علي (ع) ورمت لي قرطها ..
فبكى المختار وقال: ما قالت لك؟ قال: قالت: قطع الله يديك ورجليك وأحرقك بنار الدنيا قبل نار الآخرة.قال المختار: فوالله لأجيبن دعوة زينب المظلومة. ثم قدمه وقطع يديه ورجليه، ثم اُحرق بالنار.
عمر بن سعد عمر بن سعد بن أبي وقاص، لقبه معروف بـابن سعد كان أمير جيش ابن زياد في كربلاء. توجه عمر إلى كربلاء مع 4 آلاف مقاتل لقتل الحسين(ع) طمعاً في حكم الري وادواره كلها اجرامية ..
هو اول من اشعل الحرب حين رمى بسهم على معسكر الحسين وأنصاره معرباً عن عزمه على قتالهم و بعد أن استشهد الحسين وأصحابه أمر بأن توطئ أجسادهم بالخيل. وقتل ابن سعد سنة 66 هـ على يد المختار الثقفي، ولم ينل حكم الري..
لا تتوفر معلومات عن تاريخ ولادته، ذكر أنه ولد في زمن الرسول الله(ص)وقيل في زمن عمر بن الخطاب ولكن القول الأول هو الصحيح، فقد روى الطبري أنه كان مع أبيه في فتح العراق عام 17 هـ ، وكان آنذاك يافعاً، وله دور خبيث قبل واقعة كربلاء فقد شجع أبيه على طلب الخلافة دون الامام علي(ع) ..
ورد عن عمر بأنه حينما تم التحكيم بين علي ومعاوية في دومة الجندل (عام 37 هـ) كان هناك، و بعد أن شاهد ما كان بين قواد جيش علي و معاوية من خلافات، أتى أباه وشجعه على طلب الخلافة، فرفض والده وأدواره كلها مشئومة , رجل متلون منافق فهو من الذين شهدوا ضد حجر بن عدي وأصحابه .. دعاه زياد للشهادة ضد حجر بن عدي فكان ابن سعد ممن شهدوا بأن حجراً أثار الفتنة و أنه كافر. ,اتخذ معاوية من هذه الشهادة ذريعة فقتل حجرا و أنصاره في مرج عذراء.
ودوره الخيانة في حق مسلم بن عقيل (ع) حينما قدم مسلم بن عقيل إلى الكوفة في لأخذ البيعة للإمام الحسين كتب ابن سعد مع عدد من منافقي الكوفة رسائل إلى يزيد قائلين: إن كان لك حاجة في الكوفة فابعث إليها رجلاً ينفذ فيها أمرك فإن النعمان بن بشير ضعيف … وبعد أن قبض عبيد الله بن زياد على مسلم بن عقيل وأسر مسلم بوصيته لعمر بن سعد في مجلس عبيد الله، أخبر إبن سعد عبيد الله بها وخان مسلماً . *** إما في كربلاء :تعود شهرة ابن سعد إلى مشاركته في واقعة كربلاء . وقد جعلت هذه الحادثة ابن سعد واحداً من الوجوه الكريهة في التاريخ.
كان ثمن قتل الحسين ان يكون واليا على دستبي .. وهذه المنطقة هي سهل واسع بين الري وهمدان ألحق فيما بعد بقزوين، وأمره بالقضاء على فتنة الديلم . فعسكر بداية بأربعة آلاف مقاتل خارج الكوفة .. ثم دعاه ابن زياد لمواجهة الحسين في كربلاء، وقد امتنع في البدء فهدده ابن زياد بأن يبعده عن حكم الري. وقد نسب له هذه الأبيات:
فواللّه ما أدري وإنّي لحائر……….أفكّر في أمري على خطرينِ
أأترك مُلك الريّ والريّ منيتي .. أم ارجع مأثوماً بقتل حسينِ؟
حسين ابن عمي والحوادث جمة ,, ولي بملك الريّ قرّة عينيِ
يقولون ان الله خالق جنة … ونار وتعذيب وغل يدين
فقبل إبن سعد المهمة الجديدة وسار مع جيش قوامه 30 الفا نحو كربلاء، و دخلها
بعث رسول إلى الإمام الحسين ..وهناك بعث قرة بن قيس إلى الإمام الحسين ليسأله عن سبب مجيئه إلى العراق، فأجاب الإمام “كتب إليّ أهل الكوفة في القدوم إليهم، فأما إذ كرهوني فإني أنصرف عنهم”. فكتب عمر بن سعد إلى ابن زياد يبلغه جواب الإمام ، غير أن من حول عبيد الله ممن يرغبون في قتال الإمام ـشمر بن ذي الجوشن منعوه من التساهل معه، فكتب إلى ابن سعد -وكان ابن سعد يميل إلى إنهاء الأمر بالصلح- إما أن تقاتل الحسين أو تسلم قيادة الجيش لشمر بن ذي الجوشن غير أن ابن سعد أجاب شمراً بأنه سيبقى قائداً للجيش، ورمى بأول سهم على الحسين وأنصاره معرباً عن عزمه الراسخ على قتالهم.
*** ويبدو ان هذا المخلوق الشاذ لا توجد في قلبه رحمه .. وجرائمه خلال يوم واحد لا تعد ولا تحصى ..فهو من امر أصحابه بُسحق الأجساد بالخيل. وفي اليوم الحادي عشر من محرم بعد دفن قتلاه سار بجيشه إلى الكوفة وحمل النساء والاطفال اسرى من عائلة الإمام الحسين .ولما قدم إلى عبيد الله بن زياد في الكوفة طلب منه الكتاب الذي كتب له في قتل الحسين ليحكم دستبي , فقال إنه ضاع..
وكان يضع الرجال على المشرعة ليمنع الحسين واطفاله من شرب الماء . وحينما خسر ابن سعد كل شيء قال: “ما رجع أحد إلى أهله بشر مما رجعت به، أطعت الفاجر الظالم ابن زياد وعصيت الحكم العدل وقطعت القرابة الشريفة”.
** كان يتمادى في الاجرام . فقد امر ان تمر النساء على القتلى ,
قال السيِّد ابن طاووس أخذ نعليه الأسود بن خالد ، وأخذ خاتمه بجدل الكلبي ، فقطع إصبعه وهذا اللعين أخذه المختار فقطع يديه ورجليه ، وتركه في ينزف حتَّى هلك .
&** يقول ابو مخنف لما ارتفع صياح النساء صاح ابن سعد : ويلكم اكبسوا احرقوا الأخبية ، فأحرقوها ومن فيها ،فخرجن حواسرَ مسلَّبات حافيات باكيات ،
( نعي )( جلسن عند جسد ابي عبد الله .. سكنه يعمه خل نجعده .. وما بيني وبينك نسنده .. بلجن يفك عينه وننشده … يا جرح ماذيه ومضهده .. تكلها يعمه اشلون اجعده … وشوفي السهم الواكع بجبده .. اثاري لخرز ظهره تعده …
تكلها وهو على هل مده .. نكله الحرم صارت بشده .. خويه اناديك ما يشجيلك انداي .. ولا تسمع اعتابي ونجواي .. بيمن بعد يحسيم منواي .. ظني انكطع وانكطع منواي .. شتهيس يخويه بونتك هاي .. شنهو الذي ماذيك يحماي .. يكلها الظهدني السهم بحشاي .. وندري المصوب ينسكي ماي .. والماي وينه بولية اعداي ..
يكلها اوصيج يا زينب بالعيال .. عينج دحطيها يم الاطفال .. تدريهم اربات ادلال .. ومن الشمس ينرادلهم اظلال .. تلكله بعيني لباريلك اعيالك .. وبروحي لسجنلك اطفالك .. لون الموت يرضى بدالك .. رحنا تره كلنا فدالك .
فَإِنْ نَهْزَمْ فهزَّامون قِدْماً ******وَإِنْ نُهْزَمْ فغيرُ مُهَزَّمينا
وَمَا إِنْ طِبُّنا جُبُنٌ ولكنْ*********مَنَايَانا وَدَوْلَةُ آخرينا
إِذَا ما الموتُ رَفَّعَ عن أُناس*******كَلاَكِلَهُ أَنَاخ بآخرينا
فأفنى ذالكم سَرَوَاتِ قومي******َمَا أفنى القُرُونَ الأوَّلينا
فلو خَلُدَ الملوكُ إذاً خَلُدْنا******ولو بقي الكِرَامُ إذاً بقينا
فَقُلْ للشامتين بِنَا أَفيقوا******سَيَلقى الشامتون كَمَا لَقِينا
في هذا المجلس نعرض تأملات في خطاب الإمام الحسين(ع) في يوم عاشوراء ونستعرض على بعض كلماته التي تحدث بها مع الاعداء , لنلتمس من الحسين الموقف الرجولي في الصراع بين الحق والشر ..
جميع الروايات التي تحدثت عن واقعة كربلاء في مصادرها المختلفة أن الإمام الحسين(ع) بعدما رأى عزم القوم ونيتهم على قتاله، وإصرارهم على تنفيذ أوامر الطغاة، وعدم استماعهم نداء الحق والعقل، ركب جواده وأخذ مصحفاً ونشره على رأسه ووقف بإزاء القوم وقال: «يا قوم إن بيني وبينكم كتاب الله وسنة جدي رسول الله(ص) ثم سألهم عما أقدمهم على قتله، قالوا: طاعة للأمير عبيد الله بن زياد».
فقال: «تباً لكم ايتها الجماعة وترحاً، أحين استصرختمونا والهين فأصرخناكم موجفين، سللتم علينا سيفاً لنا في أيمانكم وحششتم علينا ناراً اقتدحناها على عدونا وعدوكم، فأصبحتم إلباً لأعدائكم على أوليائكم بغير عدل أفشوه فيكم ولا أمل أصبح لكم فيهم، فهلا لكم الويلات، تركتمونا والسيف مشيم والجأش طامن، والرأي لما يستحصف، ولكن أسرعتم إليها كطيرة الدبا وتداعيتم عليها كتهافت الفراش، ثم نفضتموها فسحقاً لكم يا عبيد الامة وشذاذ الأحزاب ونبذة الكتاب ومحرفي الكلم وعصبة الآثام ونفثة الشيطان، ومطفئي السنن، ويحكم أهؤلاء تعضدون وعنا تخاذلون؟ اجل والله غدر فيكم قديم وشجت عليه أصولكم وتآزرت عليه فروعكم، فكنتم اخبث ثمر، وشجى للناظر، وآكلة للغاضب، الا وان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة، يأبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون وحجـور طابت وطهرت، وأنوف حمية ونفوس أبية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام، الا واني زاحف بهذه الاسرة مع قلة العدد وخذلان الناصر». ثم أنشد أبيات فروة بن مسك:
فان نهزم فهزامون قدماً*** وان نهزم فغير مهزمينا
وما ان طبنا جبن ولكن*** منايانا ودولة آخرينا
اذا ما الموت رفع عن أناس*** كلا كله أناخ بآخرينا
فلو خلد الملوك اذن خلدنا*** ولو بقي الملوك اذن بقينا
فقل للشامتين بنا أفيقوا*** سيلقى الشامتون كما لقينا
اما والله لا تلبثون بعدها الا كريث ما يركب الفرس حتى تدور بكم دور الرحى وتقلق بكم قلق المحور، عهد عهده إليّ أبي عن جدي.((فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ)اني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة الا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم، ثم رفع يديه نحو السماء وقال: اللهم احبس عنهم قطر السماء وابعث عليهم سنيناً كسني يوسف،وسلط عليهم غلام ثقيف يسقيهم كأسا مصبرة .. فإنهم كذبونا وخذلونا وأنت ربنا عليك توكلنا وإليك المصير».. ثم رجع الى خيمته.. كان هذا اخر خطاب بينه وبينهم .
** الناظر في بنية الخطاب واختيار الكلمات وأسلوب التعبير, يجده يختلف بصور تامة عما تقدم من خطابات الإمام من خلال مسيرته من مكة الى كربلاء ، ليس فيه بيان حاله ومنزلته من الله ورسوله ..يتبين ان الإمام استنفذ كل الوسائل الممكنة لإقناع القوم بما هو مطلوب منهم، ومن هنا جاء هذا الخطاب ليمثل إعلان الحرب والقتال الذي لا مناص منه وبيان استعداده لمواجهة القوم الظالمين.يقول تعالى:” كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾.
المشقَّةٌ عليكم لما يدخل منه على النَّفس والمال ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ لأنَّ في الغزو إحدى الحسنيين إمَّا الظفر والغنيمة وإمَّا الشَّهادة والجنَّة..
**﴿ يقول الواحدي في تفسيره: ﴿ كتب عليكم القتال ﴾ كتب يعني .. مثل قوله: (كتب عليكم الصيام ) فُرض وأوجب عليكم الجهاد ﴿ وهو كرهٌ لكم ﴾ المكروه أَيْ: غير مَحْبب،للنفس يُنْفَر منه الانسان ولا تحبه لما فيه من مصائب مؤلمة .. مثل شخص “شِّرِّيرُ مَكْروهٌ” لا يحبه الناس .. وفي دعائنا نقول لاخواننا “وقاك اللهُ كلّ مكروه” . ولكن الطبيعة في الناس ان من يكره القتال من اجل الحق يكون ذليلا والاسلام لا يريد الذل للمسلمين. فيجبي عليهم القتال والشهادة رغم كرههم للحرب , ولكن اذا وقعت لا مناص منها , لاحقاق الحق , وسلامة المجتمع من الذل والعار .
وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شيئًا ﴾ أَيْ: القعود عن الغزووالحرب الدفاعية لو فرضت علبكم رغم انها ( شَرٌّ لَكُمْ ﴾ لما فيه من الذُّل والفقر وحرمان الغنيمة والأجر ﴿ والله يعلم ﴾ ما فيه مصالحكم فبادروا إلى ما يأمركم به وإنْ شقَّ عليكم.
*** من هنا أراد الإمام الحسين بهذا الخطاب، وهو الأخير قبل بدء القتال، أن يكون مختلفاً في أسلوبه وتراكيبه اللغوية أولاً، وأراد أن يظهر أمام القوم بمظهر يختلف عما ظهر به في خطاباته السابقة، قصد من هذا أن تكون هيأته وكلماته حجة على هؤلاء القوم الذي يعقدون العزم على قتل ابن بنت نبيهم وابن وصيه، تقول الرواية: «إن الإمام الحسين ركب جواده وأخذ مصحفاً ونشره فوق رأسه ثم حمل سيف النبي (ص) ولبس درعه واعتم بعمامته السحاب».. ليبين ان من يتكلم هو صنو النبي.
أراد ان يبين هذه الهيأة انه الوارث الشرعي لجده رسول الله (ص) وأنّه يحمل من ميراث جده أهمّ ما يعتز به العربي في حياته سلاحه ودرعه وعمامته، فجسد الإمام من خلال هذه الهيأة صورة رسول الله (ص)، ليتعظ بها من لم يتعظ بالكلام.
انها صورة تعود بذاكرة القوم إلى أيام الرسالة والدعوة المحمدية وتذكرهم بشخص الرسول وكأنه ماثل امامهم الآن، وهم يرون في شخص الحسين وهو يتقلد سيف الرسول ويعتم بعمامته شخص الرسول (ص)،
جاءت الخطبة محملة بشحنات مكثفة لترسم صورة الغضب الحسيني على القوم الذين استحوذ عليهم الشيطان، وتنهي لغة الحوار والخطاب التي بدأها الإمام مع هؤلاء القوم من أول لقاء مع الحر وأصحابه، وتحل محلها لغة السلاح والقتال، ذلك ان كل ما وعظ به الإمام وما ذكرهم به لم يجد نفعاً معهم ولم يغير شيئاً من أفكارهم.
ويمكن أن نلمح في بنية هذا الخطاب ثلاثة اتجاهات:
** الاتجـاه الأول: توبيخ القوم وتـأنيبهم بقسـوة علـى عـدم استجـابتهم لنـداء العقـل وما ارتكبـوه من ظـلم بحق أهل البيت، ويبدو واضحـاً أن المقام اقتضى هذا النوع من الخطـاب القاسي، لأنه يخاطب قوماً عقدوا العزم على قتله ومن معه، ولم يتّعظوا بكل ما قاله لهم ولم يحفظوا قرابته من رسول الله.
الاتجاه الثاني: يمثل القرار النهائي الذي اتخذه الإمام نظراً لإصرار القوم على القتال وعدم الاستجابة لكل ما بيّنه لهم الإمام، فلم يبق أمام الحسين من خيار سوى المركب الصعب وهو القتال حتى النصر أو الشهادة.
الاتجاه الثالث: بيان النهاية الحتمية لهؤلاء القوم وما ينتظرهم من مصير مظلم بعد قتلهم الإمام الحسين، ولا يكون ذلك بعيداً انما هو قريب جداً، وقد وصفه الإمام بقوله «ريثما يركب الفرس» كناية عن سرعة نهايتهم.بعدها بدأ بالدعاء.. لقد كان الإمام الحسين (ع)واضحاً في خطابه فقد كشف عن التغير العجيب في مواقفهم والانقلاب السريع في أفكارهم ونواياهم مستعملاً صيغة الفعل الماضي للدلالة على انتهاء الحدث ووقوعه «سللتم ــ حششتم ــ أصبحتم». ..
ان السيف الذي ادخره الإمام في أيمانهم لقتال عدوه وعدوهم يرفعونه اليوم في وجهه ويسلونه لقتله وقتل أصحابه، والنار التي اقتدحها الإمام لتحرق الأعداء توجه لهبها إلى نحر الحسين وأصحابه. تماما كما ايوم من حماهم الحشد يقتلونهم ويصفونهم بأشنع الصفات.. في هذه القطعة دلالات تعبر عن شدة الألم الذي سببه هؤلاء القوم للإمام الحسين.(ع) من عذب كلامه «أسرعتم إليها كطيرة الدبا وتداعيتم عليها كتهافت الفراش».ثم نقضتموها ” عبر الإمام (ع)
بهذا الوصف عن صورة تحمل جملة من المعاني الحسية , لجماعة سرعان ما يجتمعون على شيء ثم ينقضونه ويعادونه لا لشيء بدر منه يقول أحد الباحثين: « يظهر أن العهود والمواثيق في الكتب قد جاءت ما كانت عن عقيدة .. بل لضعف وعدم قدرتهم على مقاومة الظالم، فأسرعوا للاستنجاد بإمامهم ولكن هذا الإسراع لم يأت عن بصيرة، وانما جاء رغبة وطمعاً في الدنيا فحالهم كحال طيرة الدبا التي تتسابق نحو النور، وتزدحم فتمتاز بسرعتها الناجمة عن خفة وزنها وضعفها وهي بذلك تشابه هؤلاء القوم في الكثرة والسرعة • وصفهم كطيرة الدبا لما فيهم من ضعف .. نقول دَبَّتْ فَيَالِقُ الجَيْشِ عَلَى الجَبْهَةِ : مَشَتْ مَشْياً بَطِيئاً ، اِقْتَرَبَتْ ،وفلان وصل الى مرحلة الموت ودبت فيه الحياة .. وصفهم كحيوانات تدب لتتجمع ثم تترك المكان بسرعة بمجرلاد وجود ما يخيفها .. ُ في ضوء هذه الصفة التي وشجت عليها الأصول، وتآزرت عليها الفروع فقد أصبحوا يمثلون أخبث الثمر الذي يشجي عين الناظر إليه ويؤذيها، وصاروا من ذلهم وهوانهم أكلة للغاصبين فلا يستطيعون رداً ولا يمتلكون القدرة على مواجهة الظلم…
وبعد هذا الوصف الدقيق الذي قدمه الإمام ورسم من خلاله صورة هؤلاء القوم وواقعهم انتقل في خطابه إلى أمر في غاية الأهمية حدد من خلاله القرار النهائي الذي أراده هو وأصحابه يقول:«ألا وان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة، يأبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت وأنوف حمية ونفوس أبية من ان نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام، الا واني زاحف بهذه الاسرة مع قلة العدد، وخذلان الناصر».
ثم تمثل بأبيات فروة بن مسيك:
فان نهزم فهزامون قدماً*** وان نهزم فغير مهزمينا
وما ان طبنا جبن ولكن*** منايانا ودولة آخرينا
اذا ما الموت رفع عن أناس*** كلا كله أناخ بآخرينا
فلو خلد الملوك اذن خلدنا*** ولو بقي الملوك اذن بقينا
فقل للشامتين بنا أفيقوا*** سيلقى الشامتون كما لقينا
بدأ الإمام هذه الفقرة من خطابه بأداة التنبيه (ألا) ليلفت نظر القوم إلى المسألة التي يريد بيانها وتتمثل بتحديد نسب هذا الأمير الذي يسيرون بأمره وينفذون إرادته، وصفه بصفة هي الحقيقة التي يعرفها أهل العراق، فعبيد الله بن زياد أبوه من ادعياء العرب وقد ادعاه أبو سفيان وألحقه بنسبه وكان قبلها يسمى زياد بن أبيه فهو دعي في النسب ولذا جاء وصف الإمام بأنه دعي ابن دعي، لقد أراد الإمام من خلال هذا أن يذكر القوم بحقيقة قد تكون غائبة عن الأذهان هي أن هذا الرجل الذي يأتمرون بأمره وينفذون رغبته ويتابعونه ويخذلون ابن بنت نبيهم وولي أمرهم هو من أدعياء العرب المطعون في نسبهم. ثم أخبرهم انه ركز بين اثنتين بين السلة والذلة. ويقصد الإمام بهذا القول الخيارات بين الخضوع لبني أُمية أو القتل.كلمته هذه أصبحت شعاراً خالداً للمسلمين «هيهات منا الذلة» دلالة على الرفض القاطع للنزول على حكم يزيد، لأن معنى هيهات تعني البعد الذي لا حدود له، يصل إلى الاستحالة ..
ونسب هذا الفعل الى نفسه فقال هيهات منا الذلة ..! دلالة على الرفض من الإمام وأصحابه (لأن الذلة تحصل لو حصلت المبايعة ليزيد والخضوع له، تلك هي الذلة التي تجنبها الحسين (ع) بكل جهده وضحى ضدها بنفسه»..
** «أما والله لاتلبثون بعدها الا كريث ما يركب الفرس حتى تدور بكم دور الرحى وتقلق بكم قلق المحور عهد عهده إليّ أبي عن جدي».كان وعداً صادقاً وسريعاً كما وصفه الإمام فلم يلبثوا بعد قتله الا قليلاً وسلط الله عليهم من يقتلهم ويمزقهم شر تمزيق وباءوا بغضب الله وسخطه، وكان مصيرهم النار فخسروا الدنيا والآخرة. بدأ الإمام هذه الكلمة بأداة الاستفتاح «أما» ثم أعقبها بالقسم لكي يؤكد لهم صدق ما يقول، وهو أنهم لا يتمتعون بهذه الدنيا التي قتلوه من أجلها ولن يلبثوا فيها إلا قليلاً من الوقت، وقد استعمل الإمام الكناية للدلالة على سرعة خروجهم من هذه الدنيا بقوله «الا كريث ما يركب الفرس» ونلمح في هذا التركيب دلالة ..
على قرب نهايتهم وسرعتها، ذلك أن هذه الدنيا لا يمكن أن تدوم لأحد ولايثبت فيها سلطان فهي متصرفة بأهلها من حال إلى حال وقد وصف الإمام حركة الدنيا بدوران الرحى على محورها، لقد كان الإمام دقيقاً في وضع هذه الصورة المحسوسة لحركة الدنيا وعدم ثباتها أمام هؤلاء القوم، ولكي يؤكد الإمام ما وعد به القوم من قرب نهايتهم أخبرهم أن هذا عهد عهده إليه أبوه عن جده، وهذا يمثل صدق قوله، لأن الرسول (ص) لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، ثم ختم كلامه مع القوم بآيتين من القرآن الكريم دلالة على استعداد الإمام وأصحابه للقتال..
***الأحداث التاريخية بعد مقتل الإمام الحسين(ع) نجدها تبين كما تكلم بها الامام مع الذين اشتركوا في قتاله ، فلم يمر وقت طويل على قتلهم الحسين حتى دارت بهم الدنيا سريعاً كما وعدهم الإمام وسلط الله عليهم من قتلهم شر قتلة وترامى الأطفال رؤوسـهم في أزقة الكوفة، وكأنه سبحانه وتعالى قد استجاب دعاء الإمام(ع) عليهم في آخر كلمته. أرسل المختار القائد ابو عمره إلى دار عمر بن سعد فاستل (أبو عمرة) سيفه فضربه ضربة على رأسه فسقط على قفاه، فقال (أبو عمرة) لأعوانه: خذوا رأس عدو الله. فأخذوا رأسه فجاءوا به حتى وضعوه بين يدي المختار، وابنه حفص واقف بين يدي المختار يريد الشفاعة لابيه , جاء يتوسل بالمختار ان يعفو لابيه من قتل الحسين (ع)فرموا الراس بينهم … فقال المختار: أتعرف هذا الرأس يا حفص؟! قال: نعم هذا رأس أبي، ولا خير لي في العيش بعده.
قال له المختار: تفتخر بأن أباك قتل الحسين (ع) وحضرت معه كربلاء، فوالله لا تعيش بعده.فضرب عنقه ثم وضع الرأس بين يديه، وقال: هذا بالحسين(ع) وهذا بعلي بن الحسين (ع) ولا سواء ورب الكعبة.ثم صلب جسديهما منكسين.. ثم اُحرقا بالنار.ولما أحرقوا الجسدين وبعث بالرأسين، أمر بإحراق داري عمر بن سعد وابنه حفص، فاُحرقا جميعاً.
وفي رواية: جاء حفص بن عمر بن سعد إلى المختار وسلّم عليه، وقال له: أيها الأمير أبي يقرؤك السلام ويقول لك: أتفي لنا بالأمان أم لا؟ فقال له: وأين أبوك؟! فقال: ها هو في داره.فقال له: أليس أبوك قد هرب البارحة وكان يريد الشام. فقال: معاذ الله إن أبي في داره لم يتغيّب أبداً. فقال: كذبت وكذب أبوك، اجلس هنا حتى يأتي أبوك. ثم إن المختار استدعى رجلاً من أنصاره وقال له: انطلق إلى عمر بن سعد وأتني برأسه.
فمضى مسرعاً فما لبث هنيئة إذ جاء وبيده رأس عمر بن سعد، فألقاه في حجر ابنه.فقال حفص: إنا لله وإنا إليه راجعون. فقال له المختار: يا حفص أتعرف صاحب هذا الرأس؟! قال: نعم هذا رأس أبي، ولا خير والله في الحياة بعده. فقال المختار: وإني لا أبقيك بعده، ثم أمر بقتله في الحال، وذلك لأن حفص حضر كربلاء وكان يظهر الفرح بقتل أبيه، الحسين(ع)، ووضع الرأسان بين يدي المختار…
وأتي المختار برجل اسمه حمل بن مالك المحاربي ومعه اثنان من الذين حاربوا الحسين (ع)، فقال لهم المختار: يا أعداء الله أين الحسين بن علي (ع)؟!قالوا: اُكرهنا على الخروج إليه.قال: أفلا مننتم عليه وسقيتموه من الماء؟!ثم أمر فقتلوا.
هناك كلام) لزينب (ع): بعد قتل اخي الحسين وقفت في الخيمة، دخل رجل أزرق العينين هو الخولي فأخذ ما كان في الخيمة، ونظر إلى علي بن الحسين (ع) وهو على بساط وكان مريضاً فجذب البساط من تحته ورماه إلى الأرض، فما مضت الأيام حتى ظهر المختار يطلب بثأر الحسين (ع) فوقع خولي بيده , لما وقف بين يديه قال له: ما صنعت يوم كربلاء؟قال: أتيت إلى علي بن الحسين (ع) أخذت بساطا من تحته، وأخذت قناع زينب بنت علي (ع) ورمت لي قرطها ..
فبكى المختار وقال: ما قالت لك؟ قال: قالت: قطع الله يديك ورجليك وأحرقك بنار الدنيا قبل نار الآخرة.قال المختار: فوالله لأجيبن دعوة زينب المظلومة. ثم قدمه وقطع يديه ورجليه، ثم اُحرق بالنار.
عمر بن سعد عمر بن سعد بن أبي وقاص، لقبه معروف بـابن سعد كان أمير جيش ابن زياد في كربلاء. توجه عمر إلى كربلاء مع 4 آلاف مقاتل لقتل الحسين(ع) طمعاً في حكم الري وادواره كلها اجرامية ..
هو اول من اشعل الحرب حين رمى بسهم على معسكر الحسين وأنصاره معرباً عن عزمه على قتالهم و بعد أن استشهد الحسين وأصحابه أمر بأن توطئ أجسادهم بالخيل. وقتل ابن سعد سنة 66 هـ على يد المختار الثقفي، ولم ينل حكم الري..
لا تتوفر معلومات عن تاريخ ولادته، ذكر أنه ولد في زمن الرسول الله(ص)وقيل في زمن عمر بن الخطاب ولكن القول الأول هو الصحيح، فقد روى الطبري أنه كان مع أبيه في فتح العراق عام 17 هـ ، وكان آنذاك يافعاً، وله دور خبيث قبل واقعة كربلاء فقد شجع أبيه على طلب الخلافة دون الامام علي(ع) ..
ورد عن عمر بأنه حينما تم التحكيم بين علي ومعاوية في دومة الجندل (عام 37 هـ) كان هناك، و بعد أن شاهد ما كان بين قواد جيش علي و معاوية من خلافات، أتى أباه وشجعه على طلب الخلافة، فرفض والده وأدواره كلها مشئومة , رجل متلون منافق فهو من الذين شهدوا ضد حجر بن عدي وأصحابه .. دعاه زياد للشهادة ضد حجر بن عدي فكان ابن سعد ممن شهدوا بأن حجراً أثار الفتنة و أنه كافر. ,اتخذ معاوية من هذه الشهادة ذريعة فقتل حجرا و أنصاره في مرج عذراء.
ودوره الخيانة في حق مسلم بن عقيل (ع) حينما قدم مسلم بن عقيل إلى الكوفة في لأخذ البيعة للإمام الحسين كتب ابن سعد مع عدد من منافقي الكوفة رسائل إلى يزيد قائلين: إن كان لك حاجة في الكوفة فابعث إليها رجلاً ينفذ فيها أمرك فإن النعمان بن بشير ضعيف … وبعد أن قبض عبيد الله بن زياد على مسلم بن عقيل وأسر مسلم بوصيته لعمر بن سعد في مجلس عبيد الله، أخبر إبن سعد عبيد الله بها وخان مسلماً . *** إما في كربلاء :تعود شهرة ابن سعد إلى مشاركته في واقعة كربلاء . وقد جعلت هذه الحادثة ابن سعد واحداً من الوجوه الكريهة في التاريخ.
كان ثمن قتل الحسين ان يكون واليا على دستبي .. وهذه المنطقة هي سهل واسع بين الري وهمدان ألحق فيما بعد بقزوين، وأمره بالقضاء على فتنة الديلم . فعسكر بداية بأربعة آلاف مقاتل خارج الكوفة .. ثم دعاه ابن زياد لمواجهة الحسين في كربلاء، وقد امتنع في البدء فهدده ابن زياد بأن يبعده عن حكم الري. وقد نسب له هذه الأبيات:
فواللّه ما أدري وإنّي لحائر……….أفكّر في أمري على خطرينِ
أأترك مُلك الريّ والريّ منيتي .. أم ارجع مأثوماً بقتل حسينِ؟
حسين ابن عمي والحوادث جمة ,, ولي بملك الريّ قرّة عينيِ
يقولون ان الله خالق جنة … ونار وتعذيب وغل يدين
فقبل إبن سعد المهمة الجديدة وسار مع جيش قوامه 30 الفا نحو كربلاء، و دخلها
بعث رسول إلى الإمام الحسين ..وهناك بعث قرة بن قيس إلى الإمام الحسين ليسأله عن سبب مجيئه إلى العراق، فأجاب الإمام “كتب إليّ أهل الكوفة في القدوم إليهم، فأما إذ كرهوني فإني أنصرف عنهم”. فكتب عمر بن سعد إلى ابن زياد يبلغه جواب الإمام ، غير أن من حول عبيد الله ممن يرغبون في قتال الإمام ـشمر بن ذي الجوشن منعوه من التساهل معه، فكتب إلى ابن سعد -وكان ابن سعد يميل إلى إنهاء الأمر بالصلح- إما أن تقاتل الحسين أو تسلم قيادة الجيش لشمر بن ذي الجوشن غير أن ابن سعد أجاب شمراً بأنه سيبقى قائداً للجيش، ورمى بأول سهم على الحسين وأنصاره معرباً عن عزمه الراسخ على قتالهم.
*** ويبدو ان هذا المخلوق الشاذ لا توجد في قلبه رحمه .. وجرائمه خلال يوم واحد لا تعد ولا تحصى ..فهو من امر أصحابه بُسحق الأجساد بالخيل. وفي اليوم الحادي عشر من محرم بعد دفن قتلاه سار بجيشه إلى الكوفة وحمل النساء والاطفال اسرى من عائلة الإمام الحسين .ولما قدم إلى عبيد الله بن زياد في الكوفة طلب منه الكتاب الذي كتب له في قتل الحسين ليحكم دستبي , فقال إنه ضاع..
وكان يضع الرجال على المشرعة ليمنع الحسين واطفاله من شرب الماء . وحينما خسر ابن سعد كل شيء قال: “ما رجع أحد إلى أهله بشر مما رجعت به، أطعت الفاجر الظالم ابن زياد وعصيت الحكم العدل وقطعت القرابة الشريفة”.
** كان يتمادى في الاجرام . فقد امر ان تمر النساء على القتلى ,
قال السيِّد ابن طاووس أخذ نعليه الأسود بن خالد ، وأخذ خاتمه بجدل الكلبي ، فقطع إصبعه وهذا اللعين أخذه المختار فقطع يديه ورجليه ، وتركه في ينزف حتَّى هلك .
&** يقول ابو مخنف لما ارتفع صياح النساء صاح ابن سعد : ويلكم اكبسوا احرقوا الأخبية ، فأحرقوها ومن فيها ،فخرجن حواسرَ مسلَّبات حافيات باكيات ،
( نعي )( جلسن عند جسد ابي عبد الله .. سكنه يعمه خل نجعده .. وما بيني وبينك نسنده .. بلجن يفك عينه وننشده … يا جرح ماذيه ومضهده .. تكلها يعمه اشلون اجعده … وشوفي السهم الواكع بجبده .. اثاري لخرز ظهره تعده …
تكلها وهو على هل مده .. نكله الحرم صارت بشده .. خويه اناديك ما يشجيلك انداي .. ولا تسمع اعتابي ونجواي .. بيمن بعد يحسيم منواي .. ظني انكطع وانكطع منواي .. شتهيس يخويه بونتك هاي .. شنهو الذي ماذيك يحماي .. يكلها الظهدني السهم بحشاي .. وندري المصوب ينسكي ماي .. والماي وينه بولية اعداي ..
يكلها اوصيج يا زينب بالعيال .. عينج دحطيها يم الاطفال .. تدريهم اربات ادلال .. ومن الشمس ينرادلهم اظلال .. تلكله بعيني لباريلك اعيالك .. وبروحي لسجنلك اطفالك .. لون الموت يرضى بدالك .. رحنا تره كلنا فدالك .