17 نوفمبر، 2024 7:49 م
Search
Close this search box.

لماذا أنت تمثل الشعب وغيرك لا يمثله؟

لماذا أنت تمثل الشعب وغيرك لا يمثله؟

يظهر مقدم البرامج على شاشة التلفزيون ويصف رأيه الشخصي: أنه نبض الشعب وأنه يعبر عن رأي الجماهير.
يخرج المتظاهر السلمي أو غير السلمي ويقول: أنا الشعب وأنا أمثل الشعب وشعاراتي ومطاليبي تعبِّر عن إرادة الجماهير.
يخرج حامل المولوتوف وهو يحرق مبنى أو يغلق مدرسة ويقول: باسم الشعب وهذا قرار الشعب وحكم الجماهير.
يطلق الشاعر أبياته، ويقول: أنها قصائد تمثل الشعب وتعبر عن إرادة الجماهير.
يخطب السياسي أو الزعيم ويصف مواقفه وقراراته: أنها قرارات الشعب وأنها تمثل الجماهير وتعبر عن إرادتها.
مع بالغ الإحترام لكم أعزائي الإعلامي والمتظاهر السلمي والشاعر والكاتب والناشط الاجتماعي والسياسي والزعيم، والتقدير لمواقفكم الوطنية، وبعيداً عن أحاديث الفساد والفشل والشلل والخلل التي لانختلف فيها، وعن الأحزاب وسلوكياتها، وعن الحكومة وأدائها؛ أطرح عليكم بعض الأسئلة الخاصة بالشعب ومفهومه في إطار مقاربة قانونية:
إن الشعب هو ركن قانوني من الأركان الخمسة للدولة وفق ما يقره القانون الدستوري والقانون الدولي.
والشعب العراقي يتألف من (38) مليون إنسان هم مجموع سكان العراق، من قوميات وأديان ومذاهب وانتماءات اجتماعية وفكرية وسياسية متنوعة، وكلها محترمة.
وأنتم في أحاديثكم تتكلمون باسم الشعب العراقي، وتقولون أنكم تعبرون عن إرادته، وأن مواقفكم تمثل الشعب وقراره.
فهل تقصدون بالشعب في أحاديثكم هم هؤلاء الـ (38) مليون عراقي، أو أغلبهم أو جزء منهم؟ أم تقصدون بالشعب من يتفق معكم في الرأي فقط؟
بأي طريقة عرفتم إرادة هؤلاء الـ (38) مليون لكي تتحدثون باسمهم أو باسم اغلبيتهم؟
هل لديك تخويل منهم أو من جزء منهم؟
وهل أن الآراء و الشعارات والقرارات التي تطرحونها تمثل الـ (38) مليون عراقي أو أغلبهم أو جزء منهم؟
هل تقصدون أن ما ينشر في وسائل التواصل الإجتماعي أو الاتصالات الهاتفية أو التقارير التلفزيونية أو ماتطلقه التظاهرات من شعارات أو ما تطرحه قيادات التظاهرات هي المعبّر الحصري عن آراء وتوجهات ومطاليب (38) مليون عراقي؟
هل أجريتم استفتاءات؟ انتخابات؟ حملات تواقيع؟ ماذا فعلتم لتمنحوا أنفسكم حق تمثيل الشعب وكونكم أنتم الشعب حصراً؟
ولماذا أنتم بالذات تمثلون الشعب؟ لماذا لا يمثله غيركم ممن يحمل آراء مشابهة أو آراء متعارضة؛ كأن يكون س أو ص أو ع ؟
لنفترض أن لدى كل منكم مجموعة أنصار ومؤيدين تتألف من عشرة آلاف أو مائة ألف مؤيد. فلماذا مجاميعكم بالذات هي الشعب وغيركم من المجاميع ليست ضمن الشعب؟
ولماذا مطاليبكم تمثل الشعب ومطاليب غيركم لا تمثل الشعب؟
وماذا عن الملايين الذين لم يشتركوا في مجاميعكم واشتركوا في مجاميع أخرى؟
وماذا عن الملايين الجالسة في بيوتها أو غير الناشطة في حراكاتكم وفاعلياتكم؟ هل هؤلاء خارج دائرة الشعب؟ هل سقطت شروط المواطنية عن هؤلاء لأنهم لم يخرجوا في التظاهرات ولم يشاركوا في الفاعليات؟
هل من حق هؤلاء أن يكون لهم رأي؟ أو أن الرأي خاص بمن يشترك في مجاميع المؤيدين والفاعلين؟
وماذا لو كانت لهذه الملايين آراء تخالف آراءكم؟ هل تسمحون أن نعتبرهم هم الشعب وأنتم خارج إطار الشعب؟
هل من حقكم مصادرة آراء ملايين العراقيين؛ بحجة أنهم لم يعبّروا عن آرائهم؟
وهل عملتم استفتاءات واحصائيات عن آراء ومطاليب ومواقف الملايين الصامتة؟
ربما أعلم مسبقاً إصرار الشعبويين على الأجوبة المستنسخة للشعارات المستهلكة المكرورة، لكن أتمنى على الذين لايمتلكون إلّا أجندة الوطن بالفعل، ويعيشون وهم تمثيل الوطن والشعب؛ قليلاً من التأمل ومراجعة النفس.

أحدث المقالات