17 نوفمبر، 2024 6:36 م
Search
Close this search box.

خيار الانتخابات المبكرة في العراق

خيار الانتخابات المبكرة في العراق

اللجوء الى خيار الانتخابات المبكرة في العراق تدخل ضمن اجندات الحراك الشعبي المتصاعد في العراق، وبعض الجهات الداخلية والخارجية، بعد مرور ما يقارب ثلاثة اشهر من الاحتجاجات الشعبية في العراق، وعاما واحداً على تشكيل الحكومة المستقيلة برئاسة عادل عبد المهدي، وقد يتحول هذا المطلب الى اهم مطالب الحركة الاحتجاجية اذا ما توجت الضغوط الشعبية بتعديل قانون الانتخابات وفقاً لما يرغب به اغلبية المتظاهرين والراي العام المتمثل بقانون الانتخابات القائم على اساس فردي بصورة كاملة ودوائر متعددة وفق النسب السكانية وبما اقره الدستور العراقي النافذ، بمعنى ان الفترة المقبلة سيتجه الحراك الشعبي باتجاه الضغط بإقرار مجلس النواب بالانتخابات المبكرة بعد ان يحل نفسه، او بطلب من رئيس الجمهورية مثلما نصت المادة (64) من الدستور:أولاً:يُحل مجلس النواب، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث أعضائه، أو طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ثانياً: يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، إلى انتخاباتٍ عامة في البلاد خلال مدةٍ أقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل، وما يشجع على هذه الاطروحة ان البديل لرئيس الوزراء المستقل قبل ما يقارب عشرين يوما لم يتوفر فعلى مستوى مرشحي الكتل السياسية يواجه رفضا من قبل المتظاهرين والحراك الاحتجاجي، اذ انهم فقدوا الثقة بالمرة في أي مرشح من داخل العملية السياسية، وبيان ذلك في سقوط الاسماء واحدا بعد الاخر، اما على المستوى الشعبي وان بدا متماسك على مستوى الاهداف الا انه لم يكن متفق في ان يطرح شخصا او عدة اشخاص ليكون بديلا للرئيس المستقيل بصورة خاصة والطبقة الحاكمة الشيعية منها بصورة عامة بحكم بيئة وجغرافية حركة الاحتجاجات، وعليه ستكون امام مرحلين من المطالب هما:
المرحلة الاولى: تعديل قانون المفوضية الانتخابات والنظام الانتخابي
نعرف جيدا ان قانون الانتخابات قبل ان يعدل كان قد اقر في بنوده بان يقسم (مجلس المفوضين) اهم ركائزه على الكتل السياسية، والمكونات العرقية والمذهبية، وبفعل الضغط الشعبي عدل القانون وبموجب المادة (3) توزع مجلس المفوضين على الاتي: أولاً: خمسة من قضاة الصنف الاول يختارهم مجلس القضاء الاعلى من بين مجموع المرشحين مع مراعاة العدالة بين المناطق الاستئنافية. ثانياً: اثنان من قضاة الصنف الاول يختارهم مجلس القضاء الاعلى من بين مجموع المرشحين يرسلهم مجلس القضاء في اقليم كوردستان مع مراعاة توزيعهم على المناطق الاستئنافية في الاقليم. ثالثاً: اثنان من اعضاء مجلس الدولة من المستشارين حصراً والمرشحين من مجلس الدولة يختارهم مجلس القضاء الاعلى. وذهبت الفقرة رابعاً بان يتم اختيار المذكورين في البنود (اولاً وثانياً وثالثاً) بالقرعة المباشرة في مجلس القضاء الاعلى بحضور ممثل الامم المتحدة ومن يرغب من وسائل الاعلام والمنظمات والنقابات، على ان يراعي المجلس وجود المرأة فيه، وبالرغم من ان هذا القانون الغى المحاصصة الحزبية لكنه ابقى على شكل من اشكال المحاصصة المكونانية بتوزيع القضاة على المحافظات ليضمن تمثيل كل المكونات، من جانب ثاني يجري العمل على تعديل قانون الانتخابات بطريقة مختلفة عن قانون سانت ليغو بتعديله الى قانون قائم على اساس فردي ودوائر متعددة لكل محافظة وفق النسب السكانية، واذا ما اقر هذا التعديل نكون قد قطعنا الشوط الاول من مرحلة التغيير المطلوب لكن هذا لا يعني ان هذا القانون اذا ما شرع فانه خالي من العيوب لكنه افضل من سابقيه اذ انه سيساهم من دون شك في صعود المستقلين، ويكون محاسبة النائب من قبل ناخبيه بصورة مباشرة بفعل الدائرة الصغيرة التي ينتمي لها في حين ان قانون سانت ليغو كان يصب لصالح الكتل والاحزاب الحاكمة والمتنفذة وهناك اشكال اخر ايضا من ان يعزز التعديل المقترح من العشائرية قبل وبعد الانتخابات بحكم الطابع العشائري للمجتمع العراقي.
المرحلة الثانية: اختيار رئيس وزراء استثنائي او الذهاب الى الانتخابات المبكرة
من المعروف عن الطبقة السياسية انها تقاسمت السلطة بعد كل دورة انتخابية، وهي اليوم تريد ان تزج بمرشحها لرئاسة الوزراء لما تعده مرشح من داخل العملية السياسية، وان لم تكن منسجمة فيما بينها بحكم الصراع حول الكتلة الاكبر الغامضة دستوريا ولنفترض انها تمكنت من طرح رئيسا للوزراء نال الثقة من قبل مجلس النوب توافقياً، فهنا امامنا سؤالين: الاول هل سيتقبل جمهور المحتجين برئيس الوزراء من داخل العملية السياسية، والسؤال الثاني مدى قدرته على اقناع الجمهور ببرنامجه وخطته في تطوير البلد وانهاء مشاكله، رغم ان ذلك ممكن اذا ما رفعت الكتل السياسية الضغط عنه وبتوفير بيئية قانونية وادارية وسياسية مختلفة، لكن مثلما اشرنا ان الجمهور فقد الثقة بالمرة بالطبقة السياسية، وهنا ربما سندخل بالمرحلة الثانية من الاحتجاجات والاضرابات التي تطالب بحل مجلس النوب واجراء انتخابات برلمانية ولا ننسى ان هناك كتل سياسية كانت قد طرح هذا الخيار ككتلة النصر وسائرون، وكذلك دعم مكتب السيد السيستاني لهذا الخيار ملثما جاء في خطبة الجمعة التي ألقاها ممثله عبد المهدي الكربلائي في مدينة كربلاء:”ان أقرب الطرق وأسلمها للخروج من الأزمة الراهنة وتفادي الذهاب إلى المجهول أو الفوضى أو الاقتتال الداخلي هو الرجوع إلى الشعب بإجراء انتخابات مبكرة”. وبقدر ادراك مساهمة مثل هكذا خيار في تهدية الشارع من قبل المرجعية الدينية فان عدد من الكتل السياسية التي حققت حضوراً برلمانيا مؤثراً تخشى من ان أي انتخابات مبكرة في ظل الوضع الراهن وبكل ما يمثله من نقمة على الاحزاب والكتل السياسية فانه يبدو خياراً كارثياً لهم حتما سيغير شكل الخارطة السياسية والبرلمانية بعد الانتخابات اذا ما اجريت بصورة مبكرة، حيث ستظهر قوى اخرى يسيطر عليها اطروحات ومطالب الجمهور المنتفض ضد الطبقة السياسية لا سيما وان المرجعية الدينية قد اعطت الضوء للنخب الفكرية في طرح برامجها لتصدي للعمل السياسي من اجل بناء البلد.
ومما تقدم يبدو فشل التوافق على رئيس وزراء استثنائي يحظى برضا الجمهور المنتفض يعني ان خيار الانتخابات المبكرة سيطرح بقوة في مرحلة ما بعد تعديل قانون الانتخابات، وستبقى الفترة الفاصلة بين مخرجات انتخابات عام2018والى الانتخابات المبكرة، فترة شتاء ملتهب، تحاول من خلاله كل الاطراف الى كسب تأييد اكبر من قبل الجمهور والراي العام العراقي وطرح شعارات التغيير والاصلاح وما الى ذلك للحصول على مكاسب انتخابية، وقد تتجه بعض الكيانات الى خيارات اخرى كخيار اللجوء الى العنف في هذه المرحلة وهو اكبر تحدي يوجه السلم الاهلي العراقي، وعليه فان خيار سلمية المظاهرات وعقلانيتها وارتباطها بالأهداف الوطنية المحلية ستقلل من مخاطر العنف، كما ان بلورة مشروع وطني سياسي عصري ناضج وقيادات نزيهة ومعرفة سترسم لدى الجمهور والراي العام صورة واضحة عن الاحتجاجات واهدافها ومستقبلها.

أحدث المقالات