التظاهرات والإحتجاجات السلمية يجب أن ترافقها كتابة جماهيرية تعبر عن تطلعاتها , وتقدم رؤية مقنعة بوجه القوى التي تغتصب حقوقها , وتستحضر الإرادة العالمية والإنسانية إلى سوح التظاهرات وميادين الإعتصامات.
فالحركات السلمية المطالبة بحقوقها المشروعة تعتمد على قوة الحق , وما فيه من طاقات وقدرات للتحقق والوصول إلى المرام المنشود من قبل الحشود المتطلعة لحياة أفضل .
ومن المعروف أن التأريخ يحدثنا عن الثمن الباهض الذي يمكن دفعه لإنجاز الأهداف , التي إنطلقت نحوها الجماهير بآليات تفاعلية متنوعة , لكن الطبيعة السلمية للإرادة الشعبية ستصل إلى غايتها حتما وإن طال الوقت وتعثرت الخطوات , وأصيبت ببعض الإحباطات والخسائر والتصديات القاسية.
ولهذا فأن الكتابة الجماهيرية يكون لها حضورها الإيجابي المؤثر في إدامة الهمم العالية , والثبات على الهدف وعدم التراخي والإنهزام أمام قوة السلطة العاتية الضارية , بما تمثله من قسوة وشراسة عدوانية على المتظاهرين , الداعين لتغييرها أو إصلاح مناهج الحكم والقوانين المجحفة.
ومن أهم ما يعين المتظاهرين على المقاومة والصمود والتجدد الثوري والتفاعل الوطني والإيمان بالوصول إلى الهدف , هو الأقلام الجماهيرية التي عليها أن تكتب بمداد ما ينبثق من سوح التظاهرات والإحتجاحات والإعتصامات , لأن في ذلك تعزيز وإسناد للإرادة الوطنية المتدفقة من أعماق الشعب.
وهذه الكتابة تستلزم المهارة والقدرة الفكرية والنفسية الضرورية , للقيام بدورها الصالح المتوافق مع إيقاع تيار التفاعلات اليومية للتظاهرات الشعبية.
ومما يُلاحظ في التظاهرات العراقية التي إنطلقت منذ الأول من تشرين الأول لعام ألفين وتسعة عشر , أنها مؤزرة بأقلام جماهيرية يتم محاصرتها , ويُراد للأقلام المبوّقة للحالة المضادة أن تسود وتتمكن من إحباط القدرات وتثبيط العزائم والتطلعات.
وعليه فالمواقع والصحف الوطنية التي تؤمن بالجماهير وتقف إلى جانبها , دورها تشجيع الكتابات الجماهيرية , والعمل على تحجيم الكتابات المعادية للتظاهرات , والساعية إلى تبرير العدوان على المتظاهرين.
وتبقى مسيرات الجماهير قائدة , والتظاهرات رائدة , وإنها كينونة ثورية ذات إرادة إنسانية , رايتها الحق وشعارها ” أريد وطنا” , ومن واجب الأقلام أن تكتب عنها وحولها وفيها , بمداد التمازج والتوافق والإنطلاق بها ومعها إلى مستقبل زاهر سعيد.
فهل للأقلام أن تكون صامدة؟!!