ضمن الاسلحة التي استخدمتها ابواق الدعايات المغرضة ضد العراق كان سلاح استخدام نشر المعلومات المغلوطة بين الشباب المطالبين بحقوقهم في المظاهرات في العراق . ومن تلك المعلومات التي ركزت عليها ابواق الشر وتم تداولها بكثرة حتى بين الطبقة المثقفة وحتى من اهل القانون هي العلاقة بين المجتمع الدولي والعراق . وقد سبق وان نشرت مقال عن ولاية المحكمة الجنائية الدولية على العراق والذي بينت فيه ان المحكمة الجنائية الدولية ليس لها ولاية على العراق لان العراق ليس من الدول التي صادقت على اتفاقية روما لعام 1998 ، كذلك نشرت مقال اخر اوضحت فيه طبيعة العلاقة بين منظمة الامم المتحدة والعراق وبينت فيه ان الامم المتحدة كمنظمة لايمكنها كمنظمة استنادا الى المادة الثانية من ميثاقها ان تتدخل في المسائل التي تعتبر من ضمن السيادة الداخلية للدول الاعضاء في المنظمة ومنها العراق .
بالرغم من ذلك استمرت الابواق في اللعب على هذا الوتر بل وصل بها الامر الى نشر اخبار عن اصدار مجلس الامن الدولي اصدر قرارا بعدم الاعتراف بالحكومة العراقية بعد ان قدمت ممثلة الامين العام في العراق لتقريرها في اجتماع مجلس الامن الدولي ، من هذا المنطلق يجب توضيح طبيعة العلاقة بين مجلس الامن الدولي والعراق .
مجلس الامن الدولي هو احد اجهزة الامم المتحدة التي تم انشاؤها وفق ميثاق الأمم المتحدة الذي صدر بمدينة سان فرانسيسكو في يوم 26 حزيران/يونيه 1945 . ورد ذكر وتأليفه وفق الفصل الخامس من الميثاق في المادة 23 ويضم خمسة عشر عضوا منها خمسة دائمة العضوية هي الصين، وفرنسا، وروسيا ، والمملكة المتحدة ، والولايات المتحدة الأمريكية وعشرة أعضاء آخرين من الأمم المتحدة ليكونوا أعضاء غير دائمين في المجلس يتم انتخابهم لمدة سنتين . يعمل مجلس الأمن، في أداء واجباته وفقا لمقاصد “الأمم المتحدة” ومبادئها والسلطات الخاصة المخولة لمجلس الأمن لتمكينه من القيام بتلك الواجبات مبينة في الفصول السادس والسابع والثامن والثاني عشرمن الميثاق .
استنادا الى المادة 24 من ميثاق الامم المتحدة قان اعضاء الجمعية العمومية للامم المتحدة بتخويل مجلس الأمن للقيام بالتبعات الرئيسية في أمر (حفظ السلم والأمن الدولي) واعتبروه نائبا عنهم في قيامه بواجباته التي تفرضها عليه هذه التبعات. الا ان ذلك التخويل مرتبط باحترام المجلس للمبادئ الواردة في الميثاق وأهمها: مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ومبدأ المساواة في السيادة وكذا احترام مبدأ السلامة الإقليمية للدول، وهذا ما تم تأكيده في الإعلان الخاص بتعزيز الأمن الدولي الذي اعتمد ونشر بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2734 (الدورة 25) المؤرخ في 16 كانون الأول (ديسمبر) 1970، والذي أكد رسمياً أن على الدول أن تحترم كل الاحترام سيادة الدول الأخرى وحق الشعوب في تقرير مصائرها بأنفسها دون أي تدخل خارجي أو إكراه أو ضغط، لا سيما إذا كان منطوياً على التهديد باستعمال القوة أو استعمالها، بطريقة ظاهرة أو مستترة، وأن تمتنع عن أية محاولة للنيل كلياً أو جزئياً من الوحدة الإقليمية والسلامة الإقليمية لأية دولة أخرى أو بلد آخر؛كما تم التأكيد ان على كل دولة واجب الامتناع عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها. ضد السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي لأية دولة أخرى، وأنه لا يجوز إخضاع إقليم أية دولة لاحتلال عسكري ناجم عن استعمال القوة خلافاً لأحكام الميثاق ولا اكتساب إقليم أية دولة من قبل دولة أخرى نتيجة للتهديد باستعمال القوة أو استعمالها، ولا الاعتراف بشرعية أي اكتساب إقليمي ناتج عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها، وأن من واجب كل دولة الامتناع عن تنظيم أعمال الحرب الأهلية أو الأعمال الإرهابية في دولة أخرى أو التحريض عليها أو المساعدة أو المشاركة فيها
من خلال المحاولات التي بذلها فقهاء القانون الدولي لوضع تعريف عام شامل لمفهوم السلم الدولي يمكن القول انه عبارة عن “حالة من الاستقرار تغيب فيها كافة أشكال العنف المادية ، والمعنوية بين الدول ، كوحدات فاعلة في المجتمع الدولي” . أما الأمن الدولي فيمكن تعريفه بأنه ” الإدراك الواعي لكافة أنواع التهديدات وانتفاءها ، عن وحدات النظام الدولي ومؤسساته ، من خلال مجموع الإجراءات الوقائية ، والعقابية التي تؤدي إلى تحقيقه ، على صعيد الواقع العملي “.
في عام 2004 صدر تقرير فريق الأمين العام رفيع المستوى قامت باعداده ثلة من الخبراء و الشخصيات البارزة من مختلف مناطق العالم، وقد قدم لأول مرة في تاريخ المنظمة الدولية تعريفا لتهديد الأمن الدولي، حيث يعتبرأن ” كل حادثة أو عملية تؤدي إلى وقوع خسائر في الأرواح على نطاق واسع أو الحد من فرص الحياة وتلحق الضرر بالدول بوصفها الوحدات الأساسية للنظام الدولي” هي تهديد للأمن الدولي، وبذلك أصبح حجم الخسائر المادية والبشرية معيار لتكييف عمل ما أو واقع ما على أنه تهديد للسلم والأمن الدوليين . وذكر التقرير ست مجموعات من التهديدات التي يعنى العالم بها وهي:
التهديدات الاقتصادية والاجتماعية بما في ذلك الفقر والأمراض المعدية وتدهور البيئة.
الصراع بين الدول.
الحروب الاهلية .
الأسلحة النووية والإشعاعية والكيميائية والبيولوجية.
الإرهاب.
الجريمة المنظمة عبر الوطنية .
لا يتدخل مجلس الامن الدولي في المسائل المتعلقة بالشوون الداخلية للدول الاعضاء ومنها المظاهرات وقد اثار البعض موضوع القرار 1970 لسنة 2011 الصادر عن مجلس الامن الدولي باعتبار الاوضاع في ليبيا تهديدا للامن والسلم الدوليين الا ان من اثار هذا الموضوع تناسى ان هذا القرار قد صدر في 26 شباط/ فبراير لسنة 2011 والذي سبقه بيومين فقط انشقاق ممثل ليبيا في الامم المتحدة عبد الرحمن شلقم وتوجيهه رسالة الى الامين العام للامم المتحدة يطلب فيها من الامم المتحدة التدخل باعتبار ان الحرب في ليبيا قد اصبحت تهدد الامن والسلم الدوليين .
بالنسبة للحالة العراقية فان مجلس الامن الدولي لم يتحرك لاصدار قرارات ضد العراق الا بعد قيام القوات العراقية بغزو الكويت عام 1990 حيث تم خلال خلال شهر اب من عام 1990 اصدار عدد من القرارات كان اهمها واولها القرار 660 (1990) الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي في جلسته 2932 المنعقدة في 2 أغسطس/آب 1990 والذي نص على إن مجلس الأمن إذ يثير جزعه غزو القوات العسكرية العراقية للكويت في 2 أغسطس/آب 1990.وإذ يقرر أنه يوجد خرق للسلم والأمن الدوليين فيما يتعلق بالغزو العراقي للكويت.وإذ يتصرف بموجب المادتين 39 و40 من ميثاق الأمم المتحدة.
يدين الغزو العراقي للكويت.
يطالب بأن يسحب العراق جميع قواته فورا ودون قيد أو شرط إلى المواقع التي كانت تتواجد فيها في 1 أغسطس/آب 1990.
يدعو العراق والكويت إلى البدء فورا في مفاوضات مكثفة لحل خلافاتها ويؤيد جميع الجهود المبذولة في هذا الصدد, وبوجه خاص جهود جامعة الدول العربية.
يقر أن يجتمع ثانية حسب الاقتضاء للنظر في خطوات أخرى لضمان الامتثال لهذا القرار” .
ثم توالت القرارات ومنها القرار 661: صدر في 6 أغسطس/آب 1990؛ وفرض بموجبه حظر اقتصادي على العراق،والقرار 669 لسنة 1990 يستند الى المادة ( 5) من الميثاق عدم مساعدة للدولة التي يتخذ مجلس الامن قرار ضدها فقد طالب فيه مجلس الأمن جميع الدول بالامتناع عن أية تبادلات تجارية مع العراق، باستثناء الإمدادات الطبية والغذائية.والقرار671, وتم فيها فرض عقوبات على العراق بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة ، والقرار 687: صدر في 3 أبريل/نيسان 1991؛ وطالب بترسيم الحدود بين العراق والكويت من خلال لجنة خاصة بذلك، كما طالب العراق بالكشف عن كافة أسلحة الدمار الشامل التي يملكها وقبول تدميرها، وحظر توريد أية أسلحة أو مواد لها صفة عسكرية للعراق. وشكلت لجنة تفتيش خاصة بأسلحة العراق، وعينت وحدة لمراقبة الموقف بين البلدين.
وكان اخطرالقرارات التي صدرت عن مجلس الأمن الدولي رقم 678، هو القرار المؤرخ 29 / تشرين الثاني / 1990 والذي منح الأذن بموجبه للدول الأعضاء المتعاونة مع حكومة الكويت، ما لم ينفذ العراق في 15 كانون الثاني 1991، أو قبله، ، فوض الجهات المعنية في أتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ القرارات السابقة تنفيذاً كاملاً ، وتنفيذ القرار 660 (1990)، جميع القرارات اللاحقة، ذات الصلة، وإعادة السلم والأمن الدوليين في المنطقة.
وفي عام 1991 صدرت القرارات 706 , 712 /1991 وهو الاشراف الكامل على الموارد المالية العراقية وتحديد احتياجاتها الضرورية .والقرار 778 /192 وهو تخصص مبلغ لتمويل برنامج الاعانة من صندوق التعويضات . في عام 1992 صدر القرار 887 في 2 أكتوبر/تشرين الأول 1992؛ ويدين فيه مجلس الأمن عدم التزام العراق بالقرارات الصادرة عن المجلس، ويؤكد قلقه من تدهور الحالة الصحية والغذائية للسكان المدنيين العراقيين، كما يطلب من العراق أن يعيد جميع الممتلكات الكويتية التي استولى عليها.القرار 968/1995 سمح للعراق يتبع كمية من النفط لمدة 6 شهور لتمويل المشتريات
القرار 887 في 1992 / يرمي مجلس الامن العراق لعدم التزامه بالقرارات القرار 86/1995 مكن العراق من بيع النفط الخام . القرار 1051 في 1996 طلب مجلس الامن البيانات والمعلومات بأية محاولة لبيع او امداد من الاراضي العراقية . وصدر القرار 1143 في 1997 ينفذ احكام القرار 986 لفترة 180 يوما و القرار 1175 في 1998 السماح بتصدير قطع الغياروالقرار 1281 في 1999 مدد قرار بيع النفط مقابل الغذاء والقرار 1284 في 1999 حجز الاموال العراقية في الخارج القرار 1286يشير الى عدم التزام العراق بأعادة جميع الكويتيين لقرار 1302 في 2000 مدد برنامج النفط مقابل الغذاء .
في عام 2013 اصدر مجلس الام الدولي قراربرقم”2107 ” الذي اتخذه مجلس الأمن في جلسته 6990 ،المعقودة في 27/ حزيران يونيه 2013 ، والذي قرر فيه المجلس بموجــب الفــصل الــسابع مــن ميثــاق الأمــم المتحــدة، إنهاء التدابير المنصوص عليها في الفقـرات 2ج و 2 د و 3ج مـن القرار 686 لسنة 1991 ،والفقرة 30 من القرار 687 لسنة 1991 والترتيبات المنصوص عليها في الفقرة 14 من القرار1284 سنة 1999 والتي أعيد تأكيدها في قرارات لاحقة ذات صلة .
في عام 2017 اصدر مجلس الامن الدولي القرار رقم 2390 الذي اتخذه المجلس في جلسته 8126 في 8 كانون الاول 2017 بخصوص اموال العراق المودعة بحساب الضمان ، والذي خلص بموجبه الى ان كل من العراق ومجلس الامن قد نفذا التزاماتهما بموجب قراري مجلس الامن 1958 لسنة 2010 و 2335 لسنة 2016 .
اما عن بعثة يونامي والتي تأسست بموجب قرار مجلس الامن 1500 لسنة 2003 فقد شكلت اساساً لتنسيق الجهود الدولية بعد إسقاط النظام لاشتراك أطراف دولية عدة الى جانب دول الاحتلال امريكا وبريطانيا في أعمال اعادة إعمار العراق .ويتم تمديد عملها سنويا بناء على طلب من الحكومة العراقية .
مما تقدم نخلص الى مايلي :
ان مجلس الامن الدولي هو احد اجهزة الامم المتحدة ويعمل ضمن اطار الميثاق الموسس للمنظمة الدولية ولايمكنه الخروج عن ذلك الاطار .
ان اختصاص المجلس ينحصر في الحفاظ على (الامن والسلم الدوليين ) في العلاقات بين الدول .
لا يتدخل مجلس الامن الدولي في الشؤون الداخلية للدول الاعضاء الا اذا اصبحت تهدد الامن والسلم الدوليين .
ان تدخل مجلس الامن الدولي في العراق كان بسبب غزو العراق للكويت عام 1990 . وبعد ان صدر قرار اخضاع العراق للعقوبات المنصوص عليها في الفصل السابع من الميثاق تم فتح ملفات حقوق الانسان والانتهاكات التي ارتكبها النظام السابق .
ان العراق قد اكمل كافة التزاماته وفقا للقرارات الصادرة عن مجلس الامن الدولي وتم رفع العقوبات عنه منذ عام 2013 .
ان العراق والامم المتحدة انهيا التزاماتهما المادية منذ عام 2017 .
ان بعثة الامم المتحدة في العراق تم انشائها لمساعدة الحكومة العراقية ويتم تمديد عملها سنويا بناء على طلب من الحكومة العراقية .
ان كل من يحاول نشر اشاعات عن العلاقات بين الامم المتحدة والعراق هو اما جاهل مغرر به او انه يحاول اثارة فتنه عن طريق نشر اشاعات ومعلومات مغلوطة .