18 ديسمبر، 2024 9:42 م

العراق فرائسُ”التوتم

العراق فرائسُ”التوتم

بدايةً لابد من معرفة معنى التوتم أو الطوطم
التوتم: هي عبادة وثنية ظهرت في إحدى قرى استراليا ثم انتشرت في بعض قرى أميركا وأفريقيا وماليزيا.
تقوم هذه العبادة على ضرورت أن يسعى المجتمع لإيجاد إلهاً له ينتسب إليه أي يكون بينهم رابطة دم سواء كان هذا الإله نباتاً أو جماداً أو حيواناً. فمنهم من يجعل توتمه الذئب ليدعي أن المجتمع التوتمي كله يشترك مع الذئاب بجدٍ واحدٍ،وأن هذا الجد مقدس لذلك هم يحملون في عروقهم دماءاً مقدسةً، فهم فوق القانون ولايجوز المساس بهم مهما فعلوا.
يزعم المفكر (دور كايم) أن أصل أغلب الديانات هي الديانة التوتمية وفعلاً انتقلت العقيدة التوتمية بشكل ما بأفكارها ومعتقداتها إلى الديانة النصرانية في أوربا فأصبح البابا والكنيسة هم كيان مقدس فوق القانون لايجوز المساس بهم، يجوع الشعب ليشبع البابا وتفتقر الأمة ليزاد البابا ثراءاً ويموت الأطفال ليحيى البابا وحاشيته، إلى أن وصل الحال بالشعوب في أوربا إلى درجة لاتطيق ذلك الظلم والإستعباد والدكتاتورية التي تمارسها الكنيسة فقامت قبيل الثورة الصناعية بالإنقضاض على الكنيسة ومنع البابا من التدخل بالحياة السياسية والإقتصادية وأن يكون الدين منحصراً في الكنيسة،
دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر، أي فصل الدين عن الدولة، وبدأ مفكرون يهيئون لهذه المرحلة فانبرى (أوجست كونت) ليدعي أن الدين هو سبب الفوضى والفساد التي تعم الدول والمجتمعات فلابد من حصره في دور العبادة وعدم السماح له بالتدخل في القوانين أو الدولة وعلى رجال القانون وأهل الإختصاص أن يضعوا قانوناً ينظم أمور المجتمع بما يحقق له التطور الحضاري.
ماتطبقه أميركا وتعده في مطابخها الفكرية والسياسية للعراق هو نسخة من الديانة التوتمية فهي أوجدت توتماً دينياً بإسم الإسلام السني تحت شعار القاعدة وداعش ودولة الخلافة واطلقت يده ليمعن الإجرام والفتك والقتل بالمسلمين السنة حصراً فمن لايبايعهم او يؤيدهم فهو كافر يستحق الرد وهم دائماً على صواب وغيرهم على خطأ فهم حراس المعبد ومن ثم تدمير المدن والبنية التحتية لمناطق السنة وتهجيرهم ثم إطلاق اليد لضعاف النفوس وقليلي الخبرة ليمثلوا الإسلام السني في حكومة فاسدة مما دفع بسنة العراق إلى أن يتشكل عندهم تصوراً ذهنيا خلاصته أن من يمثل الديانة الإسلامية السنية هو توتماً فاسدا قاتلاً لابد من التخلص منه وبذلك حققت أميركا هدفها بفصل الدين عن الفكر الإسلامي السني في العراق، ثم حولت قواعد لعبتها الفكرية لتهاجم الفكر الشيعي الفطري والذي يقوم على حب الحسين وآل بيت النبي رضي الله عنهم أجمعين فأوجدت توتماً يدار من إيران وبإشرافٍ مباشرٍ منها يتمثل بأحزابٍ إسلاميةٍ يمثلها رجال تشبعوا بالأمراض النفسية، أحزاب حاقدة فاسدة سارقة قاتلة جاهلة لاتنتمي إلى الوطن تدعي انتمائها إلى الطائفة الشيعية وتستمد قوتها وتأييدها وديمومتها من قدسية المرجعية الشيعية العليا، لكنها وتحت شعار نصرت الطائفة والت أعداء الأمة وتحت شعار حبهم للحسين رضي الله عنه الذي أبا أن يداهن أو ينافق خانوا المباديء ووصل بهم الحال أن يجودوا بسيف علي رضي الله عنه كهدايا لأعداء الأمة الإسلامية ، اغتنت هذه الحكومة الإسلامية الفاسدة اغتناءاً فاحشاً من بعد فقرٍ متقعٍ واستجداءٍ في الدول وافتقر الشعب، شبعت وأُتخمت بطون أولادهم، ليجوع من يجوع ويهلك من هلك من الأطفال من الشعب ، لتنتفخ بطونهم وبطون أولادهم وتتدلى أردافهم بمال الحرام وليهلك من هلك من أبناء الشعب، هم فراعنة العصر والشعب كل الشعب ينبغي أن يكونوا عبيداً لهذه الحكومة المقدسة وإلا أصابتهم لعنة المرجعية والعمامة السوداء، وكل ذلك بإسم الدين وقدسية المرجعية مما جعل الطائفة الشيعية ذات البعد الديني الفطري (أولاد الخايبة) تنقلب على كل مايأتي بإسم الدين والمرجعية فشرعت بمظاهرات حقيقتها هو الإنقلاب على هذا التوتم المقدس الجشع الذي لايشبع، الذي أهلك الحرث والنسل وأفسد البلاد والعباد بإسم الدين، حتى وصل الحال بتقديم انفسهم قرابين للوطن وللخلاص أمان عصابات الموت التابعة لتلك الاحزاب الحاكمة والتي أخذت تحصد أرواحهم دون أن يرف لهم جفن، فهم المقدسون ولاينبغي لأحد أن يخرج عن طوعهم أو ولائهم.
وهنا حققت أميركا وبمساعدة مباشرة من ملالي إيران هدفها الثاني والأكثر أهمية من إحتلال العراق وسرقت خيراته حيث أوجدت جيلاً كاملاً من المسلمين السنة والشيعة لايتقبلوا أن يكون الدين هو الحكم بينهم ولابد من العودة إلى الحكم العلماني الوضعي كواقع حال للخروج من الأزمة، فهي أي اميركا أخذت الشعب العراقي من حيث يريد (حبه للدين والمرجعية) وانتهت به حيث تريد (هي) أي انقلابه على الدين والمرجعية سواء كانت سنيةً او شيعيةً.
والفضل كله يعود إلى تلك الأحزاب التي تدعي الإسلام زوراً وبهتاناً، الفاسدة التي “قاءتها” مطابخ أميركا علينا وبذلك نجحت أميركا بنقل تجربت أوربا في صراعها مع الكنيسة ولكن ليكون الهدف الآن هو الإسلام.